سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عساف المسعود
الحقيقة أن مؤشرات الوضع العالمي قفزت إلى أعلى مستويات التوتر بسبب تدهور الوضع الصحي في العالم، بالإضافة إلى ما تحمله الانتخابات الأميركية من صراعات محمومة على الرئاسة، والتي تفتح أمامنا كأي حالة سياسية، سيلاً من التساؤلات الأخلاقية، والسياسية، والإعلامية كذلك.
والسؤال اليوم، إعلامي بجدارة، وهو: ماذا لو فاز ترمب؟ وماذا لو خسر؟ فالمشهد الأميركي خلال فترة رئاسة السيد دونالد ترمب يُحتم على المشتغلين في الإعلام الإجابة على عدة تساؤلات تدور حول نظرية “الآثار المباشرة لوسائل الإعلام”.
بمعنى، أنه في حال فاز الرئيس ترمب في الانتخابات الحالية، سيضعنا ذلك في زاوية الرأي القائل إن وسائل الإعلام بمعزل عن “الدعاية السياسية”، ليست ذات كفاءة عالية في التأثير سياسيًا، لأسباب قد تتعلق بارتفاع الوعي الجماهيري، أو حسابات أخرى. وهذا ما ألمح إليه، “مارشال ماكلوهان”، في كتابه “من أجل فهم وسائل الإعلام”، مستشهدًا بأحد فصول التاريخ، وهو أن “هتلر”، وحسب المؤرخين الألمان، لم يحصل على غالبية أصوات الناخبين بفضل “الإذاعة” التي كانت منصة إعلامية قوية حينها، بل على العكس كانت الإذاعة في يد معارضيه، وأن فوزه بالانتخابات يعود لاجتماع القيادات الألمانية حوله، لا بسبب سيطرته على الإذاعة، كما روج له الكثير عند قراءتهم لمشهد صعوده للسلطة.
في المقابل، ماذا لو خسر ترمب المارثون الانتخابي اليوم، واكتفى بأربع سنوات رئاسية، وما هو أثر ذلك على النظريات الاتصالية والإعلامية، حيث لن يمكن الخروج من تفسير أن لوسائل الإعلام الأثر الأكبر على خسارة ترمب للناخب الأميركي، بعد أربع سنوات من التهكم والمهاجمة. ذلك الذي سيعزز نظريات ارتباط السيسيولوجيا بعلم الاتصال والإعلام، والذي كان لأعمال “غوستاف لوبون وولوتر ليمبان” في علم النفس الجماهيري، وتحريك الرأي العام، الأثر الواضح في بلورتها.
مثل هذا الأثر الإعلامي على الحالة السياسية، سيعيد للواجهة اتهامات قديمة لوسائل الإعلام، وهي أنها وحش كاسر قادر على قلب النتائج، وممارسة السياسة، وتغيير المزاج والرأي العام، وليس كما تزعم مدارس الإعلام الغربية الليبرالية، بأنها وسيلة ديمقراطية تكتفي بإيصال الرأي والخبر، وتعزيز وعي المجتمع.
الخلاصة، إن فوز ترمب سيضع العالم أمام أسئلة جديدة تتعلق بالممارسات الإعلامية، وقدرة الإعلام على تغيير مسار الأحداث والوقائع. أمَّا على الناحية الأخرى، وهي خسارة ترمب، فالمتوقع أن ترفع من لهيب الحروب الإعلامية. هذا النمط من الحروب الذي سيعمق – بلا شك – التوترات العالمية بين الدول، خصوصًا مع تطور التقنيات الإعلامية.
كاتب وباحث أكاديمي سعودي*
@AlmsaudAssaf
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر