سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تتفاوت مستويات مجال الأمن المعلوماتي (السيبراني) في دول الخليج العربي، حيث تتفوق كلٌّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة ودولة قطر في هذا المجال في جميع مستوياته، سواء كانت تعليمية أم دولية؛ ولذلك نجد الاستعداد الكامل لحماية البنية المعلوماتية في هذه الدول ابتداء من وضع الأسس القانونية وتوفر المتخصصين في مجال الأمن السيبراني والتخصص الأكاديمي في الجامعات، إلى توفير حماية الأمن السيبراني على مستوى الدولة ككل؛ هذا الاستعداد الكامل ينم عن تخطيط استراتيجي ورؤية واضحة تتناسب مع ما يدور في العالم من تطور تكنولوجي هائل ومخيف. وكما هو ملحوظ تتخلف بقية دول الخليج في هذا المجال لعدم وجود استراتيجية واضحة، علمًا بأن الإمكانات المادية والبشرية متوفرة، ومثال على ذلك هو فكرة إنشاء مركز أمن معلوماتي في الكويت. فالكويت فيها عدد لا بأس به من المتخصصين في هذا المجال، بالإضافة إلى توفر المادة.
الأمر الباعث للأمل هو وعي السلطات المسؤولة في دول الخليج العربي بأهمية وضع أطر قانونية محددة واستراتيجيات تحمي الأمن السيبراني. لكن – في رأيي – فكرة كهذه تحتاج إلى تعاون مشترك بين الدول الخليجية للوصول إلى النتيجة المطلوبة، وبالتالي هناك حاجة ماسة من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لتحديث قدراتها في مجال حماية الأمن المعلوماتي ومكافحة الجريمة الإلكترونية، بما في ذلك تدريب هيئاتها القضائية، وخلق مزيد من الوعي على كل المستويات، والأهم هو مراجعة أطرها القانونية ذات الصلة بالموضوع.
أمَّا السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، فهو أنه رغم التوترات التي مرَّ بها الخليج العربي في الفترات السابقة، فإنه هناك – وما زال – مصالح مشتركة بين الدول على مستويات مختلفة. وأهم من ذلك هو أنه مهما بدا للبعض حدة الخلافات السابقة، فإن العدو دائمًا يبدو واحدًا. لذلك، من المنطقي أن تكون هناك مبادرات وتعاون بين الدول الخليجية لجهاز أمن سيبراني خليجي مشترك يتم فيه وضع خطط وحلول حتى نكون مستعدين لأي هجمات مستقبلية، وحتى لا نواجه مخاطر وهجمات سيبرانية دون أن يكون هناك وقت للحماية ونخسر بعدها أمورًا قد يكون من الصعب إصلاحها، مثل تعطيل أجهزة أمنية، أو وصول إلى معلومات سرية، أو تعطيل لنظم الحكومات الإلكترونية.
ما لا يمكن إنكاره أن خللاً واحدًا كبيرًا كهذا في دوله خليجية واحدة، له تبعات وآثار سلبية على الدولة نفسها، وبقية الدول الخليجية على حد سواء.
لذلك، وكخطوة أولى فإنه قد آن الأوان أن تحذو الدول الخليجية المتأخرة في هذا المجال حذو الدول التي سبقتها. ولا ضير من طلب الاستشارة والدعم والابتداء في وضع خطة أولية، وأهمها حصر المتخصصين والاهتمام بهم ودعمهم، بالإضافة إلى التأكد من وجود هذا التخصص المتعلق بالأمن السيبراني والمعلوماتي في الجامعات والمؤسسات التعليمية. أنا أعلم جدًا أن هذه المقترحات بسيطة جدًا، ولكن المقصد أن تعمل كل دولة بإمكانياتها المتوفرة لديها مبدئيًا؛ لأن بناء بنية معلوماتية قوية خليجية مشتركة تحتاج إلى عمل تدريجي ومرتب. يبقى بعد ذلك الخطوة الثانية وهو أن تسعى الدول التي تحتاج إلى تطوير مستواها في الأمن السيبراني إلى طلب المساعدة والتعاون والدعم.
والفكرة التي من المتوقع أن تكون قابلة للتنفيذ والتحقيق على أرض الواقع قريبًا، هي أن يكون هناك جهاز أمني خليجي مشترك لحماية البنية التحتية للمعلومات، وذلك – في رأيي – عن طريق رسم أطر قانونية مشتركة أولاً، ثم جمع الجهود في المنطقة كالدعم المادي والتخطيط وتبادل الخبرات.
أكاديمية متخصصة في سياسة وأخلاقيات المعلومات – جامعة الكويت*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر