سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سيدهارث أنيل ناير
دخلت الهند عام 2021 في مواجهة اثنين من التحديات الأمنية: أحدهما هو المواجهة على طول خط السيطرة الفعلية (هو خط الترسيم الفاصل بين الأراضي التي تسيطر عليها الهند والأراضي التي تسيطر عليها الصين)، وثانيهما الوجود الصيني المتزايد في شرق المحيط الهندي. إذ تشير هذه التحديات أن نيودلهي بحاجة لتطوير نهجها الخاص “على مستوى الميدان” لمواجهة توسع بكين في الهند والمحيط الهادئ، مع استمرار الهند في تطوير قدراتها في شرق إقليم لاداخ، حيث يتعين عليها إعطاء الأولوية لمناطقها البحرية الداخلية في بحار أندامان ولاكاديف.
الاهتمامات المشتركة على مسرح العمليات
إن توغل كلا الجانبين يعكس جزءًا من مخططات بكين العالمية كما يتضح من “مبادرة الحزام والطريق”. ذلك أن توجه الصين نحو عسكرة المطالبات الإقليمية، كما هو الحال في بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى الاستخدام المزدوج المحتمل لـ”مبادرة الحزام والطريق”، يشكلان تهديدًا منهجيًا لتطور الهند من قوة إقليمية إلى قوة عبر إقليمية.
لقد دفعت هذه التطورات الهند، على مر السنين، للرد دبلوماسيًا وجيو – اقتصاديًا. فقد أبرز تواصل العدوان الصيني الأخير الحاجة إلى اتخاذ التدابير العسكرية في الاعتبار عند التفكير في الاستجابة. ونظرًا لأهمية خط السيطرة الفعلية والمواجهات في الشمال الشرقي، فإن المناطق البحرية الداخلية للهند في منطقة اهتماماتها الأساسية ببحر أندامان وبحر لاكاديف، تحظى باهتمام أقل في الخطاب الأمني. ومع ذلك، فإن الاهتمامات الاستراتيجية لكليهما تبدو متشابهة وهي القدرات والاتصالات.
الأولويات البحرية والسعة الزائدة
إن الطائرات بدون طيار التابعة لجيش التحرير الشعبي، والمسوحات الخاصة بنظام الملاحة الأوروبي، وعمليات الانتشار في بحر العرب، تسلط الضوء على الحاجة لزيادة الوعي بالمجال البحري الإقليمي.
لكن الوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ قد تغير؛ إذ يتطلب أكثر من مجرد قدرات. وكانت المواجهات قد تصاعدت بين الهند والصين على مدى العامين الماضيين. كما أعادت الولايات المتحدة وشركاؤها وحلفاؤها اهتمامهم وعزمهم على مواجهة العدوان الصيني. وإذا كانت الهند تهدف إلى المشاركة في الحفاظ على الأمن الإقليمي الجماعي، ينبغي أن يكون استعراض القوة و”السيطرة على البحر” ذات مكانة مركزية بالعقيدة التشغيلية للبحرية الهندية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وفي حين زادت عمليات نشر قوات البحرية الهندية ببحر الصين الجنوبي بالسنوات الأخيرة، كانت التوقعات الخاصة بذلك الانتشار صغيرة، وهو ما يدل على القدرة على التوسع في الانتشار.
ولتأكيد الهيمنة على المدى المتوسط إلى الطويل في شرق المحيط الهندي الفرعية المتفرعة من منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يجب على البحرية الهندية تحسين قدراتها البرمائية/ البحرية والأسلحة المضادة للسفن والدفاع الجوي وعمليات الرفع البحري. وتعتبر المسألتان الأخيرتان حاسمتين؛ لأن النسب الحالية على مستوى المسرح تبدي أداء معاديًا للقوات الهندية. وتُظهر المقارنة بين القوات البحرية الهندية والصينية أن بكين مستعدة بشكل أفضل فيما يخص العمليات غير الحربية وعمليات الطوارئ صغيرة الحجم ببحر الصين الجنوبي.
يبدأ خطاب الأمن البحري للمؤسسة العسكرية الهندية بفكرة “الناقل الطبيعي” في إقليمَي أندامان ونيكوبار. ومع ذلك، فإن الموقف الاستباقي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يتطلب قدرات استكشافية. ومن أجل الهيمنة الإقليمية على المدى الطويل، يجب أن يهدف البحرية الهندية إلى السيطرة الفعالة في المضيق الذي يربط بين المحيطين الهندي والهادئ، بجانب شركاء إقليميين، مثل: فيتنام وسنغافورة وإندونيسيا وأستراليا. وبالتالي، ستلعب مثل هذه السيطرة دورًا حاسمًا في احتواء العمل العدائي والتغلب عليه ودحره بسرعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ويعدُّ هذا الأمر مهمًا بشكل خاص إذا نظرنا إلى احتمال نشوب صراع قصير إلى متوسط المدى بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ.
وتتأثر أولويات الأمن البحري للبحرية الهندية بالقضايا المعاصرة، وكذلك ماضيها الاستعماري. فبعد التوسع الفرنسي في الهند الصينية، سيطرت البحرية الهندية على شرق المحيط الهندي الملاصق لمضيق سنغافورة. وبالمثل، فخلال الحرب العالمية الثانية، تمكنت القوات الملكية الهندية من الحفاظ على نقاط التركيز الخاصة بالبحرية الأميركية على طول الساحل الأسترالي الشمالي. لذلك، فإن العلاقات العسكرية المستمرة بين الهند وسنغافورة تجعل فكرة نقاط التركيز في مضيق سنغافورة مسألة قابلة للتطبيق اليوم.
مراجعة للترتيبات الهند
في ضوء القيود البحرية، اتبعت نيودلهي ترتيبات أمنية رسمية وغير رسمية مع شركاء “متشابهين في التفكير” مثل: طوكيو وواشنطن وباريس وكانبيرا، وحتى أولئك الذين يعارضون فكرة المحيطين الهندي والهادئ، مثل موسكو.
وفي أعقاب اشتباك وادي جلوان في منطقة لاداخ عام 2020، بدأت البحرية الهندية في الحشد. وقد تسارعت تدريجيًا عمليات نشر جميع السفن الحربية البالغ عددها 150 في منطقة المحيط الهندي بحلول نهاية العام. وقد أجرت عناصر من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والقيادة الجنوبية للجيش الهندي، بالإضافة إلى أطراف أخرى، تدريبات على الإنزال البحري في بحر أندامان وخليج البنغال في عام 2021.
في حين أن عددًا من المشاريع قيد التنفيذ لتحقيق طموح الوصول لـ200 سفينة، فإن التأخير في الإنتاج والمشتريات المتقطعة وتأجير المنصات لا يبدو أنه يعالج إلا الأهداف قصيرة المدى. وعلى المدى المتوسط إلى الطويل، لن تكون هذه الترتيبات كافية في توسيع المصالح الأمنية للهند بشكل فعال خارج منطقة. وحتى مع بدء تشغيل المقرر في عام 2022، ستظل قدرات تنفيذ تلك الترتيبات قيد التجربة في مواجهة مخططات النمو المتسارع.
ومع التركيز على تحقيق النجاح على المدى القصير، يجب على البحرية الهندية العمل على تحسين قدراتها في بحر الصين الجنوبي، وبخاصة فيما يتصل بعمليات الرفع البحري والبرمائي. وبدلاً من زيادة وتيرة الإسقاطات المحدودة على جانب المحيط الهادئ، يجب على الهند التركيز على المناطق الأخرى، وبخاصة القطاع الشرقي من المحيط الهندي. إذ يجب أن تقوم هيئة خفر السواحل الهندية في كافاراتي وبورت بلير بدمج أنظمة المراقبة والاتصال والاعتراض الخاصة بها لمراقبة النقاط الإقليمية الرئيسية. ثم يتعين بعد ذلك العمل على دمج هذه الأنظمة مع العمليات التي تقوم بها البحرية الهندية.
استنتاج
في مسرح واسع وغير محدد مثل منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإن وضوح الأولويات أثناء تطوير الاستراتيجيات التشغيلية يعدُّ أمرًا بالغ الأهمية؛ لأن الهند ليست قوة إقليمية شاملة. وعلاوة على ذلك، فقد فاقمت جائحة “كوفيد-19” من الأوضاع الاقتصادية، وضاعفت أوجه القصور الهيكلية وأزمة ندرة المواد. وبالتالي، فإن إعطاء الأولوية غير الفعال لبحر أندمان في الهند يمكن أن يجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ في وضع أمني استثنائي بالنسبة لنيودلهي في عام 2021.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: معهد دراسات السلام والصراعات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر