سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Andy Mukherjee
توصل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي قبل نشوب حرب أوكرانيا بزمن طويل إلى أنَّه يمكن استخدام شبكات البطاقات الدولية كأدوات حكم، كما قال بوجوب توجيه القوة الاقتصادية المتنامية لشعب الهند وعدده 1.4 مليار شخص لمقاومة هيمنة “فيزا”، و”ماستركارد”، و”أمريكان إكسبريس”. قال مودي في خطاب في 2018: “لا يستطيع الجميع أن يرابط على الحدود للحفاظ على أمن الأمة… لكن إن اعتدت استخدام بطاقة “روباي” (RuPay). ستخدم الأمة بذلك”.
“روباي”؛ هي شبكة بطاقات محلية، مثل نظام “مير” الروسية، و”يونيون باي” الصينية، و تروج لها شركة المدفوعات الوطنية في الهند منذ 2012. دعمتها نيودلهي بقوة خلال السنوات القليلة الماضية لدرجة أنَّ القلق دفع “فيزا” لتشتكي للحكومة الأمريكية بسبب عدم تكافؤ الفرص في الهند، وفقاً لتقرير من “رويترز”، كما أنَّ “ماستركارد” تذمرت.
واجهت شركة الخدمات المصرفية والمدفوعات “داينرز كلوب” (Diners Club) التابعة لشركة “ديسكفر فاينانشال سيرفسيز” (Discover Financial Services)، وكذلك “ماستركارد”، و”أمريكان إكسبريس” مشكلة تنظيمية مع بنك الاحتياطي الهندي بشأن قواعد توطين البيانات.
قد يبرز قرار شركات البطاقات العالمية مقاطعة روسيا بسبب غزوها أوكرانيا الاعتبارات القومية، لكن هل يمكن أن تصبح “روباي” بديلاً جدياً؟ قد يتطلب الأمر أكثر من مشاعر حب الوطن للتصدي لمؤسسات المدفوعات الراسخة.
تفادي حجب الخدمة
يعود استياء مودي من الشبكات الغربية، على الأقل، وفقاً لما أعلنه في 2018، لتشاركها على رسوم التعاملات مع جهات أجنبية. لكن في أعقاب تعليق منصات البطاقات وصول العملاء الروس للتجار في الخارج؛ اكتسبت العلاقة بين البطاقات البلاستيكية والسياسية جانباً أكثر خطورة؛ وذلك عبر تفادي حجب الخدمة.
أصدرت “روباي” في ظل رعاية حكومية قوية أكثر من 600 مليون بطاقة، مما أعطاها حصة سوقية تزيد على 60% في الهند في أواخر 2020، مقارنة مع 15% في 2017، وفقاً لبنك الاحتياطي الهندي. لكن معظم الأدوات هي بطاقات خصم مرتبطة بحسابات ادخار لا تتطلب رصيداً كبيراً، وقد أتاحتها حكومة مودي بأعداد كبيرة للشرائح الأكثر فقراً من المجتمع في حملة شمولية، أما نسبة 1% أو 2% من السكان من ذوي القوة الشرائية الحقيقية؛ فليسوا مستعدين بعد للتخلي عن بطاقات “فيزا” أو “أمريكان إكسبريس”.
لن يكون سهلاً جذب عملاء بطاقات الائتمان، الذين أنفقوا 878 مليار روبية (11 مليار دولار) بتعاملات مع التجار في يناير، أي أكثر بنسبة 50% من مستخدمي بطاقات الخصم؛ لأنَّ شرائح السكان المنفقة ترغب ببطاقات مقبولة في الخارج، ولدى مواقع التجارة الإلكترونية. أسست شركة المدفوعات الوطنية الهندية جهة مخصصة لتدويل “روباي”.
يعطي الارتباط الممتد على مدى عقد مع “ديسكفر فاينانشال” بطاقات “روباي” بعض القبول في الأسواق الأجنبية. وصف روجر هوشيلد، رئيس “ديسكفر” التنفيذي في عرض تقديمي للمستثمرين في 2020 التعاون بأنَّه “نجاح هائل”، قال حينها: “نوفر لهم التقنية ليتمكّنوا من الإصدار عبر استخدام نطاق أرقام حساباتنا، ونوفر لهم مواصفات الرقائق، ونقدم لهم اتصالاً تجارياً آمناً عن بعد، فيما يتولون جانب السوق”.
حلول غير مجدية
لكن إن كان الهدف الأساسي هو تقليص تعرض الدولة لاضطرابات خارجية؛ فإنَّ الاعتماد بشدة على تقنية من شركة بطاقات أمريكية أخرى ليس حلاً عظيماً، كما قد لا تعطي شراكة “روباي” الأخرى مع “جيه سي بي انترناشونال” (JCB International) اليابانية الثقل الذي تحتاجه.
لكن لدى الهند ما هو أفضل من البطاقات البلاستيكية، ويمكنها تدويله؛ كواجهة الدفع الموحدة، وهي مرفق عام تشغله شركة المدفوعات الوطنية. تعتمد تقنيتها على الهواتف المحمولة، وتسيطر عليها الهند، وتمرر التطبيقات التي تعتمد عليها مدفوعات للتجار تعادل تعاملات بطاقات الخصم والائتمان مجتمعة. إن أضفنا التحويلات من شخص لآخر؛ تصبح التعاملات أكبر بخمس مرات من مدفوعات البطاقات، كما أنَّها آخذة بالنمو سريعاً. وقّع الذراع الدولي لشركة المدفوعات الوطنية صفقة مع بنك “المشرق” في دبي العام الماضي تسمح لمليوني هندي يزورون الإمارة سنوياً باستخدام واجهة الدفع الموحدة.
يمكن للهند كبديل عن عقد صفقات مع كل دولة على حدة أن تلجأ لحل آخر: “نكسوس” (Nexus)؛ وهو مخطط وضعه بنك التسويات الدولية للمدفوعات عبر الحدود بلا تأخير على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع. يمكن للنموذج الأولي، الذي ساعدت في تطويره شركة المدفوعات الوطنية الهندية والسلطة النقدية في سنغافورة، أن يربط أنظمة الدفع الرقمية الموجودة في أكثر من 60 دولة قابلة للزيادة بالانضمام. لن يكون “نكسوس” مجرد تطبيق آخر، بل قد يصبح شبكة عالمية للمدفوعات ذات قواعد يمكن لأي بلد اعتمادها.
حين أنشأت “باي ناو” (PayNow) في سنغافورة أول رابط عابر للحدود في العالم مع “برومت باي” (PromptPay) في تايلندا العام الماضي؛ أتاحت تحويل الأموال بلا تأخير إلى أرقام الهواتف المحمولة في البلد الآخر. لا يسمح للمستخدمين حتى الآن بالدفع عبر مسح رموز الاستجابة السريعة التي من شأنها أن تجعله مناسباً أكثر للتجار، لكنَّ إضافة هذه الخاصية ليست صعبة جداً في ترتيب يشمل عدّة دول.
قد يكون تخطي البطاقات البلاستيكية، واتباع نهج شبكة مفتوحة عالمية أكثر، مثل “نكسوس”، خطة عملية أكثر على المدى البعيد من استدرار الاعتبارات القومية للتحرر من قبضة منصات الدفع العملاقة. يبلغ العديد من كبار الموظفين في دوائر السياسة الهندية سناً يجعلهم يتذكّرون حمل بطاقات ائتمان صالحة للاستخدام فقط في الهند ونيبال، وقد يكونون حذرين حيال مستقبل معولم يهيمن عليه الغرب، لكنَّهم لن يرغبوا بالعودة إلى ماضي الانعزال.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر