كيف يمكن للدول الأقل تطورًا تحقيق التحول الرقمي؟ | مركز سمت للدراسات

كيف يمكن للدول الأقل تطورًا تحقيق التحول الرقمي؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 1 أبريل 2024

Ratnakar Adhikari & Taffere Tesfachew

تلامس التكنولوجيا الرقمية كل جانب من جوانب حياة الإنسان وجميع أهداف التنمية المستدامة (SDGs) التابعة للأمم المتحدة. بينما يمكن للتحول الرقمي أن يساعد الدول الـ45 الأقل نموًا (LDCs) على تجاوز مسارات التنمية التقليدية؛ إذ تكمن التحدي الحقيقي في الفجوة الرقمية المتزايدة بين هذه الدول وبقية العالم.

بينما تصبح الأجزاء الأغنى من العالم أكثر مهارة في استغلال التكنولوجيا الرقمية لخلق القيمة، تواجه الدول الأقل نموًا (LDCs) خطر التخلف أكثر فأكثر.

باعترافنا بتلك المعضلة، تم وضع هدف طموح في أجندة 2030 (SDG 9c) لتحقيق الوصول “الشامل” و “بأسعار معقولة” إلى الإنترنت في الدول الأقل نموًا (LDCs) بحلول عام 2020. وعلى الرغم من مرور عام 2020، فإن هذا الهدف لم يتحقق بعد، باستثناء بنغلاديش وبوتان التي تخرجت مؤخرًا من قائمة الدول الأقل نموًا. وهذا يشكل إشارة واضحة للدول الأقل نموًا والمجتمع الدولي للعمل بشكل عاجل. أصبح التحول الرقمي في الدول الأقل نموًا الآن ضرورة لا يمكن تجاهلها.

فرص التحول الرقمي

تتمتع الدول الأقل نموًا (LDCs) بفرص هائلة لتوسيع الوصول إلى التكنولوجيات الرقمية بأسعار معقولة. على سبيل المثال، في قطاع الصناعة، لا تزال العديد من الدول الأقل نموًا تستخدم التكنولوجيا التناظرية فيما يقرب من 70% من عملية التصنيع التي يمكن أن تكون رقمية بالإمكان.

كما أن معظم تقنيات الحدود الجديدة التي لها القدرة على تحفيز التحول الاقتصادي الأخضر تدعمها التكنولوجيات الرقمية. وبما أن القيمة السوقية الإجمالية لهذه التقنيات من المحتمل أن تزيد من 1.5 تريليون دولار في عام 2020 إلى 9.5 تريليون دولار في عام 2030، فإن على الدول الأقل نموًا (LDCs) أن تسرع في اللحاق، قبل أن يغلق النافذة النسبيًا الضيقة أمامها.

علاوة على ذلك، حتى في القطاع الاجتماعي، يمكن لتبني التكنولوجيا الرقمية أن يساعد في سد الفجوة في الوصول. على سبيل المثال، يُقدر سوق الرعاية الصحية عن بُعد العالمية، التي بلغت قيمتها 60.8 مليار دولار في عام 2022، أن تصل إلى 225 مليار دولار بحلول عام 2030. وبالمثل، يُتوقع أن يصل سوق التعليم عبر الإنترنت، الذي كانت قيمته حوالي 217 مليار دولار في عام 2022، إلى حوالي 475 مليار دولار بحلول عام 2030.

الحواجز أمام التحول الرقمي

تواجه الدول الأقل نموًا (LDCs) عدة تحديات تحد من قدرتها على استغلال إمكاناتها الرقمية.

الوصول إلى الإنترنت

الوصول إلى الكهرباء والإنترنت، وتحمل تكاليفهما وجودتهما، محدود جدًا في الدول الأقل نموًا. معدل الربط بشبكة الكهرباء في الدول الأقل نموًا هو 52% (مقارنةً بمعدل عالمي يبلغ 90%)، مع وجود أكثر من 500 مليون شخص في هذه الدول ليس لديهم أي وصول إلى الكهرباء.

على الرغم من توفر الإشارات العريضة المتنقلة (3G أو أعلى) لـ 83% من السكان البالغ عددهم 1.4 مليار شخص في الدول الأقل نموًا(LDCs) ، فإن فقط 36% منهم متصلون بالإنترنت. وتظل خدمة النطاق العريض الثابت غير متوفرة بشكل كافٍ في تلك الدول، حيث يوجد فقط 1.6 اشتراك لكل 100 نسمة في عام 2022. ويبلغ سعر سلة النطاق العريض المتنقل القياسية التي تتضمن حصة شهرية بحجم 2 جيجابايت حوالي 6% من المتوسط الشهري للدخل في الدول الأقل نموًا، وهو أربعة أضعاف المتوسط العالمي.

علاوة على ذلك، تفرض الدول الأقل نموًا (LDCs) رسومًا باهظة على منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ستة أضعاف المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD)، بما في ذلك الأجهزة المستخدمة لتصفح الإنترنت. يكلف شراء هاتف ذكي 95% من متوسط الدخل الشهري في الدول الأقل نموًا.

التحصيل العلمي

بشكل عام، تتمتع الدول الأقل نموًا (LDCs) بمستوى أقل من التحصيل العلمي والقوى العاملة الماهرة والمدربة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). والأسوأ أن تعرضهم لفرص تعزيز المهارات الرقمية كان محدودًا.

البيئة السياسية

تفتقر العديد من الدول الأقل نموًا (LDCs) إلى سياسات تمكينية (مثل تلك التي تعزز تحمل التكاليف)، والتي تساعد الدولة والشركات والأفراد على استغلال الفرص الرقمية. كما أنها تفتقر إلى سياسات التخفيف (مثل تلك التي تحمي الخصوصية)، التي تساعد في التغلب على العقبات الناجمة عن استخدام التكنولوجيا الرقمية.

كيفية سد الفجوة الرقمية العالمية

نظرًا لهذه التحديات، يمكن للدول الأقل نموًا (LDCs) اتباع بعض المسارات – المستمدة من مبادرات عملية – لتغيير الاتجاه والوصول سريعًا إلى تقنيات رقمية متقدمة. بالنسبة للبنية التحتية، يبرز نهجٌ مبتكر متمثل في مشروع الموصل الكهربائي بين موزمبيق ومالاوي لربط مالاوي بمجموعة الطاقة في جنوب إفريقيا عبر خط نقل كهربائي حديث التشييد. استغل المشروع القدرة الخاصة بالألياف البصرية المطلوبة لتشغيل خط النقل لزيادة الاتصال الرقمي في كلا البلدين. واستطاعت Kreditanstalt für Wiederaufbau (KfW) جمع 108 ملايين يورو من مصادر متعددة من خلال آلية تمويل مبتكرة تجمع بين المنح والقروض.

مثال آخر على التمويل المبتكر يأتي من مشروع رائد في نيبال نفذته شركة WorldLink Communications، والتي تلقت استثمارًا ذا تأثير بقيمة 15.3 مليون دولار من British International Investment وDolma Impact Fund. سرعت WorldLink من توسع الإنترنت إلى المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها مع خدمة إنترنت موثوقة وبأسعار معقولة، مما دعم نمو الاقتصاد الريفي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في نيبال.

علاوة على ذلك، قد تكون مبادرة التجارة الرقمية لإفريقيا، التي أطلقتها منظمة التجارة العالمية (WTO) بالشراكة مع البنك الدولي على هامش المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، الشهر الماضي، في أبو ظبي، عاملًا محوريًا لتغيير قواعد اللعبة بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية الأقل نموًا. من خلال هذه المبادرة، يمكن للدول الأقل نموًا، مثل: بنين وبوركينا فاسو ورواندا وتوغو، التي انضمت إليها، جذب استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية.

للسياسات دور كبير يجب أن تمارسه في تعزيز تحمل التكاليف. على سبيل المثال، يمكن أن تفرض التزامات الخدمة الشاملة على مقدمي خدمات الإنترنت(ISPs) لتوفير حجم أدنى من البيانات مجانًا وتحصيل أسعار تفوق الحد الأدنى. هذا يساهم بشكل كبير في تخفيف العبء المالي.

وبالمثل، يمكن لسياسة المنافسة الموجهة نحو شركات الاتصالات أن تخفض التكاليف بشكل كبير، كما شُوهد في الدول الأقل نموًا، مثل: بنغلاديش وبوتان وكمبوديا ونيبال، التي تعتبر من بين أرخص 25 دولة لبيانات الهاتف المحمول. يمكن للدول الأقل نموًا التي تفكر في الانضمام إلى اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن تكنولوجيا المعلومات لخفض تكلفة الأجهزة والمعدات من خلال تقليل تعريفتها الجمركية على منتجات تكنولوجيا المعلومات، أن تتبع أمثلة دول أقل نموًا أخرى مثل لاوس وتيمور-ليشتي.

عندما يتعلق الأمر بالتعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، يمكن أن يؤدي الالتزام الذي تم الإعلان عنه في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للدول الأقل نموًا (UNLDC5) لإنشاء جامعة عبر الإنترنت مخصصة للدول الأقل نموًا تركز على التعليم في مجالات STEM، وخاصة للنساء والفتيات، دورًا حاسمًا.

فيما يتعلق بتطوير المهارات، يمكن أن تكون مبادرة مختبر صانعي التكنولوجيا الرائدة، التي يتم تنفيذها حاليًا من قِبل البنك التكنولوجي التابع للأمم المتحدة للدول الأقل نموًا في النيجر وتوغو، عاملًا محوريًا للتغيير. إذ توفر هذه المبادرة تدريبًا على مهارات المستقبل للشباب في هذه الدول. من المهم أن تتعهد حكومات الدول الأقل نموًا بالتحول الرقمي بإرادة سياسية قوية، دون الحاجة إلى إعادة اختراع العجلة. ويجب على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم لها لمساعدتها في سد الفجوة الرقمية.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر:World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر