سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سيكون التعافي مؤجلاً، وسيكون الأثر الأهم للقيود الجديدة والشديدة في لندن وجنوب شرقي إنجلترا على المواطن العادي، لكن تداعيات اقتصادية جدية ستحصل أيضاً، وسيُضَاف البؤس الاقتصادي إلى حصيلة الآثار السلبية على المواطنين في كل الأشكال. ماذا يمكننا أن نقول عن ذلك؟
نقطة البداية بسيطة جداً، لا يمكن أن يحصل تعافٍ مستدام حتى يخضع الأشخاص الأكثر هشاشة للتلقيح، وإلى أن يتراجع معدل الوفيات، لن تحصل إعادة فتح عامة لقطاعي الضيافة والترفيه اللذين عانيا أكثر من غيرهما، وسيخضع الفصل الأول من السنة لمستويات مختلفة من القيود، لن يمكن التخفيف من آثارها إلا جزئياً من خلال الإجراءات الحكومية، وسواء شهد الفصل المذكور انكماشاً اقتصادياً أم لا، سيبدو الركود فيه مزدوجاً، وستواصل الأعمال التي ازدهرت خلال السنة الماضية أداءها الحسن، وستحاول تلك التي تضررت الصمود في شكل ما.
ومن الجهة الأخرى، نعرف أن الاقتصاد يعاود العمل السريع لدى رفع القيود، فقد شهدنا ذلك في الصيف مع المشروع المسمى “تناولوا الطعام خارج المنزل في مد ليد المساعدة” Eat Out to Help Out، ويشهد سكان ووهان الصينية ذلك الآن، فبعد أشهر من الإغلاق التام، أصبحت المدينة مركزاً للاحتفالات، لذلك يمكننا أن نثق تماماً بأن الانتعاش، حين يُتَاح له أن يتحقق، سيكون قوياً.
وهذا يدفع إلى طرح سؤالين. ما مدى الضرر الذي سيتسبب به هذا الإغلاق الجديد؟ وما مدى تأخر التعافي؟
من الصعب التفاؤل في شأن السؤال الأول، لقد تعلم قطاع الأعمال والتجارة كثيراً عن التأقلم مع القيود الجديدة، فعثرت على طرق للحفاظ على بعض النشاط على الرغم من الضوابط، تماماً مثلما تدبر كثر منا الاستمرار في العمل من المنزل، وتشير الأدلة الخاصة بالشهر الماضي تقريباً إلى أن تراجع النشاط كان أقل حدة مقارنة به في الربيع. لكن الأمر قد يتغير الآن.
فكلما طال الإغلاق وازداد حدة، خلال الأسبوع المفترض أنه الأكثر نشاطاً خلال العام لكل من قطاع الضيافة والأسواق التجارية، ازداد الضرر، وستعاني بعض المؤسسات المتوقفة عن العمل التي كان من المفترض أن تعيد فتح أبوابها لكنها لن تتمكن من ذلك الآن، ولن نعرف مقدار الضرر حتى الصيف، فليس في مقدور المرء أن يعرف أن مؤسساتنا ستبقى متوقفة حتى تظل كذلك بالفعل.
ومن الأسهل احتساب التأخر في التعافي وإبداء بعض التفاؤل في شأنه، فلطالما كان من المتوقع حصول تعافٍ بطيء خلال الفصل الأول من العام المقبل، حتى من دون الموجة الجديدة من الفيروس، وكان من المتوقع رفع القيود ببطء لكن باطراد، ويمكن القول بطريقة فجة إن الأمور ستعود إلى كثير من طبيعتها بحلول عيد الفصح، مع الأخذ في الاعتبار أن الوضع الطبيعي الجديد سيكون مختلفاً عن الوضع الطبيعي القديم، فقد يبقى الناتج المحلي الإجمالي أقل من ذروته وقد تظل الديون في المجالات كلها تقريباً أعلى مما كانت عليه قبل كورونا، لكن الأمور ستبدو طبيعية: سيبدو الركود “طبيعياً” وليس شيئاً مختلفاً عما خبرناه يوماً.
ونعرف أن الوصول إلى “الوضع الطبيعي الجديد” سيأخذ وقتاً أطول. ووفق حدسي الخاص، ستؤخر الضوابط الجديدة التعافي لشهرين أو ثلاثة.
وسيُستعَاد النمو بحلول عيد الفصح، لكن الوضع لن يبدو طبيعياً حتى الصيف وذلك لسببين، الأول أن الوفيات بسبب الوباء ستتراجع إلى مستويات متدنية جداً، وستبقى بعض القيود على أنشطتنا حتى تتوافر اللقاحات وتُوَزَّع في شكل شامل، والثاني أن الضرر المالي المترتب على الإغلاقات الجديدة سيخلف ندوباً في الأفراد والمؤسسات التجارية معاً، وسيمر شهران، إذا جاز التعبير، من التعافي من الجراح إذ سينظم المواطنون والمؤسسات التجارية أوضاعهم المالية.
معلوم أن مدخرات الأسر قد ارتفعت منذ بدء فرض الإغلاقات، لكن الاستطلاعات التي قام بها بنك إنجلترا تشير إلى أن الناس سيترددون في إنفاق هذه المدخرات فور أن تُتاح لهم الفرصة لذلك، وبالطبع، مع ارتفاع المدخرات الإجمالية، عانى كثر من الناس، لا سيما من يعملون لحسابهم الخاص، من تبخر مدخراتهم.
ويتلخص قلقي في أن الناس الذين تمكنوا من ادخار المال لن يرغبوا في إنفاقه، في حين أن الذين لم يتمكنوا من الادخار لن يكون لديهم على أي حال المال اللازم للإنفاق، إذاً، سيحصل تعاف متقلب بعد شهرين مما كان يُؤمَل، لكن في وقت كهذا، ومع احتفالات عيد الميلاد المتشح بالكآبة، لا يبدو أن انتظاراً أطول قليلاً للوضع الطبيعي الجديد سيكون مريعاً كثيراً، وهكذا يستمر المسار البطيء، لكننا قطعنا ثلاثة أرباع المسافة.
المصدر: The Independent
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر