مصادر الطاقة البديلة يمكن أن تحدث فرقًا | مركز سمت للدراسات

مصادر الطاقة البديلة يمكن أن تحدث فرقًا

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 25 أكتوبر 2022

فيلي فيشنوبوتلا

تبدو مصادر الطاقة البديلة آخذة في التنامي، ففي قطاع الطاقة كانت مصادر الوقود الأحفوري هي المصدر الرئيس للطاقة بسبب تكلفتها المنخفضة نسبيًا. ومع ذلك، يتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة في المستقبل، ولم يعد بالإمكان الاعتماد على مصادر طاقة محدودة وملوثة للبيئة. ففي العقد الماضي، شهدنا تحولاً إيجابيًا نحو توسيع قدراتنا في مجال الطاقة المتجددة على المستويين المحلي والعالمي.

وتعد الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح المثبتة في البحر، والطاقة الكهرومائية، من بين تقنيات الطاقة البديلة التي سوف تزودنا باحتياجاتنا المستقبلية من الطاقة. ويعتبر اعتمادنا على الغاز الطبيعي والنفط السبب الأكبر للضرر البيئي؛ إذ يعد قطاع الطاقة وحده مسؤولاً عن زيادة بنسبة 1.7% لغاز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي. وعلى هذا، فإن مصادر الطاقة البديلة سوف تمثل محور التركيز الرئيسي لمنع المزيد من التأثيرات الضارة على تغير المناخ على الكوكب.

ووفقًا للإحصاءات السنوية ذات الصلة بالقدرات المتجددة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة The International Renewable Energy Agency (IRENA) لعام 2019، فقد وصلت قدرة توليد الطاقة المتجددة العالمية إلى 2.351 جيجاوات. وتتمثل مصادر الطاقة البديلة الثلاثة ذات الأعلى نسبة في:

  • الطاقة الكهرومائية، وتمثل 1172 جيجاوات، أي حوالي نصف الكمية الإجمالية.
  • تحتل طاقة الرياح البرية والبحرية في المرتبة الثانية بقدرة 564 جيجاوات.
  • بينما تعد قدرة الطاقة الشمسية أقل بقليل، حيث تمثل 480 جيجاوات، وتنقسم بين الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الحرارية الشمسية.

ويتوقع أن تتوسع مصادر الطاقة البديلة في كل القطاعات بحلول عام 2023، إذ يمتلك قطاع الكهرباء الحصة الكبرى بنسبة 30%. أما على مستوى إزالة الكربون، فسوف تصبح الكهرباء هي الناقل الرئيسي للطاقة، حيث يتم توليد الجزء الأكبر منها بواسطة الطاقة المتجددة. بينما تحل التدفئة في المرتبة الثانية بنسبة 12%، ويأتي قطاع النقل في المرتبة الأخيرة بنسبة 3.8% فقط من مصادر الطاقة البديلة مع وجود مجال للتحسين.

هل تباطأ الاستثمار في 2019؟

وفقًا لما تم تخطيطه بموجب اتفاقية باريس The Paris Agreement، يجب أن يصل الاستثمار التراكمي في الطاقة الخضراء إلى 110 تريليونات دولار أميركي، بمتوسط يمثل نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي السنوي خلال تلك الفترة.

وقد أدى الزخم المتزايد لمصادر الطاقة البديلة إلى خفض التكاليف، وخاصة الطاقة الشمسية. ووفقًا لتقرير حالة الطاقة المتجددة لعام 2019 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فقد بلغ الاستثمار العالمي في السعة الجديدة نحو 288.9 مليار دولار أميركي، باستثناء الطاقة الكهرومائية التي تزيد على 50 ميجاوات.

وقد أنهت الحكومة الصينية برامج الدعم الخاصة بها؛ لأن الطاقة الشمسية تعتبر في الوقت الحالي ذات تكلفة يسيرة، وهو ما يؤدي إلى نقص نشر الطاقة الشمسية في الصين. ونتيجة لذلك، تظهر الأرقام استثمارات أقل بنسبة 11% مقارنة بعام 2017.

وبالمثل، في أبريل 2019، انتهى المخطط الخاص بتعريفة التغذية الكهربائية Feed-in-Tariff  في المملكة المتحدة للمتقدمين الجدد الذين يرغبون في استخدام الطاقة البديلة. وتشير التوقعات الخاصة بالاستثمار إلى احتمالات حدوث استقرار ونمو خلال المراجعات التالية. وحتى الآن، تعدُّ الصين الدول الأكبر من حيث الاستثمارات. إذ أثر انخفاض الإنفاق على الطاقة الشمسية نتيجة للدعم بشكل كبير في العدد الإجمالي، مما أبرز هيمنة واضحة على سوق الطاقة المتجددة.

نطاق الطاقة البديلة في المستقبل

يعتمد التوسع في اعتماد مصادر الطاقة البديلة على تقنيات متجددة أكثر كفاءة، وإعادة هيكلة صناعة المرافق الكهربائية. فمع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، يمكن توليد الطاقة النظيفة على المستوى المحلي باستخدام التكنولوجيا مثل: الألواح الشمسية، والمضخات الحرارية، ومراجل الكتلة الحيوية.

وللاستفادة من الطاقة التي تعتمد في الغالب على الطقس أو الوقت إلى أقصى إمكاناتها، لم يتم التوصل بعد إلى حلول أفضل لتخزين الطاقة.

استخدام الأراضي وتزايد عدد السكان

مع نمو سكاني يتوقع أن يصل إلى 9.7 مليار دولار بحلول عام 2050، قد لا يكون الاستخدام الأوسع لمحطات الطاقة الشمسية على نطاق واسع، هو الحل المثالي؛ لأنها تشغل مساحة كبيرة من الأرض. ويعد تقليل البصمة الأرضية  land footprint (يقصد بها المساحة الحقيقية للأرض اللازمة لانتاج منتج معين) أمرًا بالغ الأهمية، أو تصميم تقنيات أكثر كفاءة مثل محولات طاقة الرياح.

وتعد طاقة الرياح في الوقت الحالي إحدى أهم مصادر الطاقة البديلة في المملكة المتحدة، إذ توفر ما يقرب من 4 ملايين ميل mil (وحدة قياس). في حين لا تزال الرياح البحرية متخلفة بسبب الصيانة المكلفة ووقوعها في المياه العميقة، لكن في المستقبل سوف يكون بالإمكان توليد الطاقة بشكل أكثر كفاءة من المحيطات والمياه العميقة.

إن العيوب الموجودة بتصميم توربينات الرياح الحالية تحدُّ من إمكانية استخدام طاقة الرياح، إذ تصبح غير قادرة على الوصول إلى رياح عالية الارتفاع. وقد تقود التكنولوجيا المستقبلية المحمولة جوًا الطريق بمدى واعد يصل إلى 500 متر حيث تكون الرياح أقوى.

ومن بين أكثر المشاريع التي لا تزال في مراحلها المبكرة مشاريع تهدف إلى الحصول على الطاقة الشمسية من الفضاء. إذ يتشكل النموذج الأولي من عاكسات بصرية وخلايا كهروضوئية تحول ضوء الشمس إلى طاقة ودائرة تحول الكهرباء إلى تردد لاسلكي. وبعد ذلك، فإن الهوائيات المدمجة تعيد الطاقة إلى الأرض.

وفي المستقبل، يمكن لمصادر الطاقة البديلة المبتكر تلبية متطلبات الطاقة لسكاننا المتزايدين دون قيود، باستخدام ضوء الشمس المستمر من الفضاء.

تخزين الطاقة الخضراء

يعد التخزين الفعال للبطاريات أمرًا حيويًا من أجل الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة بشكل أوسع. وتعتمد الطاقة الشمسية الكهروضوئية على التعرض المباشر لأشعة الشمس؛ مما يعني أن كمية كبيرة من الطاقة غير مستخدمة أو يتم إهدارها بسبب نقص بطاريات التخزين الشمسية المدمجة.

وفي المستقبل، سوف يكون الهيدروجين مصدرًا رئيسيًا للطاقة. وفي الوقت الحالي، يتم إنتاج الغالبية العظمى من الوقود الأحفوري. ومع ذلك، يتم استخدام الطاقة البديلة الفائضة أيضًا من أجل إنتاج غاز الهيدروجين. كما أن المصادر متعددة الاستخدامات، يمكنها توفير غاز الهيدروجين لشبكة الغاز الطبيعي، أو حتى باستخدام خلايا الوقود لإعادة تحويلها إلى الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الهيدروجين على نطاق واسع في قطاع النقل، بحيث نكون قادرين على التوصل إلى حلول أقل تكلفة لتطبيق أوسع لمصادر الطاقة البديلة.

ويحتوي الهيدروجين على أعلى كتلة كثافة مقارنة بأي وقود آخر، مما يجعله أفضل للتوزيع والتخزين؛ إذ تعني الخواص الكيميائية المستقرة بها أنه يمكنها الاحتفاظ بالطاقة بشكل أفضل من أي وسيط آخر.

وفي المستقبل، سوف يؤدي إنشاء بنية تحتية للإمداد والتخزين إلى تمكين استخدام أكثر كفاءة للهيدروجين. إذ تتضمن الخطط المستقبلية للهيدروجين إمكانية بناء نظام للتخزين تحت الأرض بما يُمَكِّن من تحويل طاقة الرياح الفائضة إلى هيدروجين من خلال التحليل الكهربائي.

الطاقة البديلة والبنية التحتية

لقد تم تكييف بنيتنا التحتية العالمية الحالية فقط للوقود الأحفوري، لذلك، فإن بناء بنية تحتية جديدة سوف يستغرق سنوات، وكمية هائلة من الموارد. وفي السنوات الأخيرة، تمكنت التقنيات خارج الشبكة القائمة على الطاقة البديلة من تشغيل المواقع البعيدة في شكل شبكات صغيرة أو محلية.

ومن هنا، سوف توفر اللامركزية الكاملة للشبكة فرصًا للعملاء لإعادة بيع الكهرباء إلى الشبكة والتحكم في الطاقة المطلوبة والمستهلكة. ومع ذلك، فإن المملكة المتحدة بعيدة عن إقامة لامركزية كاملة بسبب النطاق الواسع للتحول المطلوب. رغم ذلك، يمكن اعتبار عدد من الشركات رائدة في إعادة الهيكلة خارج الشبكة في المملكة المتحدة، مثل شركة “يو بي إس” UPS، وبعض عمالقة الشركات العامة في قطاع التجزئة والسوبر ماركت.

لذلك، فإن رفع مستوى الطاقة البديلة سوف يؤدي إلى فتح المزيد من فرص العمل في قطاع الطاقة المستدامة، وسيتطلب النمو والتنفيذ في جميع القطاعات سنوات من التخطيط والاستثمارات الكبيرة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Green Match

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر