منطقة ترانسنيستريا | مركز سمت للدراسات

ما الذي يجب فعله كي تغادر القوات الروسية منطقة ترانسنيستريا؟

التاريخ والوقت : الأحد, 31 يناير 2021

مادالين نيكسوتو

 

بينما تتصارع مولدوفا وروسيا مرة أخرى حول الوجود العسكري لموسكو في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية، تنظر شبكة البلقان للتحقيقات بما يلزم لإنهاء هذا النزاع المستمر منذ عقود.

فبدأت العلاقات بين رئيسة مولدوفا الجديدة الموالية لأوروبا، “مايا ساندو”، وروسيا في الاتجاه الخاطئ عندما تعهدت “ساندو” على الفور بضمان سحب روسيا لقواتها أخيرًا من منطقة ترانسنيستريا التي انفصلت عن مولدوفا بدعم روسي في أوائل التسعينيات.

إذ قالت “ساندو “في إحدى المقابلات في 30 نوفمبر: “إننا متأكدون من أننا سنجد صيغة لحل النزاع في ترانسنيستريا، إذ ينبغي أن يشمل هذا الانسحاب الكامل للقوات الروسية من مولدوفا. وقد قلت ذلك دائمًا، وسنقول ذلك في المستقبل أيضًا. ذلك أن الهدف هو انسحاب القوات الروسية من مولدوفا؛ لأنه لم يكن هناك أي خطر من العمل العسكري في المنطقة لفترة طويلة”.

وفي معظم خطاباتها أمام الجمهور عالميًا منذ توليها المنصب في ديسمبر، أصرت “ساندو” على انسحاب القوات الروسية وإزالة الأسلحة الروسية من أراضي مولدوفا.

وقد دعت الرئيسة الجديدة إلى استبدال بعثة حفظ السلام العسكرية الحالية ببعثة مراقبة مدنية تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقالت إنه لا يوجد خطر في الوقت الراهن من اندلاع نزاع مسلح جديد على ضفاف نهر دنيستر الذي يفصل مولدوفا عن المنطقة الانفصالية.فقد رصدت شبكة البلقان ما يجب القيام به في كل من روسيا ومولدوفا من حيث الوجود الدولي، لحمل القوات الروسية على مغادرة ترانسنيستريا.

الملحمة التي يعود تاريخها إلى أوائل التسعينيات

مع تفكك الاتحاد السوفييتي، وإعلان جمهورية مولدوفا السوفييتية السابقة استقلالها، اندلع القتال بين أولئك الذين دافعوا عن الاستقلال أو كانوا يخشون ذلك. فبعد خمسة أشهر من القتال بين المتمردين الموالين لروسيا المدعومين من الجيش السوفييتي السابق الرابع عشر والجيش المولدوفي، وقَّع الرئيسان الروسي “بوريس يلتسين” والمولدوفي “ميرسيا سنيغور”، معاهدة سلام في 29 يوليو 1992. وقد نتج عن ذلك قيام بعثة حفظ سلام بدوريات على الضفة اليسرى لنهر دنيستر، تتألف من وحدات عسكرية روسية ومولدوفية، وممثلين عن إدارة منطقة ترانسنيستريا ومراقبين عسكريين أوكرانيين.

واليوم، تحتفظ موسكو بمهمة حفظ السلام في ترانسنيستريا من حوالي 500 جندي ومجموعة عمليات القوات الروسية، من 1000 إلى 1500 جندي؛ إذ يحرسون أحد أكبر مستودعات الذخيرة في أوروبا الشرقية، في كوباسنا، التي يُعتقد أنها تضم حوالي 20 ألف طن من البنادق والذخيرة، كما يشارك حوالي ألف جندي روسي في ترانسنيستريا في الإشراف على مستودع الأسلحة.

ومن وجهة النظر العسكرية، فإن مولدوفا أضعف بكثير من منطقتها الانفصالية.

ويبلغ عدد جنود مولدوفا حوالي 6000 جندي في جيشها الصغير، بينما يبلغ عدد القوات العسكرية في ترانسنيستريا ما بين 10 آلاف و15 ألف جندي. علاوة على ذلك، فإن الجيش المولدوفي ليس لديه طائرات حربية أو دبابات، في حين جيش ترانسنيستريا المنشق لديه كل ذلك.

إضافة أن القوات الروسية تجري أكثر من 100 مناورة عسكرية مشتركة مع ترانسنيستريا سنويًا، مما يجعل قوات نظام تيراسبول جاهزة لأي سيناريو عسكري.

وحتى الآن، لم يتم إحراز أي تقدم في جعل روسيا تقلل عدد القوات في المنطقة، ناهيك عن سحبها جميعًا.

وفي 2 مايو 2017، قضت المحكمة الدستورية في مولدوفا بأن الحركة كانت كلها في الاتجاه الخاطئ. وأضافت أن الاتحاد الروسي “لم يسحب قواته المحتلة من شرق البلاد، بل على العكس من ذلك، عزز وجوده العسكري في الجزء الترانسنيستري من مولدوفا، ولا تزال مولدوفا تحت الاحتلال العسكري”.

لقد أصبحت إمكانية إحراز تقدم بين الجانبين في الوقت الحالي غير مرجحة بسبب الشؤون الداخلية المعقدة قبل الانتخابات المبكرة المتوقعة في مولدوفا من هذا العام، فضلا عن الافتقار الحالي للاهتمام بالمجتمع الدولي. وهناك شريط أرضي بين مولدوفا وأوكرانيا، يُسمَّى ترانسنيستريا الذي يمثل قاعدة للعمليات الفعلية لمصالح موسكو في المنطقة الأوسع.

وفي قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في إسطنبول عام 1999، تعهدت روسيا بسحب جيشها من ترانسنيستريا. ومع ذلك، فقد فشلت في احترام هذه التعهدات.

في الوقت الحالي، ليس لدى كيشيناو الرسمية أدوات لإجبار روسيا على الانسحاب من ترانسنيستريا. وأهم من ذلك أن أحكام عام 1992 تنص على أن الانسحاب غير ممكن دون موافقة روسيا. وابتداء من اليوم، من غير المرجح أن تقبل السلطات في تيراسبول الانسحاب على الإطلاق، وكذلك الحال بالنسبة لموسكو.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر موسكو القاعدة العسكرية الأميركية في رومانيا المجاورة لمولدوفا تهديدًا كبيرًا. لذلك، فمن المحتمل أن تعتبر وجودها العسكري في ترانسنيستريا أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذ ترفض موسكو المطالبات بالمغادرة ووصفتها بأنها “غير مسؤولة”.

وبالفعل رفض وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” تعهد “ساندو” بسحب القوات الروسية من ترانسنيستريا ووصفه بأنه “مطلب غير مسؤول”. إذ قال “لافروف” في مؤتمر صحفي في الأول من ديسمبر: “من غير المرجح أن تساعد هذه المطالبات في حل الصراع، ولن نتمكن من قبول مثل هذه المطالب غير المسؤولة. وقبل ذلك، أخبرت “إيلينا بانينا”، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي، “ريا نوفوستي” أن انسحاب القوات الروسية من ترانسنيستريا يهدد “بفك” الصراع في ترانسنيستريا، إذ تريد “ساندو” أن تغادر قوات حفظ السلام الروسية ترانسنيستريا، ولكن منذ البداية تستثني سيناريو الفيدرالية، التي يمكن من خلالها تحقيق توازن المصالح والسلام الدائم.

وبدلاً من ذلك، فإن ما يتم اقتراحه على شعب ترانسنيستريا هو العودة إلى الوضع الذي كان عليه في عام 1992، عندما اندلع صراع دموي أودى بحياة الآلاف من الناس.

فلن يقبل تيراسبول مثل هذا السيناريو على أي حال، إذ كان من الممكن حل قضية ترانسنيستريا قبل 17 عامًا عندما اقترحت روسيا مذكرة كوزاك، وتمت الإشارة إلى وثيقة رفضها رئيس مولدوفا آنذاك، “فلاديمير فورونين” في عام 2003.

لقد كانت الخطة التي روج لها مسؤول موسكو “ديمتري كوزاك” تتمثل في إعادة توحيد مولدوفا وترانسنيستريا في اتحاد ضعيف. لكن مولدوفا رفضت الاقتراح، خشية أن يمنح ترانسنيستريا وروسيا التي ترعاها، نفوذًا أكثر من اللازم في الشؤون الداخلية لمولدوفا، مما يربط مولدوفا بروسيا.

وبجانب اقتراح إنشاء دولة مولدوفا الفيدرالية غير المتكافئة، فقد نصت الأحكام بشكل مهم على استمرار وجود القوات الروسية في مولدوفا لمدة 20 عامًا أخرى، حتى عام 2023.

سيناريو الانسحاب سيشمل ثلاث “ركائز

قال خبير من منظمة برومو ليكس Promo-LEX، “أيون مانول”، إن مهمة حفظ السلام لتحل محل القوات الروسية ستساعد في تخفيف التوترات في المنطقة من خلال تنفيذ نزع السلاح في المنطقة الانفصالية.

وقد اتهم وسائل الإعلام الروسية بتشويه تصريحات “ساندو” الأخيرة، إذ قال إنه عندما كررت “ساندو” التزام الاتحاد الروسي بالانسحاب من ترانسنيستريا، تم استخدام التلاعب القديم لتضليل الجمهور وإحداث الذعر. ولا ينبغي الخلط بين القوات العسكرية الروسية التي يجب أن تنسحب من أراضي مولدوفا وبين قوات حفظ السلام.

يقول المحلل العسكري ووزير الدفاع السابق “فيوريل سيوباتارو” لشبكة البلقان: إن أي انسحاب للقوات الروسية يجب أن يتضمن ثلاث “أركان”، إذ سيتعين على مولدوفا أولاً القضاء على الفساد المستشري والتهريب في ترانسنيستريا، التي قال إنها استخدمت كمنصة تهريب لما يقرب من ثلاثة عقود.

كما يتعين، ثانيًا، على مولدوفا أن تضغط من أجل التدمير الخاضع للرقابة للذخيرة القديمة المخزنة تحت الحراسة الروسية في كوباسنا.

وثالثًا، سيتعين على كل من مولدوفا وروسيا التوقيع على معاهدة تضمن عدم مهاجمة سكان مولدوفا على ضفتي حدود دنيستر.

لقد دخلت مولدوفا في حزمة الاتفاقات هذه مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا وحلف شمال الأطلسي مُحَذرةً كيشيناو من استخدام القوة ضد تيراسبول. وقد قال قائد الجيش السابق لمولدوفا “لبيرن” إن روسيا الآن يجب أن تتخذ أيضا الخطوات الضرورية.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Balkan Insight

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر