سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مايكل ليليفيلد
يقول محللون إنه في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى إنقاذ اقتصادها من أزمة جائحة “كوفيد – 19″، من المرجح أن تقوم الحكومة بدعم زيادة استهلاك الفحم المحلي.وقد ارتفع إنتاج الفحم بنسبة 9.6% عن العام السابق، مما يعني التخلص من 6.3% خلال الشهرين الأولين من العام الجاري. وأغلق إنتاج الفحم في الربع الأول بانخفاض 0.5% فقط رغم عمليات الإغلاق على الصعيد الوطني، في حين انخفض الناتج المحلي الإجمالي 6.8%.
بجانب ذلك، فقد ارتفع الوقود الرئيسي في الصين بنسبة 6% في أبريل الماضي، قبل انخفاضه بنسبة 0.1% في شهر مايو، مبتعدًا عن نفس مستوى الإنتاج على مدار خمسة أشهر بنسبة 0.9%، وذلك قبل انخفاض إنتاج الطاقة بنسبة 3.1%، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء.وقالت إدارة الطاقة الوطنية إن استهلاك الطاقة في مايو ارتفع 4.6% في إشارة إلى احتمال التعافي، لكن استهلاك الكهرباء في الأشهر الخمسة الأولى ظل منخفضًا بنسبة 2.8%.
وربَّما يكون هناك أكثر من سبب لارتفاع إنتاج الفحم رغم ضعف الطلب، لكن يبدو أن السياسة الرسمية لعبت دورًا مهمًا في هذا. فخلال تفشي وباء “كوفيد – 19” في مدينة ووهان، كانت عمليات التسليم مدفوعة بالضرورة والطلبات من بكين.
وقود الطوارئ
في أوائل فبراير الماضي، صدرتتعليمات لمشغلي الفحم لضمان إمدادات طاقة كافية للمنازل والمستشفيات. وفي الوقت نفسه، تمَّ إبلاغ الشركات بضرورة العمل على تعزيز الحماية من العدوى بين عمال المناجم، وذلك رغم أنه من غير الواضح مدى سلامة تحقيقها.
وبصرف النظر عن الاحتياجات الطارئة، فقد تمَّ الاستشهاد بقوى أخرى، ومنها أمن الطاقة والتوترات مع الولايات المتحدة باعتبار أنها تساهم في إحجام الصين عن الحد من استخدام الفحم على الرغم من الآثار البيئية.
وفي تحليل حديث لبرنامج الطاقة الصيني التابع لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أشارت مديرة البرنامج “ميشال ميدان” إلى مجموعة من العوامل الكامنة وراء الاعتماد على الفحم في الأوقات الصعبة.
وكتبت “ميدان”: “تتباطأ إضافات الطاقة المتجددة في الوقت الذي تتطلع فيه السلطات بشكل متزايد إلى الفحم باعتباره أحد أكثر مصادر الطاقة موثوقية في البلاد من أجل أمن الإمدادات، وكذلك النمو والتوظيف. لذلك هناك خطر متزايد من أن يؤدي الطلب الصيني على الطاقة والاكتفاء الذاتي التكنولوجي إلى تسريع وتيرة التحويل نحو الكهرباء في الاستخدامات النهائية مع إبطاء عملية إزالة الكربون”.
الاكتفاء الذاتي
في حين تعتمد الصين على كميات متزايدة من النفط والغاز المستوردَين، نجد أنها لا تزال مكتفية ذاتيًا إلى حد بعيد على الفحم، الذي يزود 57.7% من احتياجاتها من الطاقة، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية.
وبحسب عدد من وسائل إعلام حكومية، فإن الصين أنتجت العام الماضي 3.75 مليار طن متري من الفحم الخام بزيادة 4.2%، واستوردت نحو 300 مليون طن من الخارج. وفي عام 2019، أنتجت الدولة 47.6% من الفحم في العالم، مقوَّمة بدرجات الحرارة، حيث تمَّ استهلاك 51.7%، حسبما أفادت المراجعة الإحصائية لهيئة الطاقة العالمية.
ووفقًا لما ذكرته الجمعية الصينية الوطنية للفحم(CNCA) ، فإن الاستهلاك قد ارتفع بنسبة 1% العام الماضي. كما قدرت هيئة الحساباتالقومية أن بيانات مكافئ الفحم، وفقًا لاستهلاك عام 2019، بلغت نحو 3.89 مليار طن.وبالنظر للإطار العام لاعتماد البلاد على الفحم، فإن أحدث حملة للصين للاستثمار في “البنية التحتية الجديدة”، مثل: شبكات الاتصالات 5G، والذكاء الاصطناعي(AI) ، ومركبات الطاقة الجديدة، سوف تتطلب المزيد من الكهرباء والمزيد من الفحم أيضًا.
بجانب ذلك، فإن إحدى نتائج اعتماد الصين المتزايد على الفحم في الكهرباء مقارنة بالدول الغربية، ستشهد فائدة أقل من حيث خفض الانبعاثات من بعض الخطوات التي أوصت بها وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لهذا الشهر حول “الانتعاش المستدام”، ما يجعلها تخطط بشكل مرن للاستجابة للوباء، استنادًا إلى مزيج الكهرباء الحالي. إذ ستكون الانبعاثات الناتجة عن السيارات الكهربائية أقل بنسبة 80% من السيارات التي تستخدم محرك الاحتراق الداخلي واسعة الانتشار في الاتحاد الأوروبي، كما أنها تقل بنسبة 60% عن الولايات المتحدة كما تقرر وكالة الطاقة الدولية.
لهذا، يركز محللو الطاقة والبيئة على خطط الصين لبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم رغم المعدلات العالية من الطاقة المستهدفة في هذا القطاع. وتهدد معدلات الاستخدام المنخفضة بتحويل الاستثمارات إلى كونها أشبه بـ”أصول محاصرة” بدون عائد مالي، نتيجة لانخفاض تكاليف الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وفي بداية هذا العام، كان لدى الصين 180 جيجاواتًا من القدرة على توليد الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم في مرحلة التخطيط، بما في ذلك 36%من 500 جيجاوات في مصانع الفحم الجديدة المقرر بناؤها في جميع أنحاء العالم، بناءً على بيانات وكالة الطاقة الدولية التي قدَّرت “أن قضية بناء قدرة الفحم الجديدة المخططة هذه يجب موازنتها بعناية مع الآثار المترتبة على تلوث الهواء المحلي والأهداف المناخية العالمية”.
وهذا ما يعكس الاعتبارات المتضاربة التي تلقي بثقلها على الصين في الوقت الذي تستعد فيه لوضع أهداف لخطتها الخمسية المقبلة لتوجيه البلاد حتى عام 2025. ذلك أن الاتجاهات قصيرة المدى تثير القلق بالتأكيد، لأنها تؤدي إلى موافقات إضافية. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن القدرات الجديدة والحالية ستعمل بمعدلات أعلى، بل يمكن أن تنخفض. فالمخاوف المتصلة بالأصول العالقة تبدو ثانوية في الوقت الحالي، لكن الجهات الصناعية لا تبدو مترددة في إضافة القدرة في ضوء الخسائر الحالية. وكما أفادت وكالة “رويترز”، الأسبوع الماضي، فإن وكالة التخطيط الصينية الكبرى حددت الحد الأقصى لقدرة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم وعدد مناجم الفحم، مما حدَّ بشكل فعال من محطات الطاقة إلى 1100 جيجاوات هذا العام.
ووفقًا لوكالة “بلومبيرغ نيوز”، نقلاً عن مجلس الكهرباء الصيني، فإنه في عام 2019، أضافت الهيئة الصناعية 29.9 جيجاوات من السعة، لتصل إلى إجمالي 1.040 جيجاوات. كما أشارت دراسة أعدتها منظمة السلام الأخضر البيئية، إلى أن نحو 46 جيجاوات قيد الإنشاء حتى مايو، مع وجود 48 جيجاوات أخرى في مراحل مختلفة من التطوير. وفي 18 يونيو، حددت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح سقفًا قدره 5000 على عدد مناجم الفحم، بانخفاض من 5.268 التي تمَّ الإبلاغ عنها في العام الماضي، دون تحديد هدف جديد لخفض الطاقة الزائدة. ولم تصدر الوكالة هدفًا محددًا منذ أن أعلنت أنها وصلت إلى هدفها الأخير في 2018. ونقلت وكالة أنباء الصين الرسمية “شينخوا” عن اللجنة قولها في بيان”إن المواقع ذات المشاكل الأمنية والبيئية يجب تنظيفها”، بينما سيتم توقيف المواقع غير الفعالة”. كما ذكرت أن مناجم الفحم يجب أن تمثل حوالي 96% من الإنتاج. وقد مثَّل هذا السقف الجديد لعدد المواقع مفاجأة لبعض المحللين، وآثار تساؤلاً حول ما إذا كانت الحكومة ستضع حدودًا مماثلة في خطتها الخمسية الرابعة عشرة.
وقبل أيام من إعلان اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، استشهدت “بلومبيرغ” بالعديد من المحللين الذين قالوا إن الحد الأقصى لمدة خمس سنوات غير مرجح، إذ تسعى البلاد إلى تلبية الطلب المتزايد. وقالت شركة “دايوا كابيتال ماركتس”، إن إجمالي طاقة إنتاج الفحم قد يرتفع من 4.1 مليار طن حاليًا إلى 5 مليارات طن سنويًا بحلول عام 2025. وبصرف النظر عن السماح بالنمو في الطلب على الكهرباء، توفر طاقة الفحم مرونة لتعويض عمليات التسليم غير المتكافئة من مصادر متجددة، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح. لكن المدافعين يجادلون بأن الالتزام بالحد من بناء مصانع جديدة تعتمد على الفحم سيقيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لعقود مقبلة.
التوترات الأميركية
من الصعب تقدير تأثير المخاوف والتوترات المتعلقة بأمن الطاقة مع الولايات المتحدة على القرارات المتعلقة بالسياسة، لكن لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان أثارت القضية الأمنية في تقرير عملها السنوي لأول مرة بموجب الخطة الخمسية الحالية. فالعلاقات المتدهورة مع الولايات المتحدة زادت المخاوف بشأن الاعتماد على الواردات، في حين ركزت أزمة “كوفيد – 19” على الاهتمام باختناقات البنية التحتية المحلية المتعلقة بالتوزيع والتخزين.
وفي حين يؤكد التقرير دور مصادر الطاقة المتجددة في تلبية معظم احتياجات نمو الطلب، فإن “الفحم يبقى ثابتًا على قائمة مصادر الطاقة”. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، وضعت وكالة الطاقة الدولية أهداف نمو الإنتاج بنسبة 1% للنفط في عام 2020، و4.3% للغاز الطبيعي، وكلاهما أقل بشكل مريح من أرقام النمو لمدة خمسة أشهر هذا العام. كما دعت وكالة الطاقة الوطنية إلى خفض حصة الفحم في مزيج الطاقة في الصين من 57.7% إلى 57.5%. كما حددت الوكالة سقفًا لاستهلاك الطاقة الإجمالي عند 5 مليارات طن من مكافئ الفحم القياسي في عام 2020، بزيادة تقارب 2.9% مقارنة بالأرقام الرسمية المنشورة سابقًا لعام 2019. ووفقًا للبيانات المتاحة، فإن الحد الأقصى سيسمح بارتفاع استهلاك الفحم بنسبة 2.5%.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: راديو آسيا الحرة
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر