سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Tiago Cardoso
الذكاء الاصطناعي بعيد كل البعد عن تحقيق الوعي أو السيطرة على العالم. بصفتي مهندس كمبيوتر منخرطًا في مجال الذكاء الاصطناعي لأكثر من 15 عامًا، شاهدت بنفسي النمو المذهل لتقنية الذكاء الاصطناعي من خلال التجارب العملية، ولا سيما خلال الـ12 شهرًا الماضية. ومع ذلك، لا ننسى أن الذكاء الاصطناعي – وبخاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي – لا يزال في مهده.
ونظرًا لأن وتيرة نضج الذكاء الاصطناعي تتسارع بطريقة لم يسبق لها مثيل، فمن الحيوي الاعتراف بأنه لا يزال قيد التطوير. ومع استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي، هناك مخاطر أكثر إلحاحًا يجب النظر فيها أكثر من الاستيلاء على العالم.
ولحسن الحظ، تلك المخاطر الوشيكة أكثر بساطة بكثير. فالشركات معرضة لإثارة سخط العملاء والموظفين إذا فشلت في الاستثمار وتطوير جيل جديد من الذكاء الاصطناعي القادر على التعرف وتفسير الصفات البشرية. ومع الاهتمام بالبشر في المقام الأول، يصبح من السهل على جميع المستخدمين النظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداة مفيدة تعزز تجاربهم، وبدرجة أقل خوفًا من اندماجه في العمليات اليومية والحياة اليومية.
أسباب مخاوفنا من الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي كائن بعيد عن الواقع. فهو يمتلك معلومات أكثر عن البشر مما يمكن لأي شخص أن يمتلكه. وقد صُممت نماذج اللغة الضخمة مثل تلك التي تدعم GPT-4 لاستهلاك كل شيء. بدءًا من الكتب والمناقشات في ريديت وصولاً إلى مقالات المدونات وسجلات الشركات، والقائمة لا تنتهي.
ويمكن لنماذج مماثلة بنيت للبيانات التجارية ودعم العملاء أن تفرز بسلاسة ملايين نقاط البيانات المخزنة على خوادم الشركة. سواء كانت تتعلق بتاريخ شراء العميل، أو اتجاهات المشاعر في التواصل عبر الدردشة. لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على التعرف والتحليل واتخاذ إجراء فوري حول المعلومات التي قد تستغرق سنوات لمعالجتها يدويًا من قبل البشر.
“يفهم أن العديد من الناس يجدون المعرفة الشاسعة للذكاء الاصطناعي مزعجة. لذا، لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر قابلية للتطبيق، ركز المطورون والشركات على إنشاء ذكاء اصطناعي للدردشة بأسماء وشخصيات. لكن هناك مشكلة في تجسيد الذكاء الاصطناعي، وهي أنها تعزز المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي يصبح وكيلاً للتفكير المستقل. بالإضافة إلى أن تخصيص الذكاء الاصطناعي لشخصيات لا يحسن كثيرًا من تجربة المستخدم خارج الاستخدامات المحددة جدًا (والتي تتمثل بشكل رئيسي في توفير الصحبة).
بدلاً من ذلك، ينبغي التركيز في تقدم الذكاء الاصطناعي على الصفات التي تعزز فائدته مثل تحسين وعي السياق والتعاطف والتخصيص، مما يسمح للمستخدمين بالشعور بالدعم والفهم أكثر في تفاعلاتهم مع الذكاء الاصطناعي. مستقبل الذكاء الاصطناعي هو التعاطف وليس الأتمتة بدلاً من تخصيص الموارد لضبط تفاصيل “شخصية” أليكسا أو سيدني، ينبغي لشركات التكنولوجيا التركيز أكثر على تطوير الذكاء الاصطناعي المبني على مبدأ الإنسانية.
ما الفرق؟ يحاول الذكاء الاصطناعي المبني على الإنسانية فهم مشاعر وآراء المستخدم وتكييف رده ليلبي احتياجات المستخدم الفردية. هذا النوع من البرمجة يمكّن الذكاء الاصطناعي من مساعدة البشر بشكل حقيقي وبطريقة تعزز التفاعلات الأكثر مغزى وطبيعية. باختصار، يمكّن الذكاء الاصطناعي من محاكاة التعاطف مع المستخدمين البشريين.
تخيل أن شخصًا باحثًا عن قرضٍ سكني لشراء منزله الأول، فيستخدم القرض برنامجًا للذكاء الاصطناعي لأتمتة عملية جمع ومعالجة البيانات المالية. ونظرًا لأنه مشترٍ أول مرة، فهو على غير دراية بالإجراءات ويربكه الوثائق التي يجب تقديمها.
مع أداة الذكاء الاصطناعي التقليدية للأتمتة، قد يتلقى المستخدم ردودًا فنية ومكررة، مما يزيد من حالة الالتباس والإحباط لديه. بالمقابل، يمكن للذكاء الاصطناعي المبني على الإنسانية أن يدرك حالة الالتباس عند المستخدم والرد عليه بتعاطف، مع تقديم إرشاد شخصي مخصص؛ ما يجعل العملية أقل تهديدًا وأكثر صداقة للمستخدم. هذه اللمسة “الإنسانية” تعزز تجربة المستخدم بشكل عام وترفع احتمال نجاح التفاعل.
الذكاء الاصطناعي لن يأخذ وظائفنا
اعتماد أنواع أكثر إنسانية من الذكاء الاصطناعي لا يعني استبدال العاملين البشريين. نعم، سيصبح بعض الوظائف قديمة تدريجيًا، لكن ستظهر وظائف جديدة لتعويض الفراغ. وقد تكرر هذا الاتجاه عبر التاريخ مع ظهور كل تقنية رئيسية جديدة، بدءًا من آلة الطباعة إلى شبكة الإنترنت.
وبدلاً من ذلك، ينبغي للشركات والعاملين تقدير الذكاء الاصطناعي لما هو عليه، فهو أداة قوية يمكنها تعزيز نقاط القوة لديهم وتعويض نقاط الضعف. تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتعدى مجرد زيادة الإنتاجية، مثل تيسير عمليات اتخاذ القرار وأتمتة المهام. إن أحد أهم فوائده هو تعزيز قدرات الموظفين، مثل الكاتب الذي يستخدم GPT-4 لتفجير إبداعه، أو الموظف المكلف بالتوظيف الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أفضل المرشحين من قاعدة أوسع. ولا تتضاعف هذه الفوائد إلا إذا كان الذكاء الاصطناعي إنسانيًا ومتعاطفًا.
بدلاً من القيام بوظائفنا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعلنا جميعًا أفضل فيما نقوم به – على حسب مجال عمل كل منا – حتى نحقق نتائج أفضل ونشعر بالرضا في العمل من جراء ذلك. لا نحتاج إلى أن يتماثل الذكاء الاصطناعي مع البشر، بل نحتاجه ليعترف بإنسانيتنا.
إمكانيات تقنية الذكاء الاصطناعي واسعة، وقابلة للمقارنة بالتأثير التحويلي الذي شهدناه مع حوسبة السحابة والإنترنت. وكما الإنترنت، فهي متاحة لإحداث ثورة في كيفية إدارة الأعمال واتخاذ القرارات والتفاعل مع بعضنا البعض.
ومع ذلك، فإن هذه التغييرات ستكون تدريجية، مما يتيح لنا الوقت للتكيف والاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي بأقصى إمكاناته. عندما ندمج الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب حياتنا، من خدمة العملاء إلى الرعاية الصحية وغيرها، فإنه يصبح من الضروري أن تتوافق أنظمة الذكاء الاصطناعي مع قيمنا واحتياجاتنا.
لتحقيق هذا التوافق، علينا أن نعطي الأولوية لتطوير الذكاء الاصطناعي المبني على الإنسانية. ويعني ذلك تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي التي لا تقوم بمهامها بكفاءة فحسب، بل تفهم دقائق البشر أيضًا وتتكيف مع التفضيلات الفردية وتعزز تجاربنا اليومية. من خلال تعزيز هذه العلاقة التكافلية بين البشر والذكاء الاصطناعي، يمكننا استخدامه لزيادة كفاءة عملنا وتفاعلاتنا دون خوف.
المصدر: Techcrunch
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر