سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
حامدي طاعتي
في ذكرى اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الإيرانية تنتهك بشكلٍ منهجيٍ الحظر المطلق لممارسات التعذيب وغيرها من أشكال سوء المعاملة من خلال الممارسات القاسية التي تستهدف أفراد أسر آلاف السجناء الذين اختفوا قسرًا وأُعدموا خارج نطاق القانون في السجون بجميع أنحاء إيران خلال مذبحة عام 1988.
وبعد ثلاثة عقود من الاختفاء القسري وقتل آلاف من المنشقين السياسيين سرًا على أيدي السلطات الإيرانية وقيامهم بإلقاء جثثهم في مقابر جماعية، يتواصل التعذيب الذي يلقاه أقارب الضحايا، في وقت ترفض فيه السلطات الإيرانية الكشف عن أوقات وطرق وأسباب قتل الضحايا. وقد أشارت إلى ذلك جماعات حقوق الإنسان على مواقعها الإلكترونية في 26 يونيو 2019، حيث تمَّ دفن أفراد الأسرة الذين سعوا إلى تتبع الحقيقة واتباع العدالة، كما أنهم يتعرضون للمضايقات والترهيب والاعتداء.
يقول “فيليب لوثر”، رئيس الأبحاث بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، إن السلطات الإيرانية رفضت بشكل مستمر الاعتراف بعمليات القتل، أو الكشف عن مصير ومكان وجود الأشخاص الذين اختفوا قسرًا وقُتِلُوا، بل إنها تفرض حصارًا شديدًا على أفراد الأسر الذين ما زالوا يُطَاردون طول الوقت في ظل عيشهم في حالة ظلمٍ وعدم يقين بشأن مستقبل أبنائهم.
ويضيف “فيليب” أن “المعاناة التي تلحق بأسر الضحايا على مدار أكثر من 30 عامًا، تتجاوز الحظر المطلق على التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية بموجب القانون الدولي”. كما أشارت جماعات حقوق الإنسان إلى أن التعذيب وغيره من الأعمال اللاإنسانية ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، حيث تشكل جزءًا من انتهاك منهجي واسع النطاق.
وتقول عائلات الضحايا اللاتي التقت بهن منظمة العفو الدولية إن حياتهن ما زالت تسيطر عليها حالة الكرب وعدم اليقين. كما قال الكثيرون إنه بدون وجود هيئة تدافع عنهم، فإنهم يظلون في حالة من الجمود، غير قادرين على تصديق بأن أبناءهم وأحباءهم على قيد الحياة.
وفي عدد من الحالات، قال الأقارب إن حالات الاختفاء القسري والقتل السري تسببت أو ساهمت في مشاكل صحيةٍ وجسديةٍ وعقليةٍ يعاني منها آباء الضحايا، بما في ذلك النوبات القلبية والاكتئاب والأوهام والميل نحو الانتحار.
لقد تفاقمت معاناة العائلات بسبب الحملة المستمرة للسلطات الإيرانية التي تتنكر فيها لعمليات القتل الجماعي والقضاء على الذاكرة الجماعية للضحايا من التاريخ الرسمي. وقد شمل ذلك، من بين ممارسات قاسية أخرى، عدم السماح بإصدار شهادات الوفاة للضحايا للكثير من الحالات، وتزويد أهاليهم بشهادات تؤكد ما إذا كانت وفاة أبنائهم طبيعية أو نتيجة مرضٍ. كما رفضت السلطات الاعتراف بوجود أي مقابر جماعية تحتوي على رفات السجناء الذين قُتلوا، بينما تعمدت تدمير مواقع المقابر الجماعية المشتبه فيها، أو المؤكدة عن طريق هدمها، أو بناء المباني، أو إنشاء الطرق، أو حتى المقابر الجديدة فوقها. بالإضافة إلى ذلك، فقد تمَّ منع إقامة أية عزاء أو حتى النقاش العام حول عمليات القتل الجماعي للسجناء، كما سعت إلى التقليل من شأن ذلك الأمر باعتبار أن عدد القتلى “منخفض” أو “غير مهم”.
لقد كشف تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في ديسمبر 2018، عن أسرار مرتبطة بالحملة الواسعة النطاق والممنهجة في الماضي والحاضر بما في ذلك الإخفاء المستمر لمصير ومكان عمليات القتل السري خارج نطاق القضاء لعام 1988، حيث تورطت السلطات الإيرانية في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاختفاء القسري والاضطهاد والتعذيب وغيرها من الأعمال اللاإنسانية. كما دعا التقرير الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل في حالات الوفاة لإثبات الحقيقة، وتمكين محاكمة المشتبه فيهم في إطار من توفير العدالة والتعويضات للضحايا، بما في ذلك عائلات الآلاف الذين قُتلوا.
ووفقًا لـ”فيليب لوثر” فإن “الفشل في تقديم أي شخص للعدالة بسبب المذبحة الوحشية التي تعرض لها الآلاف الذين اختفوا في عام 1988 لا يؤدي إلا إلى تفاقم آلام عائلات الضحايا؛ ذلك أن آلامهم لن تتوقف حتى يتم الكشف عن الحقيقة الكاملة حول تلك المذابح من خلال لجنة تحقيقات تشمل خبراء مستقلين يستخرجون الجثث من المقابر، ويقومون بإجراء تشريح الجثث وتحليل الحمض النووي، وتسهيل إعادة رفات الضحايا المتوفين لأفراد أسرهم.
ووفقًا للتقرير الصادر عن المنظمة الحقوقية، فإنه في أواخر يوليو 1988 تعرض الآلاف من المعارضين السياسيين المسجونين للاختفاء القسري. وكذلك منذ أواخر شهر أكتوبر 1988 يتم استدعاء العديد من العائلات وإبلاغهم بموت أبنائهم، كما أنه في بعض الأحيان يتسلمون مستحقاتهم بكل بساطة، دون أية تفاصيل حول كيفية إعدامهم أو سبب ومكان دفن جثثهم. وفي بعض الحالات، لم تكن الأسر على عِلمٍ أبدًا بموت أبنائهم.
أمَّا بالنسبة لموقف منظمة العفو الدولية من الانتهاك الممنهج للحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة الذي تمارسه السلطات الإيرانية، فتدعمه العديد من آراء الخبراء في هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بشأن تأثير حالات الاختفاء القسري على أقارب الضحايا.
لقد أدرك الفريق التابع للأمم المتحدة والمعنيّ بحالات الاختفاء القسري، أن حالات الكرب والمعاناة التي تلحق بالأسرة نتيجة لاختفاء أحد أبنائهم واستمرار حالة عدم اليقين بشأن مصيرهم أو مكان وجودهم، “تصل إلى حد التعذيب”.
كما أدركت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن المعاناة التي تتعرض لها الأسر بسبب اختفاء أبنائها، والسرية المحيطة بتاريخ الإعدام ومكان الدفن، ورفض تسليم الجثث لدفنها، تعدُّ بمثابة عقاب للأسر، كما أنها تتسبب في ضائقة بالنسبة لهم، وهو ما يعدُّ انتهاكًا للحظر المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
كانت المذبحة وقعت في صيف 1988 بعد أن أصدر المرشد الأعلى للنظام الإيراني، روح الله الخميني، فتوى سرية يأمر بإعدام جميع السجناء الذين ظلوا “صامدين” في دعمهم لجماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة الرئيسية في إيران.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر