وطلبت “تويتر” من محكمة في ولاية ديلاوير بأن تأمر ماسك بإتمام عملية الاستحواذ بالمقابل المتفق عليه وهو 54.20 دولار للسهم في الشركة، وفقا لما جاء في الدعوى.
وجاء في الدعوى أيضا أنه “بعد أن اقترح اتفاق استحواذ ثم وقع عليه، يعتقد ماسك فيما يبدو أنه -على عكس كل الأطراف الأخرى الخاضعة لقانون عقود ديلاوير- له الحرية في تغيير رأيه وتعطيل عمليات الشركة وتدمير قيمة أسهمها قبل أن يمضي إلى حال سبيله”.
وفي المقابل، تقدم ماسك، يوم السبت، بطلب إلى القضاء الأميركي بعدم إجراء محاكمة قبل 13 فبراير نظرا للطابع المعقد للعناصر التي سيتم فحصها وتدقيقها.
وفي وثيقة قضائية نقلتها وسائل الإعلام الأميركية، اتهم محامو رئيس مجموعة “تسلا” مجلس إدارة موقع “تويتر” بالعمل على تسريع القضية والمحاكمة.
وبعيدا عن الجانب القانوني والنزاع الذي سينشأ بين الطرفين ونهايته، فلا بد أن نتوقف عند بعض الدروس العملية التي يمكننا أن نستقيها ونتعلمها من هذه القضية.
بداية لم يتحل ماسك بالشجاعة الكافية للاعتراف بأنه أخطأ بالإقدام على الصفقة، فقد وافق في أبريل الماضي على دفع 44 مليار دولار لشراء الشركة، إلا أنه لم يكن موفقا في التوقيت، إذ كان هناك ارتفاع في أسعار الفائدة، واحتدمت الأزمة الأوكرانية، وشهدت أسواق الأسهم تراجعا حادا.
وهكذا تراجع سهم “تويتر” إلى منتصف الثلاثينات في مايو، وانحدر إلى ما دون 33 دولارا، أي انخفاضا بنسبة 11 في المئة، يوم الاثنين الماضي، والذي كان الأول للتداول بعدما كشف ماسك عن عدم رغبته في استكمال عملية الاستحواذ على المنصة.
وأشار تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إلى تراجع حصة ماسك في “تسلا” التي تمثل ركيزة ثروته الشخصية، بعد الإعلان عن صفقة “تويتر”، بأكثر من 100 مليار دولار من ذروتها في نوفمبر 2021.
وتطبيقا للمثل الشعبي القائل “أتغدى فيه قبل ما يتعشى فيك”، ادعى ماسك أن سبب تراجعه عن الصفقة هو “تعتيم” تويتر على العدد الحقيقي للحسابات المزيفة والبريد العشوائي على المنصة.
صحيح أن ماسك كان رائد أعمال في مجالات عديدة مثل السيارات الكهربائية والصواريخ التجارية وغيرها، إلا أن قصته مع “تويتر” كشفت عن أنه رجل أعمال “غير موثوق”، مستعد للتراجع عن صفقاته بحجج واهية، إذ أن الاستحواذ على شركة صغيرة يتطلب التدقيق في شؤونها وعملياتها قبل توقيع أي عقد، فكيف غاب ذلك عن باله ونحن نتحدث هنا عن شركة بحجم “الطائر الأزرق”.
كذلك أخطأ ماسك في الكشف سريعا عن خططه المستقبلية لـ”تويتر” والتي يمكن أن تستفيد منها الشركة الآن مجانا مثل فرض رسوم على الشركات والجهات الحكومية لاستخدام الموقع ضمن فئة الحساب التجاري، وربط الرسوم الخاصة بالمستخدمين بعدد متابعيهم مقابل منحهم مزايا قادمة لم يكشف عنها.
ومن المفارقات أيضا أن تحرك ماسك الأخير قد يطلق العنان لـ”تويتر” لإصلاحات تشمل رسوما على التحقق من الحسابات مثلا، والتخلص من الحسابات الزائفة، وبالتالي رفع مستوى الموثوقية، وازدهار الأعمال بالمحصلة النهائية.
ومن أخطر التداعيات التي سيتأثر بها ماسك تضرر مصداقية العالم بـ”تسلا” التي تستمد قوتها واسمها من رئيسها التنفيذي.
وسيعاني ماسك في المستقبل إن فكر بالاستحواذ على شركة جديدة لأن سيناريو ما حدث مع “تويتر” قد يجعل أي مؤسسة تفكر طويلا قبل أن تعرّض أسهمها لخسائر كبيرة، وتغامر بصفقة قد تنتهي في المحاكم.
تخلي ماسك عن صفقته مع “تويتر” لا تعني نهاية العالم بالنسبة للمنصة، فهي بمثابة الفرصة للنهوض مجددا بهيكل إداري وقانوني ومنتجات جديدة واستثمارات أفضل في المستقبل.
وأخيرا على ماسك أن يدرك أن القيادة والريادة في الأعمال مقترنة بالقرارات المدروسة المبنية على الثقة، وفقدان تلك الأمور ترسم علامات استفهام كثيرة حول قوة هذا القائد.