ماذا تعني إعادة انتخاب أردوغان لتركيا وللعالم؟ | مركز سمت للدراسات

ماذا تعني إعادة انتخاب أردوغان لتركيا وللعالم؟

التاريخ والوقت : الأربعاء, 27 يونيو 2018

هيلاري كلارك وجول تويسوز

 

يعتبر رجب طيب أردوغان – بالفعل – أطول حكام تركيا الحديثة بقاء في السلطة، فنتيجة الانتخابات التي أجريت، الأحد الماضي، تضمن له تأييدًا للتدابير المتشددة التي من شأنها أن تدق نواقيس الخطر بأروقة القوى الغربية.

وما إن تمَّ إعلان فوز أردوغان، إلا وسارع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والصومالي محمد عبدالله محمد، إلى تهنئة لاعب كرة القدم السابق، ورئيس بلدية إسطنبول، على رئاسته الجديدة لتركيا.

وخلال خطاب النصر، قال أردوغان: “الفائزون في انتخابات 24 يونيو هم تركيا والأمة التركية ومن يعانون في منطقتنا وجميع المضطهدين في العالم”. لكن: ماذا تعني نتائج تلك الانتخابات حقًا؟

 

أردوغان يُحكم قبضته!

بدأ أردوغان فترة رئاسته الجديدة لمدة 5 سنوات بمزيد من الصلاحيات التي أكد عليها الاستفتاء العام، والتي استنكرها منتقدوه بوصفها انتزاعًا قويًا للسلطة.

وفي ظل النظام الجديد، تمَّ إلغاء مكتب رئيس الوزراء، وتقليص سلطات البرلمان، وتوسيع نطاق سلطة الرئيس؛ وهو ما يعني أن أردوغان سيكون قادرًا على الترشح لولاية أخرى، ومن ثَمَّ يمكنه البقاء في السلطة حتى عام 2028.

وبالنظر إلى مسيرته، نجد أن أردوغان سعى دائمًا لتعزيز سلطاته؛ فقد تعامل بشدة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وفي عام 2003 تمكن من الإفلات من تحقيقات الفساد التي طالت الدائرة المحيطة به. وفي أعقاب المحاولة الفاشلة للانقلاب عليه عام 2016، عمل أردوغان على إقصاء خصومه بإقالة عشرات الآلاف من العاملين في الحكومة، وإدانة المؤسسات العامة، وسجن الأصوات الناقدة له، والضغط على وسائل الإعلام.

 

أخبار سيئة للمعارضة

حصلت المعارضة التركية على فرصة جيدة، لكنها أحبطت في صناديق الاقتراع. ومع ذلك، ورغم إسكات المعارضة، فإن نصف الأتراك صوتوا ضده؛ وهو ما يعني أن المعارضة لا يزال لديها صوت في البرلمان، كما لا يزال الرهان قائم لتلك المعارضة على الزخم المستمر المصاحب للحملة الانتخابية.

 

نتائج مختلفة للأكراد

يقاتل الجيش التركي، “حزب العمال الكردستاني” الانفصالي، الذي تعتبره الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وآخرون، منظمة إرهابية، منذ ما يقرب من أربعة عقود؛ حيث يستبعد حزب العدالة والتنمية تحت رئاسة أردوغان، العودة إلى عملية السلام التي انهارت عام 2015.

ورغم الانتصار المدوي الذي حققه أردوغان على خصمه اللدود في الانتخابات، فإن المناطق ذات الوجود الكردي، تشهد احتفالاً بسبب حصول حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد على الحد الأدنى من النسبة التي تمكنه من دخول البرلمان، مما يعيق بدوره مخطط أردوغان باستبعاد التمثيل الكردي في تلك المناطق.

غير أن ذلك تحقق، رغم أن صلاح الدين ديمرتاش، المرشح الرئاسي للحزب، كان يقبع في السجن بتهمة الإرهاب.

 

المزيد من الضربات لحرية التعبير

سادت أجواء الخوف الخانقة، المشهد الإعلامي التركي، ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، لا يزال أكثر من مئة وعشرين صحفيًا في السجون التركية من محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. ويبقى السؤال: هل سيُخلي أردوغان سبيل هؤلاء الصحفيين؟ لكن على أية حال، فقد أبدت وسائل الإعلام الرسمية، انحيازًا واضحًا طوال الحملة الانتخابية.

 

الاقتصاد لا يزال في دائرة الخطر

ارتفع سعر الليرة التركية إلى نحو 3% يوم الاثنين، كما ارتفع مؤشر البورصة الرئيس بالبلاد، وهو ما قد يقتصر على المدى القصير.

فقد شهدت الفترة التالية لمحاولة انقلاب يوليو، انخفاضًا في العملة التركية بشكل كبير، كما لجأ البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة إلى ما يقرب من 18% في محاولة للتصدي لذلك التمدد؛ وهو ما تسبب في معاناة واضحة للمواطنين الأتراك.

كما أن أردوغان، الذي أعلن أنه يرغب في سيطرة أكبر على اقتصاد بلاده، زاد الأمر تعقيدًا مع إعلانه نيته في السيطرة على أسعار الفائدة، وهو التأثير الذي انعكس – بالضرورة – على المستثمرين الأجانب.

 

الهجوم التركي على سوريا سيستمر

وخلال خطاب الفوز، أعلن أردوغان أن تركيا ستواصل العمل على “تحرير الأراضي السورية”، حيث تخوض تركيا عملية عسكرية تستهدف الجماعات الكردية في شمال غرب سوريا لتطهير المنطقة الحدودية من الميليشيات التي تعتبرها أنقرة منظمات إرهابية.

وهو ما تختلف تركيا فيه مع الولايات المتحدة، حليفتها في حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، التي تدعم بعض القوى الكردية التي تستهدفها تركيا. ففي شهر مارس الماضي، حذَّرت الولايات المتحدة من أن العملية التركية في شمال غرب سوريا من شأنها أن تشتت التركيز على قتال “داعش”، فضلاً عن أن ذلك يسمح ببقاء قواتها في بعض المناطق.

 

وتظل الأسئلة حول حلف الناتو

فقد أصبحت تركيا تحت حكم أردوغان، تمثل أكبر الإشكاليات بالنسبة لحلف الناتو؛ فبالإضافة إلى أنها تسهم في تقويض السياسة الأميركية بسوريا، فإنها تنافس الحلفاء في الناتو على عدد من القضايا في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى بروز التساؤلات حول دور أنقرة في التحالف العسكري.

وفي هذا السياق، فقد أزعجت تركيا حلفاءها بالناتو حينما أقدمت على شراء الصواريخ بعيدة المدى من روسيا، بجانب نظام القذائف غير القابل للتشغيل المتبادل مع دفاعات الناتو الموجودة؛ حيث تأتي تلك الصفقة التركية الروسية في وقت تستعرض فيه موسكو دورها بالشرق الأوسط.

وبينما يجدد المسؤولون الأتراك التزامهم بالتحالف أخيرًا، وصف الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، التوترات المصاحبة للموقف التركي بأنها “قضية صعبة”.

 

لم يكن طريق تركيا للاتحاد الأوروبي بعيدًا فيما سبق

إن تركيا التي يقع جزء من أراضيها بقارة أوروبا، تقدمت بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي منذ 30 عامًا. وكثيرًا ما كانت المحادثات التفاوضية التي خاضتها تركيا ذات الأغلبية المسلمة للانضمام للاتحاد الأوروبي، محادثات شاقة. لكن حاليًا، وفي ظل حكم أردوغان، تتضاءل احتمال دخول تركيا للاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف متزايدة على وضع حقوق الإنسان في تركيا.

لقد كانت هذه الانتخابات هي الأولى التي لم ينتقد فيها أردوغان دول الاتحاد الأوروبي  وسياساتها، وهو ما يمكن إرجاعه إلى الأوضاع الاقتصادية التي تعاني من الهشاشة الواضحة، رغم ما يراه البعض من أنه يرغب في تطوير علاقاته مع الأوروبيين، لكن من موقع قوة.

 

أردوغان يركز نظرته على إحياء الإمبراطورية العثمانية القديمة

تركزت السياسة الخارجية التركية، بشكل متزايد، على إعادة بناء العلاقات بين الدول التي كانت تخضع لنفوذ الإمبراطورية العثمانية السابقة، بل وكافة دول العالم الإسلامي؛ فغالبًا ما تميزت علاقة أنقرة بهذه الدول بالعلاقات الأخوية، كما لعبت “وكالة التنمية الوطنية”، وهي إحدى أدوات القوة الناعمة التركية خارجيًا، دورًا في تنفيذ مشاريع أنقرة عبر البلقان والشرق الأوسط وإفريقيا.

فعلى سبيل المثال، أنشأت تركيا أكبر قاعدة خارجية لها بالصومال التي دمرتها الحروب لتدريب أبناء هذا البلد، في الوقت الذي تقوم فيه الوكالة التركية بتنفيذ مشاريع التنمية. وقد نشط ذلك التحرك الخارجي واتسع نطاقه ليصبح جزءًا لا يتجزأ مع عملية بحث تركيا عن أسواق خارجية أوسع؛ فعندما يسافر أردوغان إلى بلدان في هذه المناطق، يرافقه مستشارون اقتصاديون ووفود تجارية حتى يمكن الاستفادة من الزيارة الرئاسية اقتصاديًا.

 

 إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: موقع CNN

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر