سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تشانينج أرندت
اضطر اقتصاد نيجيريا إلى التعامل مع أزمة كبيرة بدأت مع انهيار أسعار النفط عام 2014، وتفاقمت بسبب السخط المستمر في منطقة “دلتا النيجر” الغنية بالنفط؛ حيث أكدت الأزمة التي استمرت على مدار السنوات الأربع الماضية، ضعف الاقتصاد النيجيري في النفط؛ وهو ما يبرز حاجة نيجيريا للنظر إلى الخارج، وتنويع قاعدتها التصديرية بعيدًا عن السلع المتقلبة إذا كان البلد سينتصر في معاركه ضد الفقر وعدم المساواة.
يشكل النفط 90٪ من القيمة الإجمالية للصادرات النيجيرية. وإن هذا الاعتماد الكبير للاقتصاد النيجيري على النفط كمصدر مهيمن على النقد الأجنبي، يُعدُّ موضع تقدير على نطاق واسع. لكن الآليات التي تؤثر بها تغيرات أسعار النفط في الاقتصاد والتدابير (أو الافتقار إليها) المتاحة للسلطات النيجيرية لمواجهة انخفاض أسعار النفط، تعتبر أقل شيوعًا.
وبتتبع أثر الانخفاض الأخير في الأسعار، مع الأخذ في الاعتبار الخيارات السياسية المتاحة للسلطات النيجيرية من أجل التوصل إلى تدابير مضادة، يتضح أن الاقتصاد مرَّ بصدمات عنيفة في قطاع النفط خلال السنوات الأخيرة، وهو ما اضطر السلطات النيجيرية إلى القيام بحالة تنويع عدة مرات. لكن تطوير قاعدة تصدير غير نفطية حقيقية، لم يعد خيارًا سياسيًا في جميع الاحتمالات، بل بات ضرورة حتمية لتحقيق معدلات عالية من النمو على المدى الطويل، حيث تحتاج نيجيريا إلى معدلات متسارعة جدًا في الصادرات غير النفطية.
المرحلة الجيدة (1998-2014)
خلال الفترة من عام 1998 إلى عام 2014، حدثت طفرة في أسعار النفط، حيث ارتفعت صادرات نيجيريا بالقيمة الاسمية للدولار بمقدار عشرة أضعاف من حوالي 10 دولارات للبرميل إلى أكثر من 100 دولار. في حين تميزت فترة الازدهار ببعض التقلبات، وعلى الأخص في عام 2008، حيث ارتفع متوسط سعر النفط بشكل مستمر لأكثر من 15 عامًا.
وبعبارة أخرى، حصلت نيجيريا في عام 1998، على نحو 10 دولارات، في حين حصلت عام 2014 على 100 دولار من كل برميل نفط تمَّ تصديره. وقد أدى هذا الاتجاه التصاعدي القوي في أسعار النفط إلى تخفيف حوافز التنويع؛ حيث توفر الصادرات العملات الأجنبية اللازمة لشراء الواردات، وبفضل ذلك تمكن النيجيريون من توسيع نطاق الواردات بشكل كبير مع مرور الوقت بنفس حجم صادرات النفط.
فترة التكيف (2015 – حتى الآن)
مع نهاية عام 2015، انهارت أسعار النفط، وفي ذلك الوقت، حصلت نيجيريا على ما قيمته 40 دولارًا أميركيًا فقط من تصدير كل برميل نفط. وفي أغسطس 2018، عادت الأسعار إلى حوالي 65 دولارًا للبرميل، أو حوالي 65 دولارًا للبرميل. وهذا لا يزال أقل بكثير من مستويات عام 2014.
وفي مواجهة استمرار انخفاض أسعار النفط، كان لدى صناع السياسة النيجيريين، خياران من حيث المبدأ، هما: زيادة الصادرات، أو تقليل الواردات؛ ففي الممارسة العملية، ولأن زيادة الصادرات كانت مستحيلة فعليًا على المدى القصير، كان هناك خيار واحد فقط قابل للتطبيق، يتمثل في تقليل الواردات إلى مستويات تتوافق مع انخفاض القدرة الشرائية لنيجيريا.
وفيما بين عامي 2014 و2016، انخفضت الصادرات بنحو 44٪، وهو ما يعكس انخفاضًا كبيرًا؛ إذ إن انخفاض الواردات يعني وجود عدد أقل من السلع المتاحة في الاقتصاد، وهو ما يعني استهلاكًا أقل على مستوى القطاعات العائلية، ونقصًا في الاستثمار على مستوى الشركات، وكذلك انخفاض في مستوى الخدمات الحكومية.
لقد كان ذلك أمرًا مؤلمًا لنيجيريا، إذ إن إجمالي الإنفاق الحقيقي على الاستهلاك والاستثمار، الخاص والحكومي، انخفض بنسبة 12٪ تقريبًا للشخص الواحد بين عامي 2014 و2016، وهو ما يُعدُّ صدمة اقتصادية كبيرة.
تغيير المسار
بالنظر إلى المستقبل، وفي ظل غياب الانتعاش على المدى الطويل في إنتاج النفط، أو أسعار النفط العالمية، ستبقى أرباح العملات الأجنبية الناتجة عن بيع النفط ثابتة نسبيًا. وفي هذا الوضع (المحتمل)، يبدو من الضروري للاقتصاد، أن يزيد نطاق الصادرات غير النفطية، حتى تكون هناك إمكانية لتوسيع نطاق الواردات.
وهنا من الصعب على الاقتصاد النيجيري، أن يحدد كيف يمكن أن ينمو باستمرار دون المزيد من الواردات؛ حيث تتطلب الأعمال التجارية في اقتصادٍ متنامٍ، المزيد من السلع الرأسمالية ومدخلات أكثر وسيطة، فبدون زيادة الصادرات بشكل تدريجي، لن تكون هناك إمكانية للمزيد من الواردات بشكل تدريجي من الآلات والأدوات والتقنيات الأخرى ذات الأهمية البالغة للنمو.
وبالتالي، تكمن الطريقة الوحيدة لتفادي الاقتصاد النيجيري لتلك الحالة من الركود، في اتخاذ خطوة جادة نحو زيادة الصادرات غير النفطية. فالشركات النيجيرية تحتاج إلى تطوير منتجات ذات جودة تصديرية بأسعار تنافسية عالمية. كما تتزايد ضرورة تطوير شبكات لتسويق تلك المنتجات في الخارج.
لكن هذا الأمر يبدو صعبًا، حيث سيستغرق بعض الوقت، لكن لا تزال هناك بعض الخيارات الأولية الواضحة؛ فالمنتجات الزراعية تُعدُّ جزءًا من الحل، وهو ما ينفع بشكل خاص على المدى القريب نسبيًا، ذلك أن دخول الأسواق الزراعية العالمية سهل نسبيًا في حالة ما إذا كانت الجودة والتكلفة على درجة عالية من التنافسية.كما أن هناك مجال آخر محتمل للتنمية يتمثل في توفير الخدمات الإقليمية مثل تطوير ميناء “لاجوس” – على سبيل المثال – كمحور لشركات الطيران ومركز الشحن.
ونظرًا لوجود سوقٍ محليةٍ كبيرةٍ ذات قوى عاملة كبيرة بها، فإن نيجيريا ينبغي أن تعيد النظر في بعض استراتيجيات طويلة الأجل بغرض جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات التصنيع والخطوة الأولى نحو المنافسة في الأسواق العالمية.
وعلى مدى أكثر من جيل، ركز قطاع الأعمال في نيجيريا على حصر تعامله في الداخل النيجيري بعيدًا عن العمل في مجال النفط بالسوق المحلية. لكن بالنظر إلى المستقبل، يجب أن يتطلع قطاع الأعمال النيجيري إلى السوق الدولية، إذ يشكل إطلاق هذا التوجه الخارجي ورعايته وتنميته، التحدي الاقتصادي الرئيسي – اليوم – أمام الشركات وصانعي السياسات والمجتمع المدني.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: موقع ذي كونفيرزيشن
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر