جنوب إفريقيا | مركز سمت للدراسات

نظرة تقيميية لرئاسة جنوب إفريقيا للاتحاد الإفريقي

التاريخ والوقت : الخميس, 10 ديسمبر 2020

ليزل لو فودران

 

من المقرر أن تختتم جنوب إفريقيا فترة عملها كرئيس للاتحاد الإفريقي التي استمرت مدة عام واحد، خلال القمة المقبلة للاتحاد، في فبراير 2021. وكما هو الحال بالنسبة للكثيرين، فإن خططها للاتحاد الإفريقي، والتي تضمنت مبادرة إسكات البنادق، والشمول المالي للمرأة، ودعم تطوير البنية التحتية، كل ذلك قد انحرف عن مساره نتيجة لأزمة “كوفيد – 19”.

لقد تمَّ الاعتراف على نطاق واسع بقيادة الرئيس “سيريل رامافوزا” ونهجه الشامل للتعامل مع جائحة “كوفيد – 19” في القارة. فقد قال مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الإفريقي لمحطة الفضاء الدولية: “إن الجميع ممتنون لأن رامافوزا كان هو من ترأس الاتحاد الإفريقي خلال الجائحة”. فقد عين “رامافوزا” عدة لجان ومبعوثين خاصين للتعامل مع التداعيات الصحية والاقتصادية للأزمة الوبائية، حيث كان هناك ما لا يقل عن سبعة اجتماعات افتراضية لمكتب الاتحاد الإفريقي، مع تمثيل لكل منطقة في القارة الإفريقية. وفي أحدث تجمع عُقِدَ الأسبوع الماضي، أطلق “رامافوزا” فريق العمل الإفريقي المعني بالتوصل للقاحات لضمان حصول البلدان الإفريقية على لقاح مستقبلي، وهو ما يعني ضرورة جمع حوالي 13 مليار دولار أميركي له.

وتمت الإشادة بجنوب إفريقيا لدفاعها عن مخاوف إفريقيا بشأن الجائحة الوبائية في المنتديات الدولية مثل مجموعة العشرين. فإن أحد أسباب النجاح في ذلك يكمن في أن مكافحة فيروس “كوفيد – 19″، تمثل قضية لا جدال فيها إلى حد كبير بين الدول الإفريقية.

وقد كان التعامل مع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لفيروس “كوفيد – 19” مناسبًا أيضًا لتركيز “رامافوزا” على التنمية الاقتصادية في الداخل والخارج. فقد أعطى الأولوية لقضايا السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا بشكل عام والتعامل مع الاتحاد الإفريقي بشأن قضايا التنمية على حساب القضايا الأمنية.

لكن “رامافوزا” لم يحرز تقدمًا كبيرًا فيما يخص قضايا الاتحاد الإفريقي خلال عام 2020. إذ كانت مبادرة إسكات البنادق تهدف إلى خلق ظروف مواتية للتنمية في إفريقيا. كما كان من الممكن أن تكون المنصات عبر الإنترنت سبيلاً لتمكين القادة من عقد اجتماعات القمة والمناقشات العامة حول الأزمات مثل تلك التي حدثت بشأن ليبيا وجنوب السودان، وهما الحالتان اللتان أعطيتا الأولية من جانب جنوب إفريقيا، لكن هذا لم يحدث. فقد خيب رئيس جنوب إفريقيا آمال الكثيرين بتجاهله معالجة انتهاكات الحكم والتراجع الديمقراطي في القارة.

واعتبر “رامافوزا” الاستطلاعات المعيبة في تنزانيا وكوت ديفوار “ناجحة” على الرغم من المخاوف الكبيرة بشأن عدالة هذه العمليات. حتى إنه أعلن انتخاب الرئيس الإيفواري الحالي الحسن واتارا “خطوة إيجابية نحو تعميق الديمقراطية”، وهو ما يوافق عليه القليل من المراقبين.

ولم تفعل جنوب إفريقيا الكثير في دورها كرئيسٍ للاتحاد الإفريقي لدفع العمل بشأن القضايا الملتهبة في جنوب إفريقيا، والتي تؤثر في المنطقة كلها، ولا سيَّما فيما يتصل بالأزمة الاجتماعية والاقتصادية والحوكمة في زيمبابوي والعنف والتطرف في شمال موزمبيق. ويتمتع رئيس الاتحاد الإفريقي بتفويض في طرح بعض القضايا من قبل مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لمناقشتها، وذلك بالاشتراك مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.

أما على مستوى الاتحاد الإفريقي، فمن حق “مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي” (سادك) أن يكون لديها الخيار الأول لاتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به في هذين البلدين. لكن بصفتها رئيس الاتحاد الإفريقي، كان بإمكان جنوب إفريقيا استخدام تفويضها لتقديم ببيانات وخطابات عامة لتسليط الضوء على القضايا، وتنظيم بعثات أو مؤتمرات قمة مشتركة بين الاتحاد الإفريقي ومجموعة سادك، أو تعيين مبعوثين خاصين للتعامل مع هذه الأزمات.

ومن المسلم به أن المنصات الإلكترونية لا تساعد على إجراء مفاوضات حساسة وممارسة ضغوط فعالة على رؤساء الدول الذين يتجاهلون قواعد الاتحاد الإفريقي للسلوك الجماعي. لكن قيود “كوفيد – 19″، لم تمنع التدخل في أماكن أخرى في إفريقيا. فعلى سبيل المثال، يعمل الاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والأمم المتحدة معًا في العديد من الأماكن في غرب إفريقيا للتدخل في الأزمات، مثل تلك الموجودة في مالي وغينيا.

ويتبقى أن نرى هل الأوضاع في زيمبابوي وموزامبيق ستكون على جدول أعمال القمة الاستثنائية الخاصة بشأن مبادرة إسكات البنادق التي ستنظمها جنوب إفريقيا في 5 ديسمبر تقريبًا.

لقد كان لجنوب إفريقيا تأثير على المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، مما يضمن أن الاتحاد الإفريقي، وليس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هو الذي يقود عملية الوساطة. إذ رأس “رامافوزا” ووزير العلاقات الدولية “ناليدي باندور”، العديد من الاجتماعات حول هذه القضية وتمَّ إحضار مساعدين فنيين لتعزيز فرق التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا. لكن الحرب الأهلية التي تشهدها إثيوبيا حاليًا بمثابة انتكاسة لتلك العملية. إذ لم تصدر جنوب إفريقيا بيانًا بعدُ بشأن الأزمة المتصاعدة في البلد الذي يستضيف مقر الاتحاد الإفريقي.

تتمثل إحدى النتائج المباشرة لرئاسة جنوب إفريقيا في سعيها الجديد لضمان وجودها في القيادة العليا لمفوضية الاتحاد الإفريقي. ذلك أنها لديها أربعة مرشحين في الجولة الأخيرة من الانتخابات للمفوضية، والتي ستعقد في القمة المقبلة في شهر فبراير المقبل. ويشمل ذلك اثنين من المرشحين لمنصب نائب الرئيس، والمرشحين لمفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن، ومفوض التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وتستند هذه الانتخابات إلى التمثيل الإقليمي وكذا التمثيل على أساس النوع، إذ يتم تقديم مرشحين أقوياء من دول أخرى في جنوب إفريقيا. ومن غير المحتمل أن تحصل جنوب إفريقيا على أكثر من منصب واحد، لكن هذا سيكون تغييرًا عن السنوات السابقة وهو أمر مشجع بالتأكيد. ومنذ ولاية “نكوسازانا دلاميني زوما” التي استمرت أربع سنوات، كانت البلاد غائبة إلى حد كبير عن مقر الاتحاد الإفريقي.

وعلى المدى الطويل، ينبغي الشعور بتأثير جنوب إفريقيا في الطريقة التي انعقد بها مكتب الاتحاد الإفريقي. إذ أشار إلى تحول بعيد عن الاستخدام المنتظم للاتحاد الإفريقي الثلاثي إلى نظام أكثر شمولاً.

وبالتالي، فإذا عقد رؤساء الدول اجتماعاتهم عبر الإنترنت، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً للتنظيم الشخصي، فمن الممكن أن تؤثر أيضًا على أساليب العمل المستقبلية للاتحاد الإفريقي. ففي العام الماضي، شاركت منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء القارة في أحداث الاتحاد الإفريقي بطرق لم تكن ممكنة من قبل. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى اتحاد إفريقي أكثر تركيزًا على الناس، وهو ما يمثل أحد تطلعات أجندة 2063.

لقد كان الاعتماد على القطاع الخاص والخبراء الفنيين لتعزيز استجابات الاتحاد الإفريقي – أيضًا – سمة مميزة لفترة ولاية جنوب إفريقيا كرئيس للاتحاد الإفريقي. لكن ذلك يعتمد على ما إذا كان لهذه التغييرات تأثير دائم على مدى قبول الرئيس القادم وهو جمهورية الكونغو الديمقراطية. كما سيعتمد ذلك أيضًا على كيفية قيام مفوضية الاتحاد الإفريقي الجديدة بتوجيه قيم الشمولية والشفافية. ولضمان أهمية أكبر للاتحاد الإفريقي، ستكون هناك حاجة إلى تركيز أوضح على الأزمات التي تؤثر في حياة ملايين الأفارقة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مركز الدراسات الأمنية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر