من التصعيد إلى الدعوة للحوار | مركز سمت للدراسات

من التصعيد إلى الدعوة للحوار

التاريخ والوقت : الإثنين, 31 يوليو 2017

زينب إبراهيم

 

بعد مرور أكثر من شهر من الصمت على الأزمة القطرية، وجَّه الشيخ تميم آل ثاني، خطابه الأول الذي جاء توقيته سابقًا لجولة أردوغان – الفاشلة – التي ربَّما تعكس التأثير التركي على الدوحة, وأيضًا بعد رفض وزراء خارجية الدول المقاطعة (المملكة العربية السعودية, والإمارات العربية المتحدة, ومملكة البحرين، وجمهورية مصر) لمذكرة التفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب الموقعة من قبل قطر.
جاء الخطاب، منذ بدايته، مخيبًا للآمال بلغته ومضمونه لمن كان يأمل حلاً سريعًا للأزمة وانتهاءها؛ لما يحمله من لغة التصعيد والتهديد والتحدي الكامل والواضح في مواجهة ما أسماه بالحصار من قبل الدول الأربع المقاطعة.
فقطر بدأت منذ بداية الأزمة باللعب بالمصطلحات وتسمية المقاطعة بالحصار! فالحصار هو فرض طوَّق كامل على قطر، وإغلاق المنافذ الدولية، ولَم تعرف البضائع التركية لها طريقًا .

استهلَّ الشيخ تميم خطابه للشعب القطري، ساعيًا إلى طمأنته عن الأوضاع الحالية والتوجهات المستقبلية لقطر في ظل استمرار الأزمة، وظهر إسهابه جليًا في تمجيد الشعب القطري لصموده ضدها، إضافة إلى تصعيد الأزمة وتسميتها بحصار قطر، ونعته للدول العربية بسوء الجوار؛ ليتبين للمستمع أن الخطاب، ليس المراد منه التصعيد فقط، وإنما هو بمثابة رسالة إصرار وتحدٍّ بالصمود القطري ضد المقاطعة وضد البنود الثلاثة عشر التي وضعتها الدول الأربع شرطًا لإنهائها. وهذا يؤكد تحدي دول الجوار ونعتها بكل ما هو سلبي وبعيد عن الصواب والترحيب وتوجيه الشكر للدول التي فتحت مجالاتها الجوية والبحرية لقطر، قاصدًا بذلك – بكل تأكيد – إيران, فلا مجالات جوية ولا بحرية مع غير الدول الخليجية والمجاورة إلا إيران؛ في حين أغلقتها دول الجوار الشقيقة؛ وهو بذلك نسب كل ما هو سلبي للدول العربية وثمَّن الاقتصاد التركي، والإيراني العسكري، مشددًا في الوقت نفسه على حرية قطر واستقلاليتها بينما تسعى إيران إلى تخريب المنطقة. إضافة إلى تطرق الخطاب للقوة الناعمة القطرية، وادعائه تمتع قطر بحرية الرأي والرأي الآخر، وحرية التعبير المتمثلة بقناة الجزيرة القطرية.

واتجه في خطابه إلى تجاوز الأزمة الحالية، والقفز للأمام بوعوده التنموية للشعب، باستغلال الأزمة لتنمية قطر فكريًا وعلميًا وثقافيًا، وتقويتها اقتصاديًا، محاولاً بذلك تحدي الوضع الحالي الذي يواجهه الشعب القطري نتيجة للمقاطعة وتجاوزه إياه. واقعيًا هو بذلك يسعى لتحوير حقيقة المقاطعة وتصويرها على أنها فرض الوصاية والإملاءات على قطر، والتحكم بسيادتها وسياستها الخارجية، والسعي لإغواء الرأي العام.

نعم، الجميع يتفق على أن لقطر حق الحرية في سيادتها وسياستها الداخلية والخارجية باستثناء تدخلها في سياسة الدول العربية والخليجية وشؤونها الداخلية، وسعيها لتمويل الإرهاب وزعزعة أمنها الداخلي, وهذا كان السبب الرئيسي من فرض المقاطعة على قطر.
جاء الخطاب الأول على غير المتوقع بلغته التصعيدية للأزمة، وكأنه يوحي – بدايةً – بقرارات اتخذتها قطر تجاه المقاطعة، لكنه لم يحاول بخطابه دعوة أمير الكويت لاستمرار وساطته ومساعيه لحل الأزمة لا تصعيدها، واكتفى بشكره فقط. وهذا – ربَّما – يدل على نية قطر عدم السعي محاولةً لحل الأزمة وإنهاء المقاطعة بسلام. لذلك لم تكن الدعوة للحوار المشروط في نهاية الخطاب متوقعة بعد طغيان لغة التصعيد والتهديد من خلال تكراره كلمة حصار وتبيان الغرض منه برأيه، متجاهلاً مطالب الدول الخليجية والعربية والمحيط الدولي لوقف تمويل ودعم الإرهاب. فبعد هذا التصعيد أصبحت الدعوة للحوار تعجيزية، كما جاءت البنود الـ 13 تعجيزية لترفض، في نظر قطر. وكأن الخطاب جاء بلا معنى يهدف إليه.
ما يؤمَّل من قطر ومن الشعب القطري الشقيق، معرفته بأسباب المقاطعة، وهي محاولة لإعادة قطر إلى جادة الصواب إلى مكانها الطبيعي بين شقيقاتها دول الخليج، وإفشال كل محاولة لاتخاذ قطر وسيلة، أو جسرًا للوصول للدول العربية والخليجية، وزعزعة أمنها الداخلي.
باحثة في الشأن السياسي*
[email protected]

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر