مخاوف مبالغ فيها حول الذكاء الاصطناعي | مركز سمت للدراسات

مخاوف أخرى مبالغ فيها حول الذكاء الاصطناعي

التاريخ والوقت : الأربعاء, 27 مارس 2024

Benjamin Ayanian

أثار الذكاء الاصطناعي حالة جديدة من التوتر التكنولوجي الذي استمر لأكثر من عام. بدءًا من القصص التي تتحدث عن نهاية العالم وتشير إلى المخاطر النظرية التي يمكن أن يشكلها تطور الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى القلق بشأن احتمالية حدوث بطالة جماعية، فإن الخوف لم يكن ينقص في منطقة الابتكار البارزة في المجتمع. لقد أثار الكثيرون أيضًا مخاوف بشأن العواقب البيئية المحتملة لتطوير الذكاء الاصطناعي. من المثير أن هذه المخاوف أكثر واقعية، ولكن مثل الآخرين، فإنها تستند إلى مخاطر تم المبالغة في تقديرها.

فكرة أن الذكاء الاصطناعي سينقلب بطريقة ما على البشرية ويقتلنا جميعًا تجذب انتباه الناس بالتأكيد، ولكن لم يتمكن أحد من تفسير هذا بشكل موثوق وكيف قد يحدث ذلك. في العام الماضي، كتب صاحب رأس المال الاستثماري المعروف “مارك أندريسن” بإيجاز أن “الذكاء الاصطناعي هو رياضيات وشيفرة برمجية وحواسيب، صُنعت بواسطة الناس، مملوكة للناس، يستخدمها الناس، يتحكم بها الناس. فكرة أنه في مرحلة ما سيطور عقلاً مستقلاً ويقرر أن لديه دوافع تجعله يحاول قتلنا هي إيماءة خرافية”.

وكان القلق من أن يؤدي الإبداع إلى البطالة الجماعية منذ زمن التنمية .قام أباطرة الرومان وملكات إنجلترا بقمع الابتكارات في مناسبات عديدة بسبب مخاوف البطالة .على الرغم من كل الضجة التي دارت على مر التاريخ حول احتمال أن يؤدي الابتكار إلى البطالة الجماعية، فقد أثبت التطور التكنولوجي قدرته على خلق فرص العمل . معدل البطالة في الولايات المتحدة اليوم هو 3.7% فقط، حيث ساهمت التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية وأدت إلى نمو أكبر في فرص العمل.

ماذا عن المخاوف المتعلقة بالتأثير البيئي لكل القوة الحاسوبية اللازمة لتدريب وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي؟ هل يجب أن نقلق بشأن الانبعاثات المصاحبة للنماذج المختلفة؟ الجواب القصير هو لا. لماذا؟ لأن هذه المخاوف تستند إلى قياسات غير دقيقة بشكل كبير، ولا تأخذ في الاعتبار عوامل هامة للتطور التكنولوجي. في السنوات الأخيرة، سعى الباحثون لدراسة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي. لكن تقرير حديث صادر عن مركز الابتكار البياني، يسلط الضوء على النواقص في القياسات التي تم الاستشهاد بها لتبرير المخاوف البيئية.

على سبيل المثال، يشير التقرير إلى بحث حظي بتغطية واسعة في عام 2019 في جامعة ماساتشوستس أمهيرست كمثال على عدم دقة تقديرات التأثير البيئي. قدّر الباحثون أن تدريب نموذج معين من نماذج البحث في الهندسة العصبية للذكاء الاصطناعي، الذي استُخدم لتقديم نموذج مُحسّن للترجمة بين الإنجليزية والألمانية، أدى إلى إنتاج 626.155 رطل من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يُعادل 300 رحلة ذهابًا وإيابًا بين الساحل الشرقي والساحل الغربي للولايات المتحدة. لكن الافتراضات التي أُدخِلَت في البحث كانت معيبة بشكل لا يصدق، وبعد أن قام الأشخاص العاملون على النموذج بنشر ملخص استخدام الطاقة وانبعاثات الكربون من عملهم، تبيَّن أن الانبعاثات الفعلية كانت أقل بحوالي 88 مرة من المُبلّغ عنها.

من الغريب أن يتم إيلاء الكثير من الاهتمام للانبعاثات المرتبطة بتدريب النماذج عندما يؤدي الاستخدام الفعلي للنماذج على مر الزمن إلى انبعاثات أكثر من مرحلة التدريب الأصلية. ولكن، تقدير الانبعاثات المرتبطة بتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، يعد مهمة صعبة بقدر تقدير الأثر البيئي لمرحلة التدريب، وهذه التقديرات مبالغ فيها بطريقة مماثلة.

أشار مركز الابتكار البياني إلى أن أحد الباحثين قدّر أنه في أسوأ السيناريوهات، يمكن لذكاء Google الاصطناعي وحده أن يستهلك في سنة واحدة كمية كهرباء تعادل ما تستهلكه أيرلندا. وهذا من شأنه أن يتطلب من نموذج الذكاء الاصطناعي لشركة Google أن يستهلك طاقة أكثر بمفرده من مجمل استهلاك الشركة ككل في العام الحالي. وهذا أمر غير منطقي. حتى الباحث نفسه اعترف بأنه لكي تستهلك Google هذه الكمية الضخمة من الكهرباء، لا بد أن تستثمر 100 مليار دولار في الرقائق وتتحمل مليارات إضافية في تكاليف التشغيل. وهذا لن يكون اقتصاديًا، ومنظمة تسعى للربح لن تغرق هذا القدر الكبير من رأس المال في تكنولوجيا لا تبرره بعوائد كافية.

توقعات النهاية المتعلقة بالانبعاثات المرتبطة بنماذج الذكاء الاصطناعي غالبًا لا تأخذ في الحسبان الابتكارات المستقبلية ومكاسب الكفاءة في التكنولوجيا التي تُستخدم في إنتاج هذه النماذج. تميل الكفاءة التكنولوجية إلى التحسن بمرور الوقت، وهو أمر ينبغي أخذه في الاعتبار عند تقدير الأثر البيئي للذكاء الاصطناعي. وبنفس القدر من الأهمية، غالبًا ما تتجاهل التوقعات المبالغ فيها حول العواقب السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي، الإمكانات التي يحملها الذكاء الاصطناعي لمساعدتنا في حل المشكلات البيئية. تعزز نماذج الذكاء الاصطناعي قدرتنا على تحليل البيانات المجمعة حول البيئة، ويمكن استخدامها لتتبع وتوقع أنماط المناخ والتقليل من آثار التغير المناخي. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا في توفير الماء، ومكافحة الكوارث البيئية مثل الحرائق البرية، وتحسين استخدام الطاقة.

من السهل – بل من الطبيعي – الشعور بالخوف من التكنولوجيا الجديدة. لقد كان الناس يقلقون بشأن تأثير الابتكارات التكنولوجية عبر التاريخ. لكن كبت تطوير الذكاء الاصطناعي يأتي بمخاطر أيضًا. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وتحقيق تقدم هائل في الطب، والطاقة النظيفة، والمزيد. يمكنه مساعدتنا في تحقيق نمو اقتصادي أكبر ومعايير معيشية أعلى. من العدل تقييم الأثر السلبي للذكاء الاصطناعي، ولكن التوقعات الخاطئة والمبالغ فيها غالبًا ما تهيمن على النقاش حول هذه التكنولوجيا الثورية. حتى المخاوف البيئية الأخيرة مبالغ فيها أيضًا.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Real Clear Energy

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر