سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كارين ألين
عندما سحبت عدة شركات أميركية منتجات برمجيات التعرف على الوجه وسط مخاوف بشأن العيوب والتحيزات وسوء الاستخدام في أعقاب مقتل “جورج فلويد”، أثير تساؤل: هل أخذ القادة في إفريقيا جنوب الصحراء ذلك في الاعتبار؟ وهل كانت الأحداث في الولايات المتحدة بمثابة دعوة واضحة للحكومات لضمان تطبيق اللوائح قبل نشر ما يعتبره الكثيرون أحد أكثر أشكال المراقبة تدخلاً؟
لقد أصبحت التقنيات البيومترية الناشئة في كل مكان وفي أنحاء عديدة من إفريقيا، بما في ذلك تقنيات التعرف على الوجه في زيمبابوي وأوغندا وجنوب إفريقيا، حيث يتم استخدامها للمساعدة في مكافحة سرقة الهوية والاحتيال والتهديدات الأخرى، بما في ذلك الإرهاب. ويتم تطوير الكثير من التكنولوجيا من قبل القطاع الخاص، وكذلك أجهزة الدولة في الصين كجزء من حملة تطوير “المدن الذكية” في جميع أنحاء إفريقيا.
لقد مكّن الإنترنت عالي السرعة من جمع كميات هائلة من البيانات التي يجب تسجيلها وتحليلها وتخزينها. ورغم أن استخدام الإنترنت في إفريقيا ظل متخلفًا عن الأرقام العالمية في عام 2017، فإن واحدة من كل خمس أسر في إفريقيا تستخدم الإنترنت الآن، وفقًا للبنك الدولي، ويلاحظ أن هذه الأرقام آخذة في التزايد.
ففي ضوء ما تسمح به البنية التحتية يتم استخدام البيانات البيومترية لمراقبة الحدود، ومنح الوصول إلى الخدمات الحكومية، مثل: المدفوعات الخاصة بالرفاهية، وحماية الكيانات التجارية من عمليات الاحتيال التي يتعرضون لها. ويتم التعرف على الوجه، أو تقنية توثيق الوجه القريبة من الأشخاص، من قبل شركات إنفاذ القانون والأمن الخاص والطب الشرعي الرقمي والشرطة التنبؤية. وفي الأعمال التجارية نجد أنها من بين التقنيات المستخدمة للتحكم في الوصول وتسجيل العملاء.
ويعتبر الكثيرون أن تقنية التعرف على الوجه أكثر موثوقية من تقنية بصمات الأصابع، كما أنها تساعد على الحد من الاحتيال. ففي جنوب إفريقيا في العام الماضي، أفاد مركز معلومات المخاطر المصرفية بجنوب إفريقيا بزيادة الاحتيال المصرفي الرقمي بنسبة 20٪ مقارنة بالعام السابق.
بجانب ذلك، هناك عمليات المصادقة من طرف إلى طرف، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث تتم مطابقة هوية شخص ما مع وثيقة الهوية أو معرف آخر، وتكون أقل عرضة للإساءة لأنها تتطلب موافقة مسبقة، وذلك وفقًا لـ”جور جيفا” Gur Geva، الرئيس التنفيذي لشركة “آيدينتيفاي” iiDENTIFii، للمقاييس الحيوية في جنوب إفريقيا، خلال حديثه في ندوة عبر الإنترنت لمعهد الدراسات الأمنية(ISS) حول هذه القضية.
وفي المقابل، لا تعتمد تقنية التعرف على الوجه، حيث تتم “المطابقة” على قاعدة البيانات. لذلك شهدت تقنية التعرف على الوجه موجة كبيرة جدًا من الجدل. ففي أقصى الحالات، واجهت شركات أميركية مثل “كلير فيو”Clearview AI تحديات قانونية من قبل مجموعات الحرية المدنية. وتتهم الشركة بتكديس قاعدة بيانات لمليارات الوجوه، تمَّ التقاطها من الصور الموضوعة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الأخرى، وبيع تطبيق لتوفير الوصول إلى وكالات إنفاذ القانون.
وفي القلب من هذا التحدي، توجد مسألة الموافقة المفترضة، إذ يحدد قانون حماية المعلومات الشخصية في جنوب إفريقيا لعام 2013 الظروف التي يمكن بموجبها جمع البيانات وتخزينها. على الرغم من أن الكثير من المواد القانونية المتصلة بذلك، قد تمَّ طرحها، لكن لم يتم اختبارها بعدُ. فمثل هذا الجمع للبيانات التي تمَّ نشرها للاستخدام المقصود، وبيعها لأغراض مختلفة، من شبه المؤكد أنها ستعتبر غير شرعية بموجب القانون.
فهناك العديد من الأضرار المحتملة التي تعرضها تقنية الوجه للمواطنين لتشمل القرصنة وغزو الخصوصية والتحيز. في هذا يقول الدكتور “بريت فان نيكيرك”، خبير الإنترنت في جامعة كوازولو ناتال: “إن الأمن السيبراني يمثل مشكلة كبيرة، لأن التقنيات البيومترية تعمل داخل نظام الفضاء الإلكتروني”، ويمكن تسريب البيانات المخزنة، إن لم تكن مؤمنة بشكلٍ كافٍ. أو تغييرها أو سرقتها.
ويمكن بعد ذلك استخدام الهوية المسروقة تقريبًا كقاعدة “بالاكلافا” الرقمية للتعرف على المزيد من الجرائم، من أجل الوصول إلى مبنى، أو شبكة كمبيوتر، أو حسابات مصرفية لشخص ما.
وإضافة إلى ذلك، فمع مركزية البيانات، كما هو الحال في مخطط “هودوما نابا” Huduma Namba للهوية الرقمية المقترح من كينيا، فإن أي قدر من الفشل يخلق خطرًا خاصًا لهجمات القرصنة.
كما أن ثمة ضررًا محتملاً آخر هو الحرمان من الخصوصية. فالحق في الخصوصية مكرس في العديد من الاتفاقيات الدولية والدساتير الوطنية. وإن هناك مخاوف من أن التكنولوجيا، إذا لم يتم فحصها بشكل جيد، فإنها ستبقى عرضة للعديد من المشاكل، بل سيتم نشرها كأداة للمراقبة الجماعية.
وقد يكون هذا إمَّا لتحديد الأفراد في الاحتجاجات، على سبيل المثال، أو كما ورد في أوغندا، لتحديد وتتبع السياسيين المعارضين. إذ قامت شركة هواوي بتثبيت أنظمة التعرف على الوجه في كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة كجزء من مبادرة “مدينة آمنة” Safe City.
ومع تلاقي مبادرات المراقبة الصحية في ضوء وباء “كوفيد – 19” والاستخدام المتزايد لتقنيات المقاييس الحيوية، لا يمكن إلغاء الاتصال مع مثل تلك التقنيات.
هناك أيضًا تهديد ثالث يتمثل في التحيز الخوارزمي، إذ أظهرت الدراسات المتكررة أن تقنيات الوجه لديها معدل خطأ مرتفع في تحديد الأشخاص الملونين بدقة. فتقول “رينيه كامينغز”، الخبيرة في مجال الجريمة والمدافعة عن الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، في ندوة مركز الدراسات الاستراتيجية على الإنترنت: “إن مثل هذه التحيزات أدت إلى الإفراط في مراقبة المجتمعات السود والبنية في الولايات المتحدة من قبل تطبيق القانون”.
وقد أثار ذلك نقاشًا حول ما إذا كانت دول مثل جنوب إفريقيا بحاجة إلى تطوير خوارزميات خاصة بالبيئة قبل نشر التكنولوجيا؛ وهو ما قد يساعد على التأكد من أن قاعدة البيانات التي تتم مطابقة الوجه معها هي انعكاس دقيق للتركيبة السكانية المحلية.
ففي جنوب إفريقيا، تحاول مجموعة من التشريعات، بما في ذلك قانون “حماية المعلومات الشخصية” Protection Of Personal Information Actلعام 2013، وقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2017، الذي لم يصبح قانونًا بعدُ، تخفيف الآثار غير المقصودة للتكنولوجيات الناشئة التي يمكن أن تقدم تحولات إيجابية في الدول الإفريقية. ومع ذلك، فإن سرعة تقدم الابتكار الرقمي تهدد بتجاوز القانون والمشرعين.
إن المراجعات المنتظمة لقواعد بيانات التعرف على الوجه، والخوارزميات والفحوصات الخاصة بالسياق، للتأكد من أن أقوى تدابير الأمن السيبراني المحصنة ضد التطفل، هي بعض التدابير التي يجب أن يأخذها صانعو السياسات في الاعتبار. وعلى مستوى الأمم المتحدة، يجب أن يكون هناك المزيد من النقاش حول الأمن السيبراني وتضمين تقنيات المقاييس الحيوية الشبكية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: معهد الدراسات الأمنية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر