الجيش في الانتخابات الأميركية | مركز سمت للدراسات

ما هي القوانين التي تحكم القوة العسكرية خلال الانتخابات الأميركية؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 2 نوفمبر 2020

ديفيد جيه شيفر

 

أثارت احتمالات الخلافات الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأميركية مخاوف بشأن ظهور الميليشيات في مواقع الاقتراع. فالقوانين الأميركية الفيدرالية تحتوي على مبادئ توجيهية صارمة لأي نشر للقوات في صناديق الاقتراع أو لقمع العنف الانتخابي، لكن المخاوف لا تزال قائمة.ففي الثالث من نوفمبر تجري الولايات المتحدة الانتخابات على خلفية تجدد انتشار وباء فيروس كورونا والسياسات المثيرة للانقسام بشدة. ومع التصويت السابق على الانتخابات بمستويات غير مسبوقة، وجه الرئيس “دونالد ترمب” النقد كثيرًا لنزاهة إجراءات التصويت، وقد تسبب في تكهن الكثيرين فيما إذا كان بالإمكان ضمان انتقال سلمي للسلطة إذا خسِرَ الانتخابات. فقد أدت هذه الظروف إلى زيادة المخاوف بشأن فرز الأصوات المتنازع عليه والعنف، وما إذا كانت القوات الفيدرالية قد انضمت إليها ميليشيات غير منظمة ستنتشر لفرض القانون والنظام.

فللدول سلطة على إجراء الانتخابات، ولكن ما هي حدود سلطتها لتنظيم القوات المسلحة إذا اندلعت أعمال عنف مرتبطة بالانتخابات؟

إن الدول تتمتع بالسلطة القانونية للرد على العنف المرتبط بالانتخابات. فعلى المستوى المحلي، يستخدم مسؤولو البلديات عادة شرطة المدينة لردع أو قمع العنف. وبغض النظر عن كفاءة الجهود المحلية، يمكن للحاكم أن يتصرف بموجب السلطة الدستورية والقانونية للولاية لنشر موظفي إنفاذ القانون بالولاية، مثل الجنود العاملين على الطرق السريعة، والحرس الوطني للولاية.

ولكل ولاية من الولايات الخمسين وحدة من الحرس الوطني يمكن للحكام الاتصال بها للخدمة أثناء حالات الطوارئ، وعادة ما تكون في الكوارث الطبيعية، ولأغراض إنفاذ القانون، كما فعلوا عبر التاريخ. فأفراد الحرس الوطني هم أفراد بوظائف مدنية يمكن تفعيلهم كجنود مدربين بزي رسمي.

وبحلول 2 يونيو، وردًا على الاحتجاجات على وحشية الشرطة ضد السود، نشر الحكام سبعة عشر ألفًا من أفراد الحرس الوطني لمساعدة أفراد إنفاذ القانون المحليين في 23 ولاية.

ومع ذلك، فإن انتشارهم المسلح يغطي نطاقًا محدودًا من الإجراءات. وإذا أمر حاكم بنشر أفراد مسلحين من الحرس الوطني للتدخل في الحق في التصويت بحجة ردع العنف مثل تفريق صفوف طويلة من الناخبين قبل أو في يوم الانتخابات، فإن هذا الإجراء قد يؤدي إلى اضطرابات وقد يكون تمَّ الطعن فيه على الفور أمام المحاكم باعتباره سلوكًا غير دستوري بموجب قانون الولاية والقانون الفيدرالي. ومع ذلك، فقد كان الأمر صحيحًا من الناحية القانونية خلال الانتخابات التمهيدية لعام 2020 عندما قام المحافظون بتنشيط أفراد الحرس غير المسلحين في ثياب مدنية للعمل في أماكن الاقتراع لتسهيل عملية التصويت. وبالإضافة إلى ذلك، فقد دَعَت ثلاثون ولاية الحرس الوطني لتعزيز الأمن السيبراني من أجل الانتخابات العامة.

هل تملك الميليشيات غير المنظمة سلطة التصرف أثناء الانتخابات؟

إذا دعا الحاكم صراحة هذه الميليشيات إلى الخدمة تحت سلطة الدولة؛ إذ تحظر جميع دساتير الولايات الخمسين على الميليشيات غير المنظمة، أي الجماعات المسلحة الخاصة وغير المصرح بها، الانخراط في أنشطة مخصصة للحرس الوطني للدولة، مثل إنفاذ القانون. وقد قضت المحكمة العليا في عام 1886 بأن مثل هذه الأمور المحظورة لا تنتهك التعديل الثاني بموجب قانون الولايات المتحدة. وكان الدستور قد أعاد التأكيد على هذا الحكم في عام 2008. فنصت العديد من دساتير الولايات أيضًا على أن “الجيش يجب أن يخضع تمامًا للسلطة المدنية”. فبعض الولايات، بما في ذلك ميشيغان وأوريغون وبنسلفانيا، تحظر الأعمال شبه العسكرية “أثناء الاضطرابات المدنية أو تعزيزها”.

ومع ذلك، كانت هناك تجمعات لوحدات الميليشيات غير المنظمة في مظاهرات في عدد من الولايات في الأشهر الأخيرة، ولم يأمر أي حاكم بأي منها. ومع أنه من غير المحتمل، يمكن للحاكم أن يأذن لميليشيا غير منظمة بالوقوف على طوابير من الناخبين في مراكز الاقتراع أو الاستجابة لأدنى اضطرابات. وهو ما قد يدفع إلى بذل جهود فورية لإصدار الحاكم قانونًا بشأن تهم ترهيب الناخبين.

هنا يثار التساؤل: هل للولايات قوانين خاصة بحمل السلاح المفتوح؟

عندما تحمل الميليشيات غير المنظمة أو المواطنين الأفراد الأسلحة النارية علانية بما في ذلك بنادق (إيه كي -47) AK-47 وغيرها من الأسلحة الآلية، في أي سيناريو انتخابي، تتزايد المخاوف. لكن عددًا من الولايات لا تحظر ذلك (مثل أريزونا وفلوريدا وجورجيا وأيوا وميتشيغان ونورث كارولينا وأوهايو وبنسلفانيا وتكساس وويسكونسن)، إذ لا تحظر حمل البنادق، بما في ذلك البنادق الطويلة، من قبل المواطنين. في حين تحظر أريزونا وفلوريدا وويسكونسن حمل الأسلحة النارية في المباني العامة المختارة. وتحظر ميشيغان الحمل المفتوح في المؤسسات المالية ودور العبادة والمحاكم والمستشفيات والساحات الرياضية والمسارح. كما تحظر أريزونا وفلوريدا وميشيغان (من خلال التوجيهات الأخيرة) الحمل المفتوح في أماكن الاقتراع.

ما هي السلطة التي يمتلكها الرئيس ترمب لاستدعاء القوات الوطنية إذا قرر أن هناك تهديدًا مرتبطًا بالانتخابات للأمن القومي؟

هناك فئتان من القوات الوطنية تحت إشراف “ترمب” كقائد أعلى للقوات المسلحة. يتكون الأول من 1.38 مليون فرد نشط للولايات المتحدة في القوات المسلحة. وهناك 840 ألف فرد إضافي في القوات الاحتياطية، ومن هذا العدد، تمَّ اختيار أكثر من نصفهم بقليل من الحرس الوطني للجيش والحرس الوطني الجوي. وتعمل مكونات الحرس هذه تحت القيادة المزدوجة لحكام الولايات والحكومة الفيدرالية، حيث تتمتع الأخيرة بسلطة قيادة عليا لاستدعاء أفراد الحرس الوطني للولاية الذين يعملون كاحتياطي في الولايات المتحدة إلى الخدمة الفيدرالية النشطة. فالحرس الوطني يمكن أن يطلب بالخارج للتدريب أو لخوض الحروب. وقد قضت المحكمة العليا بأن هيكل القيادة هذا كان دستوريًا في عام 1990.

ويمنح الدستور الكونجرس سلطة “توفير دعوة الميليشيات لتنفيذ قوانين الاتحاد، وقمع العصيان وصد الغزوات”. لكن الكونجرس اعتمد قانون الانتفاضة لعام 1807، الذي يخول الرئيس تحقيق مثل هذه الأهداف باستخدام الولايات المتحدة. ويتطلب تعديل عام 1956 من الرئيس أولاً إصدار إعلان يأمر المتمردين بالتفرق.

فقد استند الرؤساء إلى قانون الانتفاضة 22 مرة بين 1808 و1992. اعتمد الرئيس “يوليسيس س. جرانت” عليه في عام 1872 لنشر القوات الفيدرالية لقمع الاضطرابات التي أعقبت انتخابات حاكم لويزيانا عام 1872، على الرغم من أن تلك الولاية لم تطلب المساعدة. فالرئيسان “دوايت دي أيزنهاور” و”جون إف كينيدي”، تذرعا بالقانون لفرض إلغاء الفصل العنصري المفروض فيدراليًا في الولايات الجنوبية، وذلك رغم معارضة الحكام.

إذ يقف قانون التمرد الغامض نسبيًا كاستثناء لقانون (بوس كوميتاس) Posse Comitatusالمعروف على نطاق واسع لعام 1878، بصيغته المعدلة، والذي يحظر بحسب اللوائح على الجيش والقوات الجوية، وسلاح البحرية ومشاة البحرية، إنفاذ القوانين المحلية داخل الولايات المتحدة. وهو ما يشمل أي عنصر فيدرالي من الحرس الوطني للدولة تستدعيه وزارة الدفاع إلى الخدمة الفعلية.

وهنا يوجد قيود من قبل الجيش على أي محاولة من الرئيس للتدخل بالقوة المسلحة ضد الشعب الأميركي. ويحظر القانون الاتحادي أيضًا نشر عملاء اتحاديين مسلحين في أماكن الاقتراع.

وقد يؤدي نشر “ترمب” لوحدات مختلفة من الحرس الوطني لتطهير المتظاهرين بالقرب من البيت الأبيض في يونيو، بالإضافة إلى إرساله عملاء من وزارة الأمن الداخلي لحماية المباني الفيدرالية في بورتلاند بولاية أوريغون، إلى معاينة الإجراءات الرئاسية المحيطة بالانتخابات. ذلك أن سلطته في استخدام القوات العسكرية في مقاطعة كولومبيا بعيدة المدى أكثر مما كانت عليه في الخمسين ولاية.

هل يستطيع الجيش أن يتحدى أوامر الرئيس؟

لقد رسم رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال “مارك إيه ميلي”، مؤخرًا، خطًا أحمر في حالة وجود نتيجة انتخابات متنازع عليها، قائلاً: “إذا كانت هناك “نتيجة متنازع عليها”، فسيتم التعامل معها بشكل مناسب من خلال المحاكم من قبل الكونجرس، حيث لا يوجد دور للولايات في هذا الصدد. فالدور العسكري في تحديد نتيجة انتخابات الولايات المتحدة (صفر).

ويمكن للقادة العسكريين والجنود على مستوى الولاية والمستوى الوطني تفسير تلك الأوامر على أنها غير قانونية، لا سيَّما إذا كانت تستند إلى أكاذيب، ويرفضون الامتثال لها. ذلك أن صلاحيات المحكمة لمنع الرئيس وأي حاكم من متابعة مثل هذا الاستخدام العسكري ستحيل الأمر إلى السلطة القضائية، حيث ستكون المحكمة العليا هي ساحة المعركة النهائية.

كيف تعاملت الديمقراطيات المتقدمة الأخرى مع الجماعات المسلحة فيما يتعلق بالتصويت أو فرز الأصوات؟

تتزايد المخاوف في الولايات المتحدة مقارنة بغيرها من الديمقراطيات المتقدمة الأخرى، وهو ما يرجع جزئيًا إلى قوانين الأسلحة المختلفة إلى حد كبير. ففي عدد من الديمقراطيات مثل كندا وألمانيا والهند والمملكة المتحدة، قوانين صارمة لمراقبة الأسلحة لدرجة أن ظهور الجماعات المسلحة في مراكز الاقتراع وفي الشوارع أثناء الانتخابات يعدُّ أمرًا نادر الحدوث. ومع ذلك، فقد أرهبت الجماعات المسلحة أو الجماعات العنيفة الناخبين المحتملين في الهند، مما أدى إلى “التخطيط بشأن نقاط الضعف” وذلك بهدف تحديد أماكن الاقتراع الأكثر تعرضًا للخطر وتخصيص أفراد الأمن لردع التهديدات.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر:  Council on Foreign elations

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر