سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Tim Culpan
تتقدم شركات “مايكروسوفت” و”ألفابت” وحالياً “أمازون” في سباق نشر روبوتات الدردشة المتطورة مثل “تشات جي بي تي” (ChatGPT)، لكن لا يزال هناك أحد المنافسين بعيداً عن الأنظار وهي شركة “أبل”، والتي ربما تنتظر كعادتها حتى تنضج هذه التكنولوجيا، لكن الانتظار طويلاً قد يضع صانعة هواتف “أيفون” في موقف يصعب معه اللحاق بالركب.
لا يُعد تطوير الذكاء الاصطناعي أمراً جديداً على الشركة التي تتخذ من كوبرتينو مقراً لها، حيث أصدرت منذ 12 عاماً خدمة المساعد الصوتي “سيري” (Siri)، التي تُستخدم للتعرف على الكلام والتعلم الآلي لفهم الطلب وتنفيذه، كما اشترت أيضاً تطبيق التعرف على الموسيقى “شازم” (Shazam)، ومنشئ المجلات المخصصة “تكستشر” (Texture)، وكلاهما دُمجا في نظام عمل “أبل”.
قال تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، للمستثمرين في فبراير الماضي إن الذكاء الاصطناعي سيكون “محور تركيز رئيسي” للشركة، وأشار إلى الطرق التي تستخدمها الشركة بالفعل لميزات مثل اكتشاف الأعطال في “أبل ووتش” و”أيفون”.
“سيري” مقارنة بـ”تشات جي بي تي”
لكن تقنية نماذج اللغة الكبيرة التي تقف وراء تطبيق “تشات جي بي تي” الصادر عن شركة “أوبن إيه آي” تختلف عما تقدمه “أبل” اليوم. على سبيل المثال: طلبنا من “سيري” و”تشات جي بي تي” تقديم وصفة لعمل كب كيك بالشوكولاتة.
كان رد “سيري” ضعيفاً ومبتذلاً، وهو: “هذا ما وجدته على الويب”، ووفرت ثلاثة روابط من بحث “غوغل”.
أما “تشات جي بي تي” فكان متحمساً بشكل إيجابي، وقال: “بالتأكيد! هذه وصفة لكب كيك الشوكولاتة اللذيذ”، وكان الرد مفصلاً بالكامل مع المكونات والمقاييس وطرق العمل.
تبدو ردود “سيري” محدودة للغاية عند المقارنة بينهما، لأنها مدعومة بنظام قيادة وتحكم يجري برمجته للتعرف على استفسارات معينة مثل، “ما الوقت الآن؟”. أما “تشات جي بي تي” فيبدو أكثر إنسانية لأنه مدعوم بنموذج لغة كبير مُدرّب على إنشاء نص استناداً إلى مجموعات بيانات ضخمة مأخوذة من الويب.
سباق الروبوتات
أدى إصدار “تشات جي بي تي” في نوفمبر الماضي إلى دق ناقوس الخطر في كل من “مايكروسوفت” و”غوغل” التابعة لـ”ألفابت”، مما أشعل السباق لطرح الإصدارات المنافسة الخاصة بهما في السوق.
من جهتها، رخصت “مايكروسوفت” برنامج “جي بي تي-3” لصالحها، وهو نموذج اللغة الذي يدعم “تشات جي بي تي”، فيما قدّمت “غوغل” الروبوت “بارد”، ودخلت “ميتا بلاتفورمز” في المعركة عبر طرح نموذج روبوت دردشة يُسمى “إل لاما” (LLaMA) في فبراير الماضي. وأطلقت “أمازون” هذا الشهر خدمة تُسمى “بيدروك” (Bedrock).
من الوارد جداً أن تكون “أبل” تعمل بهدوء خلف الكواليس حتى تكشف النقاب عن اختراعها. أما السيناريو الأكثر ترجيحاً فهو أن الشركة تركز على منتجاتها المقبلة للواقع الافتراضي والمعزز، والتي من المتوقع إطلاقها في يونيو مع سماعة الرأس التي طال انتظارها، ويُتوقع أن يصل سعرها إلى نحو 3000 دولار.
التعرف على البيانات بالرؤية
خلال الأشهر الستة الماضية يبدو أن “أبل” تجنبت الدخول في سباق “تشات جي بي تي”، وفضلت الاستمرار في تعيين متخصصين في تقنية التعرف على البيانات القائم على الرؤية، بدلاً من الاتجاه لنماذج اللغة الكبيرة، وفقاً لتقديرات شركة التحليلات “غلاس دوت إيه آي” (Glass.ai)، والتي جمعت مؤخراً معلومات عن التعيينات الجديدة لباحثي الذكاء الاصطناعي بشركات التكنولوجيا الكبيرة عبر مسح ملفاتهم التعريفية المنشورة على موقع “لينكد إن”.
التعرف على البيانات باستخدام الرؤية هو أحد مجالات الذكاء الاصطناعي التي تحدد فيها أجهزة الكمبيوتر الصور، وستتوافق هذه الخبرة بشكل أكبر مع عمل “أبل” على سماعة رأس تعمل بالواقع المختلط. ولم ترد “أبل” على طلب للتعليق.
كما أن المبادئ التي تتبناها “أبل” تجعل الدخول في بناء نماذج لغوية كبيرة تحدياً أكبر بالنسبة لها، حيث يستمر المسؤولون التنفيذيون بقيادة “كوك” في رفع شعارات الحفاظ على الخصوصية والأمان، مع تشديد نظام العمل الخاص بالشركة للحد من تدفق البيانات الشخصية.
لكن على النقيض من ذلك، فإن النماذج اللغوية التي تقف وراء “تشات جي بي تي” تُفرغ كميات هائلة من المعلومات –القادمة غالباً من مصادر مجهلة- من أجل محاكاة الإبداع الإنساني. ويُعتبر هذا الأسلوب أمراً بغيضاً بالنسبة لنهج “أبل” الأكثر تحفظاً في جمع البيانات واستخدامها.
رحيل الكفاءات عن “أبل”
ليس هذا فحسب، حيث تخلفت “أبل” عن شركات التكنولوجيا الكبيرة الأخرى أيضاً في توظيف باحثي الذكاء الاصطناعي على مدار السنوات الثماني الماضية، كما أن رحيل عدة موظفين كانوا يشغلون مناصب عليا مؤخراً قد يعيق هو الآخر جهود الذكاء الاصطناعي.
في العام الماضي، رحل عن الشركة مدير قسم التعلم الآلي والباحث الشهير في الذكاء الاصطناعي إيان غودفيلو، بعدما انزعج من عودة الشركة إلى سياسة العمل من المكتب. ويبدو أن “أبل” لم ترغب في أن تكون أكثر مرونة وتحتفظ بـ”غودفيلو”، مع التلميح حينها إلى أن الشركة لا تعطي الأولوية لجهود الذكاء الاصطناعي بدرجة كبيرة.
بعدها فقدت “أبل” أيضاً مايكل أبوت، رئيس قسم الحوسبة السحابية، وهو قسم مهم لبناء ونشر خدمات الذكاء الاصطناعي، وهو ثاني مساعد بارز لرئيس قسم الخدمات، إيدي كيو، يغادر هذا العام.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
إذا اتجهت “أبل” نحو تطوير تقنية “الذكاء الاصطناعي التوليدي”، وهو المصطلح الشامل الذي يشير إلى أنظمة الكمبيوتر التي يمكنها إنشاء نصوص وصور وأصوات، فمن المرجح أن تقوم الشركة بذلك في مجال المحتوى المرئي والصوتي، وربما يكون ذلك من خلال تقديم أنظمة الذكاء الاصطناعي على غرار الصور الخاصة بالعميل أو الموسيقى التي يجري إنشاؤها ذاتياً.
سيؤدي ذلك إلى ربط نقاط القوة الأبرز لشركة “أبل” في مجال بناء التكنولوجيا التي يعتمد عليها المحترفون المبدعون، وتوظيف ذلك في استخدام محتوى مثل الموسيقى والأفلام.
قد لا يكتسب هذا شعبية كبيرة مثل تقديم إجابات وافية عند الطلب، لكنه يتناسب مع استراتيجية أجهزة “أبل” لتقديم خدماتها كوسيط للمعلومات والترفيه، بدلاً من كونها المصدر الأول للمعلومة.
تحسين ابتكارات الآخرين
لدى “أبل” تاريخ طويل من التأخر في الدخول إلى مجالات جديدة، ثم تحسين ما بدأه الآخرون. فعلى سبيل المثال، طورت هواتف “أيفون” الخاصة بالشركة ميزات أجهزة “بلاك بيري”، وارتقت “إيربودز” بخواص سماعات الأذن اللاسلكية.
لكن تلك الجهود ركزت أيضاً على تطوير الأجهزة، وهو المجال الذي تشعر “أبل” فيه براحة أكبر، غير أن إطلاق الخدمات الإلكترونية الرائجة يُعتبر قطاعاً مختلفاً تماماً، لطالما عانت “أبل” فيه، مثلما حدث مع خدمات خرائط “أبل” و”أي تونز”، وبينغ”، والصعوبات المبكرة التي تواجهها الشركة حالياً في إطلاق أعمالها السحابية.
يرجع ذلك جزئياً إلى ثقافة شركة “أبل” المركزية والتي يقودها التصميم، وتركز على تطوير المنتجات، بينما يتطلب إنشاء خدمات عبر الإنترنت على نطاق واسع يمكنها الوصول إلى السوق بسرعة ثقافة لامركزية بصورة أكبر، وتقوم على الهندسة مثل ثقافة “غوغل”. لذا؛ حينما تخلفت شركة محركات البحث العملاقة عن اللحاق بركب “تشات جي بي تي”، اتجهت إلى إطلاق الروبوت المنافس له “بارد” بسرعة ملحوظة.
ختاماً، قد ينتهي الأمر بتركيز “أبل” الواضح على الذكاء الاصطناعي المرئي إلى أن يصبح رهاناً مربحاً، خاصة إذا انطلقت سماعة الواقع المختلط، لكن افتقارها إلى مجموعة كبيرة من ابتكارات الذكاء الاصطناعي، والتضارب بين مديري البرامج التنفيذيين، إلى جانب إخفاقاتها السابقة مع “سيري”، يجعلون هذا النهج المحدود أكثر خطورة من أي وقت مضى.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر