من يحاسب الـ”واشنطن بوست”؟ | مركز سمت للدراسات

من يحاسب الـ”واشنطن بوست”؟

التاريخ والوقت : الأحد, 30 ديسمبر 2018

أمجد المنيف

 

فُوجئت الأوساط الصحفية على المستوى العالمي، الأسبوع الماضي، بالمعلومات الخطيرة التي كشفتها صحيفة “واشنطن بوست” ، مشيرةً إلى أن مقالات جمال استخدمت مساحاتها كجزء من حملة دعائية تقودها قطر، من خلال “ماغي ميتشل سالم” المدير التنفيذي لمؤسسة قطر الدولية في العاصمة الأميركية واشنطن.

ومن المثير أن ردَّ فعل صحيفة “واشنطن بوست” على واحدة من أكبر الفضائح الصحافية كان متراخيًا؛ إذ لم تعلن أي نوع من التحقيقات، ولا حتى نيتها بفعل ذلك. فقد تعاملت الصحيفة، حرفيًا، مع هذه المعلومات كأخبار عاجلة أو سبق صحفي بدلاً من أن تنظر إليها كعملية اختراق من قِبَل دولة أجنبية.

لطالما تبنَّت “واشنطن بوست” شعارات حماية الصحافة وحقوق الصحفيين، إلا أنها بسكوتها عن هذا الاختراق، تناقض ممارساتها على أرض الواقع، وتنتهك القيم التي كثيرًا ما وعظت المجتمعات والدول عنها؛ وهو الموقع الذي يحتم عليها أن تقول شيئًا ما وتبدي ردَّ فعل على كونها مخترقة من قبل بلد أجنبي مثل قطر أو لا.

ووفقًا لما كشفت عنه “واشنطن بوست” أخيرًا، فإن هذه القضية يمكن أن تقع تحت طائلة المساءلة القانونية بموجب قانون “تسجيل الأجانب”، لأنه يمثل مصالح أجنبية على أراضي الولايات المتحدة، ويتحتم معه الإفصاح عن علاقة ممثلين يعملون على أراضيها بقوى خارجية تعمل لصالحها، كما تتضمن – أيضًا – الإفصاح عن كافة المعلومات والدعم المالي في هذا الصدد.

لا يمكن لصحيفة “واشنطن بوست” أن تختفي بكل بساطة خلف شعارها المثير الذي تطرز به واجهتها “الديمقراطية تموت في الظلام”، إذ لم تستطع حتى الآن أن تثبت مدى اتساقها مع ذلك الشعار. فالصحيفة الأميركية عليها أن تبدأ تحقيقًا في هذه القضية، وتحديدا مشروع الدعاية القطرية بالعاصمة الأميركية، واشنطن. فالصحيفة في حاجة لأن تثبت أنها لا تزال تسير على نفس المبادئ التي قادت إلى كشف فضيحة “ووترغيت”، وأوراق البنتاغون، والحقبة المكارثية، أو لن تكون مختلفة عن أي منصة تستغلها أدوات دعائية تتعلق بقوى خارجية، مثل: قطر وأردوغان تركيا.

لقد أعلن السعوديون التزامهم الجاد في قضية مقتل خاشقجي، وعبروا – بشكل راسخ – حرصهم على تقديم المتورطين للمحاسبة. لكن “واشنطن بوست” لا تزال تعمل على شيطنة السعوديين بغض النظر عمَّا يفعلونه لخدمة العدالة في قضية خاشقجي، وهذا الموقف من الصحيفة يجعل موقفها يبدو متسقاً بوضوح مع صمتها بشأن كيف تمَّ اختراقها وتوظيفها من قبل قطر و”ماغي ميتشل سالم” عبر المساحة التي مُنِحَت لخاشقجي في “واشنطن بوست”.

إن صدمة مجتمع الإعلام العالمي، الأسبوع الماضي، بشأن ما تمَّ الكشف عنه من استغلال حكومة أجنبية لمقالات كاتب في “واشنطن بوست”، سوف تُبقي التساؤل قائماً عن موقف الصحيفة، وهل سيكون لديها رد فعل للحفاظ على مكانتها في ميدان حرية الصحافة ولخدمة شعارها “الديمقراطية تموت في الظلام؟

 

مدير عام مركز سمت للدراسات، وكاتب سعودي*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر