نحو دولة (شابّة) عمرها ثلاثة قرون! | مركز سمت للدراسات

نحو دولة (شابّة) عمرها ثلاثة قرون!

التاريخ والوقت : السبت, 24 يونيو 2017

زياد الدريس

(1)

بعد أن مضت قرون طويلة، والعالم يُحكَم دوماً من لدن الكبار/ الشيوخ/ الحكماء ذوي السنوات الطويلة من الخبرات والتجارب، أصبح الشباب الآن قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمهم القديم بإدارة العالم وفق منظورهم التفاعلي ورؤاهم الديناميكية.

خصوصاً بعد أن قلّصت أدوات الثورة المعلوماتية امتياز (الخبرة المحسوبة بالزمن) إلى (الخبرة المقاسة بالمعلومة).

(2)

التقيت بالأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لأول مرة في العام 2005م، في منزل الوزير الراحل محمد بن أحمد الرشيد، وكان الأمير في مطلع العشرينيات من عمره في معية والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

كان واضحا عليه رغم حداثة سنه حينذاك، التحفز والديناميكية التي كان يبديها في التعليقات على الأحاديث التي كانت تدور حول مائدة الطعام متجاوباً مع أسئلة والده.

بعد ذلك التقيت الأمير الشاب ثلاثة لقاءات رسمية داخل مقر منظمة اليونسكو حين كنت ممثلا للمملكة العربية السعودية لدى المنظمة، كان الأول في العام 2007 حين شارك في الحضور مع أخيه الأكبر الأمير سلطان بن سلمان في افتتاحه معرضاً عن آثار مدائن صالح.

ثم كان اللقاء الثاني في سبتمبر من العام 2014 حين جاء مرافقاً لخادم الحرمين الشريفين في زيارته الميمونة إلى منظمة اليونسكو، وقد كانت أرفع زيارة يقوم بها مسؤول سعودي إلى المنظمة طوال سبعين عاماً من العلاقة الثنائية بينهما.

ثم كان اللقاء الثالث في شهر يونيو من العام 2016 عندما قام الأمير محمد بن سلمان بزيارة خاصة لمنظمة اليونسكو التقى خلالها برئيسة وكبار مسؤولي المنظمة، وقد أكد في ذلك اللقاء اهتمام المملكة العربية السعودية بتمتين العلاقة مع اليونسكو، وأشار الأمير في اللقاء إلى أن من أنصع الأدلة على قناعة المملكة بأهمية المنظمة هو وضعها لأحد الأهداف الأساسية في رؤية السعودية 2030؛ الوصول إلى هدف (رفع أعداد المواقع السعودية المسجلة في لائحة التراث العالمي من 4 الى 10 مواقع)، وذلك بالتنسيق والتعاون الدائم مع المنظمة الدولية.

فيما بين اللقاء الاول في العام 2005 واللقاء في العام 2016 كانت هناك تحولات كبيرة جدا في شخصية الأمير الشاب، رغم قصر المدة الزمنية نسبيا، إلا أن التحولات كانت أكبر بكثير من عدد السنوات التي مضت بين هذين اللقائين.

منذ أن استلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز دفة الحكم في مطلع العام 2015 قام الأمير محمد بن سلمان باستلام العديد من الملفات المعقدة، التنموية والسياسية التي تم بلورتها بعد ذلك بشكل شامل في مشروع (الرؤية السعودية 2030) التي تروم إلى نقل المملكة العربية السعودية إلى مرحلة نوعية متقدمة تواكب التحولات العالمية وتنسجم مع التوجهات الشبابية التي تسود العالم الان، لكن من دون التنازل عن الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية في أول نشأتها منذ ثلاثة قرون. الأسس الحقيقية، لا الأسس الوهمية العائقة عن التحديث والتعددية.

لأجل هذا فإن اختيار الأمير (الشاب) محمد بن سلمان ليكون ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية لم يكن مفاجاة لمن كانوا يتابعون الحراك الذي كان يديره الأمير الفعّال خلال السنتين والنصف الماضيتين.

سيواجه ولي العهد الجديد تحديات قديمة، قد تكون أشد صعوبةً من التحديات الجديدة التي استبق الوصول إليها قبل أن تصله، بحكم خصوصيته الشبابية.

سيكون طاقم المستشارين المخضرم والمتنوع التخصصات والاتجاهات، الذي بدأ ولي العهد فعلياً تكوينه فور تنصيبه، هو الميسِّر لمواجهة التحديات القديمة، بغية الوصول إلى دولة إسلامية عروبية أصيلة لكن متطلعة للعصرنة والتجديد. دولة عريقة/ حديثة، ينوب في قيادتها شابٌ عمره ثلاثة قرون!

كاتب سعودي*

@ZiadAldrees

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر