النفط الصخري | مركز سمت للدراسات

موت الزيت الصخري الأميركي مبالغ فيه إلى حد بعيد

التاريخ والوقت : الخميس, 10 ديسمبر 2020

أليكس كيماني

 

يصادف العام الحالي الذكرى السنوية الخامسة عشرة لازدهار النفط الصخري في الولايات المتحدة، وهي الفترة التي ساعدت فيها تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي بولايات مثل: تكساس، وكولورادو، ونيو مكسيكو، وداكوتا الشمالية، ووايومنغ، في ترسيخ مكانة الولايات المتحدة باعتبارها أكبر منتج للنفط والغاز.

ولسوء الحظ، أدت تكاليف الإنتاج المرتفعة، مقارنة بالحفر التقليدي، إلى قيام القطاع بطباعة الحبر الأحمر باستمرار وأدى إلى تدمير كبير لقيمة المساهمين. كما أدت جائحة “كوفيد ــ 19” والانهيار اللاحق لأسعار النفط إلى زيادة توتر المستثمرين في الصناعة، وصعوبة الحصول على الائتمان، ودعوة قطاع عريض من “وول ستريت” إلى إنهاء هذا القطاع. لكن موت قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة ربَّما كان مبالغًا فيه إلى حد كبير.

ففي حين سجل النفط الصخري في الولايات المتحدة انخفاضًا حادًا في الإنتاج بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط والغاز، قد تكون الصناعة مهيأة للتعافي بشكل أسرع مما كنا نعتقد. فلا مجال إذًا لتغيير الحقيقة، فمنذ نشأتها، كانت صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة تمثل خسارة كبيرة للأموال.

لقد كشف تقرير صادر عن شركة “ديلويت” Deloitte في يونيو أنه خلال 15 عامًا من وجودها، تمكنت صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة من شطب مبلغ كبير جدًا قدره 450 مليار دولار من رأس المال المُستَثمَر مع توليد 300 مليار دولار من صافي التدفق النقدي السلبي. وعلاوة على ذلك، فقد سجل القطاع أكثر من 190 حالة إفلاس منذ عام 2010، وهي أعلى نسبة إفلاس من أي قطاع في الولايات المتحدة. لكن الجائحة لم تؤدِّ إلا إلى جعل الوضع أكثر سوءًا وفقًا لشركة “ديلويت”.

فصناعة النفط تشهد حاليًا ضغطًا كبيرًا؛ إذ يتم تقييد مساحة الشركات للمناورة بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية، وانخفاض الطلب، وقيود رأس المال، وأعباء الديون، والتأثيرات الصحية لجائحة “كوفيد – 19” العالمية، وذلك بخلاف الفترات التي شهدت انكماشًا سابقًا. إذ تبدو هذه التأثيرات متزامنة في الوقت الراهن، وهو ما يخلق مستوى أعلى من مخاطر الإفلاس التقني، كما يؤدي إلى ضغط شديد على الصناعة.

ومع ذلك، فإن قطاع النفط الصخري أشبه ما يكون بمن يرقد على فراش الموت كما يتم تصويره في بعض الدوائر. إذ يبلغ وصل النفط الصخري الأميركي إلى سعر التعادل التقديري في نطاق 60 دولارًا إلى 65 دولارًا، وهو أعلى بكثير من سعر خام غرب تكساس الوسيط الذي يدور حاليًا بمنتصف الأربعينات. وقد أثرت أسعار النفط المنخفضة تاريخيًا – بالتأكيد – على الإنتاج، حيث ضخ حوض “بيرميان” في تكساس 4.49 مليون برميل يوميًا في سبتمبر بانخفاض من 4.9 مليون برميل في مارس. ومع ذلك، فإن الرقم الذي تحقق في سبتمبر إنَّما هو في الواقع أعلى من أي شهر قبل سبتمبر 2019. وفي الواقع، كان الانخفاض في إنتاج “بيرميان” أقل حدة مقارنة بالتخفيضات التي أجرتها دول مثل المملكة العربية السعودية وروسيا. وفي الواقع، قد يكون الأسوأ قد انتهى بالنسبة إلى رقعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة بفضل طوفان من لقاحات” كوفيد – 19″ التي وصلت فقط عندما كانت الموجات الثانية والثالثة والرابعة من العدوى تجتاح العالم وتسبب اليأس على نطاق واسع.

لقد أصبحت المملكة المتحدة أول دولة في العالم توافق على لقاح شركة فايزر Pfizer-BioNTech BNT162b2، الذي ثبت أنه يوفر حماية تصل إلى 95٪ ضد “كوفيد – 19”. وستتوفر أول 800 ألف جرعة في البلاد ابتداء من الأسبوع المقبل، مع 40 مليون جرعة أخرى عند الطلب.

كما أن هناك أخبار سارة، إذ يمكن للولايات المتحدة قريبًا أن تحذو حذو المملكة المتحدة بموافقة إدارة الغذاء والدواء التي توزع ما يكفي من لقاح شركة فايزر لتحصين 100 مليون شخص، أو ثلث سكانها بحلول نهاية فبراير. إذ إن هناك ما لا يقل عن خمسة لقاحات واعدة مرشحة أخرى من شركات: موديرنا، وجونسون آند جونسون، وأسترا زينيكا، وكوريفاك، وسانوفي جلاكسو سميث كلاين، قيد الإعداد بالفعل.

علاوة على ذلك، يقول تقرير حديث لمؤسسة “بلومبيرغ لتمويل الطاقة الحديثة” Bloomberg New Energy Finance  إن تكاليف إنتاج النفط الصخري آخذة في الانخفاض، حيث تعمل شركاتE&P في حوض الولايات المتحدة الأقل تكلفة، مثل “بيرميان” و”ديلاوير”، حيث سجلت مستويات تعادل “سالب 33 دولارًا للبرميل”، انخفاضًا من 40 دولارًا للبرميل منذ عام.

في تقرير سابق، توقعت وكالتا “سيتي جروب” Citigroup و”جولد مان ساكس” Goldman Sachs  أن تصل أسعار النفط إلى 60 دولارًا للبرميل بحلول نهاية عام 2021. وبالنظر إلى الفعالية العالية التي أظهرتها لقاحات “كوفيد – 19” حتى الآن، لا يتفاجأ المرء إذا توقع بنك أميركا أن تصل أسعار النفط إلى 60 دولارًا خلال النصف الأول من عام 2021. بعبارة أخرى، يمكن لغالبية شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة أن تجعل التدفق النقدي إيجابيًا في غضون أشهر. وقد يكون قطاع النفط الصخري الأميركي متراجعًا، ولكنه ليس على وشك الخروج بأي حال من الأحوال. وتعرف شركات النفط الصخري ذلك، فقد كانت منشغلة في تعزيز عملياتها حتى تكون مستعدة بشكل أفضل لاستعادة أسعار النفط.

إنه لم يحن الوقت لأن يفاجئنا النفط الصخري حتى الآن. إذ لا يرتبط ارتفاع أسعار النفط بالتأثير الهائل على طلب اللقاحات تمامًا الذي أحدثه فيروس كورونا، فهناك فترة زمنية في هذا السياق. لكن إذا استفاد قطاع النفط الصخري الأميركي الدرس حول المرونة، يمكننا أن نتوقع بعض النمو الحقيقي الذي يركز على القيمة بمجرد أن يهدأ الغبار عن أزمات متعددة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمرك؛ز سمت للدراسات

المصدر: The Oil Price

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر