سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد أبو العيون
يعتمد النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، في تحقيق مطامعه التوسعية داخل الدول العربية والإسلامية والأفريقية على تدريب وتسليح وتقديم كل أوجه الدعم للجماعات الإرهابية والفصائل المتشددة ومن ثَمَّ نشرها في هذه الدول من أجل زعزعة استقرارها وتدمير بنيتها التحتية فيما يُعرف بإحداث «الفوضى الخلاقة»، بغية إعادة حكم الدولة العثمانية.
ولم يُعد “مخطط أردوغان” القائم على نشر الإرهاب التركي في مختلف ربوع العالم، بالأمر الخافي على أحد، خاصة بعد ظهور العديد من الوثائق، إضافة إلى روايات شهود العيان من الضباط الأتراك، والتي تؤكد أن ممارسات نظام الرئيس التركي هي جرائم إرهابية، يرنو من ورائها إلى نشر الفوضى والدمار من أجل تحقيق أطماعه غير المشروعة.
تسليح الجماعات الإرهابية
وفي سوريا التي يزعم النظام التركي أن أراضيها جزء لا يتجزأ من الأراضي التركية، وضع “أردوغان” خطة مُحكمة من أجل نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في الداخل السوري، وقد وضعت بنود هذه الخطة وبدأ تنفيذها عمليًا منذ أن كان “أردوغان” رئيسًا لوزراء تركيا وبالتحديد في العام 2011 تزامنًا مع اندلاع أحداث ما يُسمى بـ”الربيع العربي”.
بنى “أردوغان” مخططه في سوريا على تدريب وتسليح الجماعات الإرهابية داخل تركيا، ثم أرسلهم عقب ذلك إلى الأراضي السورية بهدف تخريب الدولة السورية وزعزعة استقرارها، أملًا في أن ينجح هؤلاء الإرهابيون في قلب نظام الحكم والتخلص من الرئيس السوري بشار الأسد، واستبدال نظامه بآخر يدين بالولاء للأتراك ويأتمر بأوامرهم.
ووفقًا لما نشره موقع “نورديك مونيتور” السويدي، السبت 19 من يناير 2019؛ فإن الاستخبارات التركية “التي يحكم “أردوغان” قبضته عليها” شكلت في العام 2011 عقب اندلاع المظاهرات في الأراضي السورية، فريق عمل ضمن مكتب خاص مهمته تنفيذ هدف واحد، وهو الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، واستبدال نظام حكمه بآخر متشدد يأتمر بإملاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في ذلك الوقت.
كانت بداية مخطط نشر الفوضى في سوريا من أجل الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد؛ حين وجه “أردوغان” في العام 2011 جهاز الاستخبارات التركية بضرورة الاستعانة بضباط أتراك من الشرطة والجيش، إضافة إلى عناصر العمليات الخاصة السابقين ممن كانت لديهم مشكلات قانونية مع النظام التركي السابق لحكم حزب العدالة والتنمية، وأحيلوا بسببها للتقاعد.
تركزت مهمة الضباط الأتراك المتقاعدين، والذين تم استدعاؤهم من قبلِ القائمين على المكتب الخاص جهاز الاستخبارات التركية، على تدريب وتسليح الإرهابيين، الذين أرسلوا بعد أن تبينت جاهزيتهم إلى سوريا.
مخطط “أردوغان”، كشف تفاصيله شخصية عملت لسنوات طويلة في المؤسسة الأمنية التركية؛ حيث أكدت هذه القيادة التي وصفت بـ”المصدر السري”، في اعترافات نقلها موقع “نورديك مونيتور”، أن أول إجراء قام به المكتب الخاص الذي أسس داخل جهاز الاستخبارات التركية هو استدعاء ضباط الشرطة والجيش وعناصر العمليات الخاصة السابقين ممن كانت لديهم مشكلات قانونية في الماضي، وكلفتهم بمهمة وصفتها بـ”الوطنية”، تتمثل في تدريب وتسليح وتنظيم العناصر التابعة للجماعات المتشددة، والذين كان من بينهم عناصر تابعون لتنظيمي القاعدة وداعش.
يضيف المصدر السري، الذي تحفظت “نورديك مونيتور” عن ذكر اسمه حفاظًا على حياته؛ أن الاستخبارات التركية في ذلك الوقت أفرجت عن المجرمين المدانين والمشتبه بهم الذين كانوا يواجهون تهمًا جنائية وبدأت في تجنيدهم للمهمة الجديدة، قائلًا: “لقد أطلقوا سراح العشرات من العسكريين السابقين، وكان الأمر يشبه الحملة المنظمة التي قوضت خلالها المؤسسة سيادة القانون في تركيا، كما تم إطلاق العنان للإرهابيين وتمكينهم على الأرض في سوريا”.
مكافأة الضباط المجرمين
كان من أبرز العسكريين الأتراك الذين أُفرج عنهم في ذلك القوت، الرائد في فرع العمليات الخاصة “نوري غوخان بوزكير”، والذي تمت محاكمته لضلوعه في قضية ابتزاز عرفت محليًا باسم “عصابة الساونا”، إضافة إلى سرقته وثائق سرية من قاعدة عسكرية، وعدد من التهم الجنائية التي أسقطت جميعها عنه بأوامر من “أردوغان”، ثم كوفئ بضمه إلى جهاز الاستخبارات التركية.
لم يتوقف الأمر عند حد ضرب حكومة “أردوغان” بالقانون عرض الحائط والإفراج عن المجرمين ثم تجنيدهم للاشتراك في مخطط تخريب سوريا؛ بل تعدى هذا “وفقًا لما أكده المصدر السري” إلى إشراف أعضاء المكتب الخاص بجهاز الاستخبارات التركية على دعم تنظيم داعش الإرهابي وإمداده بشحنة أسلاك تفجير نقلت إلى عناصر التنظيم المنتشرين في سوريا والعراق من أجل تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية.
صفقة دعم نظام “أردوغان” لتنظيم داعش الإرهابي وإمداده بشحنة أسلاك تفجير، كُشف عنها في 8 من سبتمبر عام 2015، وذلك حين اعترضت قوات الشرطة شاحنة بمنطقة أكجاكالي “تقع على الحدود التركية – السورية” في شانلي أورفا جنوبي تركيا، ووجد بداخلها ما يزيد على ستة أطنان من أسلاك التفجير التي تم اخفاؤها تحت أكياس بصل في الشاحنة التي كانت يرافقها عدد من السيارات، تبين فيما بعد أنها تابعة لجهاز الاستخبارات التركية.
تركيا تدعم داعش
وحول تفاصيل ضبط تلك الشاحنة، يقول المصدر السري: “وجهت تهمة دعم الإرهاب وتسليحه إلى تسعة أشخاص من بينهم سائق الشاحنة يالشين كايا، والذي اعترف أمام المحكمة أن المسؤولين عن الشحنة أخبروه بأن الحكومة التركية وافقت عليها، وعليه ألا يخشى أي شيء على الإطلاق، مؤكدًا أن ضابطًا في الاستخبارات التركية قال له خلال عملية تحميل الشحنة إنها متجهة لتنظيم داعش بموافقة الحكومة التركية”.
وخلال التحقيقات ظهرت وثيقة أثبتت ضلوع حكومة “أردوغان” في هذه الصفقة المشبوهة؛ حيث تبين من خلال مستند الشحن أن أسلاك التفجير خرجت من شركة “تريند ليمتد” المملوكة لشخص يُدعى “مسعود دوغاناي”، وهو ضابط شرطة متقاعد، عمل قبل تقاعده في وحدة الأسلحة والمتفجرات بقسم شرطة “دنيزلي” غرب تركيا، وهو أحد الضباط الذين ضمتهم الاستخبارات التركية لأعضاء المكتب الخاص المُوكل إليه مهمة تخريب سوريا وقلب نظام الحكم بها.
اشترى “مسعود دوغاناي” شركة “تريند ليمتد” في العام 2014 وسجلها باسم زوجته، وأثناء تفتيش الشرطة لمستودعات الشركة اكتشفوا أن هناك نقصًا يصل إلى 20 طنًا من المواد المتفجرة مقارنة بالسجلات الخاصة بالشحنات الصادرة والواردة، مما استدعى إلقاء القبض عليه.
أردوغان.. المتهم الأول
ولأن “أردوغان” كان هو المتهم الأول في هذه القضية؛ فقد طلب النائب العام التركي في 21 فبراير من العام 2017 من المحكمة إطلاق سراح “دوغاناي”، وإغلاق القضية برمتها؛ إلا أن القاضي رفض هذا الطلب وأمر باستمرار حبس المتهم حتى تنتهي التحقيقات.
وأمام تصميم القاضي على استمرارية التحقيقات؛ وجد “دوغاناي” نفسه المتورط الوحيد في هذه الصفقة المشبوهة، فما كان منه إلا أن كشف في جلسة 17 من يوليو 2017 عن التفاصيل الدقيقة لدعم وتسليح تنظيم داعش الإرهابي.
قال “دوغاناي”: “بعت المواد المتفجرة لشخصين أظهرا بطاقات هوية مُثبت فيها أنهما يعملان بجهاز الاستخبارات التركية، وقد أخبراني أنهما يقومان بهذه العملية نيابة عن الحكومة”.
اعترافات “دوغاناي”، أصابت “أردوغان” بحالة من التخبط، وظهر هذا في المقال الذي نشرته الاستخبارات التركية في صحيفة “أكيت” الموالية لـ”حكومة أردوغان”، وزعمت فيه أن الشحنة المضبوطة كانت في طريقها لحزب العمال الكردستاني بسوريا وليس لتنظيم داعش.
وبالفعل نجح “أردوغان”، في إخفاء تفاصيل تورط الاستخبارات التركية بأوامر شخصية منه في دعم وتسليح تنظيم داعش الإرهابي، والسعي إلى تخريب سوريا وقلب نظام الحكم والتخلص من الرئيس بشار الأسد، واستبدال نظام حكمه بآخر متشدد يأتمر بإملاءات الأتراك، وظل هذا المخطط طي الكتمان حتى كشفته الوثائق وشهادة المصدر الأمني الذي عمل لسنوات طويلة في المؤسسة الأمنية التركية.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر