متحور دلتا من فيروس كورونا | مركز سمت للدراسات

مع انتشار “دلتا”… ماذا تعني مناعة القطيع؟

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 10 أغسطس 2021

 Sam Fazeli

 

رفع ظهور “دلتا” سريع الانتشار مستوى البداية في الوصول إلى “مناعة القطيع” من الفيروس إلى أكثر من 80%، مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت تبلغ نحو 60٪، حسبما قال مسؤولون في جمعية الأمراض المعدية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي.

وحول هذا الموضوع، يجيب سام فاضلي -وهو أحد كتاب “رأي بلومبرغ”، ويغطي صناعة الأدوية في “بلومبرغ إنتليجنس”- على الأسئلة التي تدور حول هذا التطور، ومفهوم مناعة القطيع. وقد جرى تحرير المحادثة وتكثيفها، كالآتي:

ما هي مناعة القطيع، وكيف يتم الوصول لها؟

أبسط تفسير هو أن عدداً كافياً من الناس يكون لديهم مناعة ضد الفيروس، إما من خلال التطعيم أو العدوى السابقة، بحيث تنقطع سلسلة الانتقال. بهذه الطريقة، يتم حماية المجتمع بأكمله.

وحول ما تعنيه عبارة “امتلاك عدد كاف من الناس لمناعة”؟ فهذا السؤال تبلغ قيمته 64 مليون دولار، مع إجابة معقدة تختلف من فيروس إلى آخر، أو بعبارة أفضل، من سلالة إلى أخرى عندما يتعلق الأمر بكوفيد- 19.

وبالتعمق أكثر، سنجد أن تحديد مستوى المناعة المطلوبة للوصول إلى المستوى السحري لـ”مناعة القطيع”، في أبسط أشكالها، يتم من خلال مجموعة من العوامل، التي تكون مترابطة في كثير من الأحيان، وهي: مدى سهولة انتقال الفيروس من شخص لآخر في غياب المناعة، وإذا ما كانت مناعة الشخص المصاب -سواء تشكلت من خلال لقاح أو عدوى سابقة- قوية بما يكفي لخفض الحمل الفيروسي للدرجة التي تمنع انتقال الفيروس، وما إذا كان الفيروس يتغير استجابة لمناعتنا، ودرجة تضاؤل ​​المناعة بعد الإصابة أو التطعيم؛ وسلاسة طرح اللقاح، فعلى سبيل المثال، إذا كانت اللقاحات منخفضة في منطقة ما، فهناك خطر من عودة الفيروس إلى المجتمع الذي حقق مناعة القطيع.

في مرحلة ما، كان يُعتقد أن مستوى 70% مناعة يمكن أن يُخرجنا من أزمة كوفيد. ما الشيء المميز في سلالة “دلتا” الذي جعل هذا الرقم يرتفع كثيراً؟

في الواقع، بدت إسرائيل كما لو كانت قضت على الفيروس تقريباً في شهر يونيو الماضي، عندما كان معدل التطعيم لديها حوالي 60٪ فقط. لكن بعد ذلك ظهر “دلتا” وتغيَّرت الأمور. لماذا؟ لأن متحور “دلتا” يغيِّر بعض العناصر التي تدخل في الصيغة.

وهو، أولاً: يصيب الحمل الفيروسي الأولي بنسبة أعلى بكثير، مما يعني أنه من الأسهل بكثير انتقاله من شخص لآخر.

ثانياً: يصعب إلى حد ما على الأجسام المضادة التي تولِّدها اللقاحات تحييد دلتا. ثالثاً: قد تكون الكمية العالية مبدئياً من الفيروس التي يواجهها الشخص المصاب (الجرعة الفيروسية) مرتفعة جداً بحيث لا توجد مناعة كافية في الجهاز التنفسي للشخص المحصَّن لمنع إصابته (رغم ذلك، لاحظ أن هذا الأمر لا يزال يحتاج إلى إثبات).

أخيراً، قد تكون كمية الأجسام المضادة لدى بعض الأشخاص الذين حصلوا على التطعيم قبل 6 أشهر قد تقلصت. كل هذا يؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي: أنه من الأسهل الإصابة بدلتا. وهذا هو السبب في أنك تسمع حالياً عن الحاجة إلى مستوى مناعة مبدئي أعلى لتحقيق مناعة القطيع.

هل يمكن لمناعة القطيع أن تنهي تهديد كوفيد -19؟

سأجيب عن هذا بـ”نعم”، لكن كل هذا يتوقف على تعريفك لمصطلح “تهديد كوفيد- 19”. لست متأكداً من أنني اعتقدت يوماً أنه يمكننا بالفعل الوصول إلى مناعة القطيع ضد العدوى بالفعل، لكن يمكننا الاقتراب كثيراً من نقطة مكافحة المرض ذي الأعراض المعتدلة إلى الشديدة.

النقطة المهمة هي أنه بينما نطور مناعة ضد الفيروس – وبالمناسبة تعتبر أفضل وأسلم طريقة للحصول على هذه المناعة هي التطعيم – يمكن للفيروس أن يتغير للتغلب على المناعة الكافية للسماح له بالعدوى.

لذلك من المحتمل أن يكون لدينا مستوى مستمر من العدوى لفترة طويلة، ومع تحول الفيروس إلى “مستوطِن” سيعتمد مستواه على المتغيرات التي ذكرتها أعلاه.

أيضاً، لا يستجيب الجميع للتطعيم بنفس الطريقة، ويحقق البعض مناعة أعلى بكثير من البعض الآخر. لكن من المرجح أن تكون الحماية من المرض أعلى بكثير من الحماية من العدوى، وهو بالضبط ما نراه في البيانات الناشئة. وهذه لا تزال نتيجة جيدة.

إذا لم تستطع مناعة القطيع إنهاء الوباء، فهل يمكن أن تساعد في انتشار القدرة على التعايش مع كوفيد- 19 على نطاق واسع؟

نعم – بالطريقة نفسها التي “نتعايش بها” مع الإنفلونزا، أو الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وكلاهما يسبب الكثير من نسب العدوى، ولكنهما مميتان لبعض الأشخاص. وقد يتطلب التعايش معه أيضاً أن يغير بعض الأشخاص سلوكهم، خاصةً إذا تطور الفيروس إلى شيء يمكن نقله بسهولة أو أصبح قاتلاً.

هل يمكن للعدوى السابقة وحدها أن تؤدي المهمة، أم أن معدلات التطعيم المرتفعة مطلوبة؟

كلاهما معاً، حيث يمتلك الفيروس القدرة على ضبط استجابتنا المناعية، بحيث لا تكون وقائية لفترة طويلة. لذا، بغض النظر عن الإصابات السابقة، فإن التطعيم -الذي يحمل مخاطر أقل بكثير من الإصابة بالفيروس- هو أفضل طريقة لتجهيز الجسم ضد الآثار الأكثر خطورة للفيروس.

هل نوع اللقاح مهم؟

يبدو الأمر كذلك، لكن لا يزال الوقت مبكراً. وتشير البيانات الحالية إلى أن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) من شركات (فايزر- بيونتيك) و”موديرنا” هي الأفضل، من منظور السلامة والفعالية، تليها اللقاحات الفيروسية الغُدية من “جونسون آند جونسون” و”أسترازينكا”. ولم أرَ ما يكفي من البيانات المنشورة للحكم على اللقاح الروسي “سبوتنك”، أو لقاحات “كانسينو”، و”سينوفارم”، و”سينوفاك” من الصين.

هناك أيضاً بيانات ناشئة تُظهر أن خلط اللقاحات قد يوفر مناعة أفضل في الجهاز التنفسي، لكننا بحاجة إلى رؤية المزيد من الأبحاث حول ذلك. وأنا متأكد من أننا سنسمع الكثير عن هذا الأمر.

هل يمكن أن تساعد الجرعات المعززة في إنجاز المهمة؟

بالتأكيد. إذا استمرت زيادة مستويات الأجسام المضادة لدى الأشخاص، فسيكون لديهم درع أقوى ضد الفيروس، ولديهم فرصة أكبر لمنعه من وضع موطئ قدم في أجسامهم… أي إصابتهم. لكن هناك حاجة إلى نقاش جاد حول إعطاء الجرعات المعززة داخل البلدان الغنية ذات معدلات التطعيم الكبيرة، في الوقت الذي لا تصل فيه العديد من البلدان الأقل دخلاً إلى معدلات التطعيم الأولية البالغة 10٪.

 

المصدر: صحيفة الشرق “بلومبيرغ”

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر