كيف يغير الابتكار في بيانات المحيطات رؤيتنا للبحار؟ | مركز سمت للدراسات

كيف يغير الابتكار في بيانات المحيطات رؤيتنا للبحار؟

التاريخ والوقت : الإثنين, 14 نوفمبر 2022

ديفي ميلر

تنطلق الموجة التالية من التحول في فهم المحيطات من تحسين قدرتنا على اكتشاف هذه البيانات وترابطها، مما يمنحنا صورة أوضح لما يحدث تحت الأمواج وتصور حلول جديدة للمحيطات.

إن أجهزة الاستشعار الأوقيانوغرافية (نسبة إلى الهيئة الحكومية الدولية لعلوم المحيطات) على سفن الإنزال والسفن والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة تحت الماء، كل ذلك جعل بالإمكان حاليًا جمع الكثير من البيانات حول المحيط في عام واحد كما هو الحال في المئة عام الماضية.

من تحسين سلامة الحيتان إلى رسم خرائط لقاع البحر، إليك كيف يكتشف مبتكرو بيانات المحيطات رؤى جديدة ويقودون أبحاث المحيطات.

أُطلقت أجندة عمل المحيطات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، مؤخرًا، تحدي بيانات المحيطات المرتفعة بغرض تسليط الضوء على أفضل ابتكارات بيانات المحيطات ولربط مجتمع أبحاث المحيطات ودعمه.

يرى معظمنا المحيط من خلال سطحه كحقل من الأمواج الزرقاء يمتد إلى الأفق. لكن، مثل كل شيء في حياتنا البشرية على الأرض، تعيش حياة المحيط في ثلاثة أبعاد، حيث تمتد لأعماق بعيدة تتجاوز أعالي الجبال.

يعد المحيط الرابط النهائي من نواحٍ عديد، ففيها تيارات تحمل المغذيات والأكسجين من القطبين إلى السواحل، مرورًا بما يحدث من امتصاص 30% من ثاني أكسيد الكربون المنطلق في الغلاف الجوي، والسفن التي تنقل 90% من البضائع العالمية بالإضافة إلى مرور كابلات الألياف الضوئية التي تربط شبكة الويب العالمية في قاع البحر. فقد ظل العديد من هذه الروابط غير مرئي إلى أن جعلت الابتكارات التكنولوجية في القرن الماضي استكشاف البحر وقياسه سهلاً ورخيصًا.

وباستخدام المستشعرات الأوقيانوغرافية على أجهزة الإنزال والعوامات والسفن والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة تحت الماء، أصبح بإمكاننا حاليًا جمع أكبر قدر من البيانات حول المحيط في عام واحد كما هو الحال في القرن الماضي.

تُعرِّف الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة الاقتصاد الأزرق الجديد بأنه “اقتصاد قائم على المعرفة، ويتطلع إلى البحر ليس فقط لاستخراج السلع المادية، ولكن للحصول على البيانات والمعلومات لمواجهة التحديات المجتمعية واستلهام حلولها”. لكن الأمر لا يتعلق فقط بتوليد المزيد من البيانات، حيث يتصل الأمر بالحصول على البيانات الصحيحة في الوقت المناسب للأشخاص الذين يحتاجون إليها، والاعتماد على مصادر البيانات عبر الحكومة والأوساط الأكاديمية والشركات ومجتمعات المحيطات بما في ذلك المعرفة الأصلية.

وستأتي الموجة التالية من التحول في فهم المحيط ليس فقط من زيادة حجم بيانات المحيطات، لكن من خلال تحسين قدرتنا على اكتشافها وربطها، وهو ما يمنحنا صورة أوضح لما يحدث تحت الأمواج وتصور حلول جديدة للمحيطات.

تحسين سلامة الحيتان

من الأمثلة على ذلك يمكن الإشارة إلى مشروع “وييل سيف” WhaleSafe التابع لمختبر “بينيوف لعلوم المحيطات” Benioff Ocean Science الذي يدمج البيانات الصوتية والمرئية مع تنبؤات النماذج لتزويد البحارة بمعلومات قريبة من الوقت الفعلي حول مواقع الحيتان، وهو ما يساعد على منع تصادم السفن المميتة مع الحيتان المهددة بالانقراض. ويعتبر اصطدام الحيتان والسفن سببًا رئيسيًا لوفاة الحيتان الكبيرة. إنه من غير الممكن رصد الحيتان بسهولة من غرفة قيادة سفينة الشحن، التي تحتاج إلى أكبر قدر ممكن من الإشعار لتغيير مسارها في الميناء. لذا يعتمد هذا المشروع على مجموعة واسعة من مصادر البيانات، ولكل منها مستويات مختلفة من جودة البيانات وإمكانية التشغيل البيني وقواعد الوصول. ويقوم فريق العلوم والهندسة التابع لها بتحويل هذه البيانات إلى منتج متاح من خلال واجهة برمجة التطبيقات، ويسمح ذلك للمستخدمين بتخصيصها في لوحة معلومات أو منتجات بيانات أخرى تدعم الحفظ وإدارة المحيطات. وبينما يعمل هذا المشروع في أماكن قليلة في الوقت الحاضر، يمكن نشر حلول البيانات المتكاملة الخاصة بهذا المشروع في الموانئ المزدحمة حول العالم.

رسم خريطة لقاع البحر بالكامل

تقوم مشاريع مثل “التوأم الرقمي في الاتحاد الأوروبي”، أو “ألين كورال أطلس”، بجمع البيانات على نطاق أوسع من مصادر كثيرة جدًا لتصور أوضاع المحيطات. ويسعى مشروع مؤسسة “نيبون فاونديشين” 2030 (Nippon Foundation-GEBCO Seabed 2030) لوضع حد للقول القديم القائل بأننا نعرف المزيد عن سطح القمر أكثر من قاع المحيط. فهناك اتجاه لعقد مؤتمر رسمي بهيئة الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل دعم التنمية المستدامة بما يُوَحِّد قاع البحر في 2030، حيث تشارك فيه مجموعة واسعة من الحكومات والمؤسسات الأوقيانوغرافية والمؤسسات الجامعية والبحثية، والمؤسسات الخيرية للمحيطات، والشركات الخاصة، بهدف رسم خرائط 100% من قاع البحر بحلول عام 2030.

وباستخدام العديد من المصادر المختلفة وتقنيات المسح، بما في ذلك قياس الأعماق الجماعي والتبرع بالبيانات من الشركات الخاصة، تعمل المبادرة على التوفيق بين عرض مجاني ومتاح للجمهور لقاع البحر كله، عبر شبكة  الخريطة العامة لأعماق المحيطات GEBCO. وقد ضاعف المشروع من تغطية قياس الأعماق العالمية من 6% إلى 23.4% ، حتى كتابة هذه السطور، لتصل إلى ثماني سنوات.

إن هذه المشاريع تكرس موارد استثمارية ضخمة في إدارة البيانات وحوكمة البيانات، وضمان تكامل البيانات، وربط تدفقات البيانات معًا، وإدارة تراخيص المشاركة وإنشاء منتجات بيانات يمكن الوصول إليها. لكن ليس كل مشروع محيطي لديه هذا المستوى من الموظفين المهرة أو قوة الحوسبة أو التمويل. كما أن هناك رؤى نقدية من المجتمعات وأصحاب المعارف الأصلية لا تتشابك بسهولة مع هياكل البيانات العلمية الغربية التقليدية وتتطلب اهتمامًا خاصًا واحترامًا لسيادة البيانات.

إننا بحاجة إلى ابتكارات في جمع بيانات المحيطات وتوليفها والوصول إليها وإيصالها؛ لتقليل الحواجز التي تعترض مشاركة بيانات المحيطات، وإنشاء معرفة قابلة للتنفيذ. فغالبًا ما يتم تصميم الابتكارات الناجحة بالاشتراك مع صانعي القرار الذين سيستخدمونها، سواء كانوا من صانعي نماذج المناخ أو الصيادين المحليين. يمكن أن يأتي التأثير الكبير من التغييرات التي تبدو صغيرة.

دعوات للعمل من أجل المحيط

لقد أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي، مؤخرًا، أجندة خاصة بتوليد بيانات المحيطات بغرض تسليط الضوء على أفضل الابتكارات الخاصة ببيانات المحيطات وذلك من خلال شراكة بين عدد من الجهات مثل: شركة “إتش يو بي إوشان” HUB Ocean، و”فيجارو” Fugro، و”بلانيت” Planet، و”تيدال إكس” Tidal – X، و”إمود نيت” EMODnet، و”أوشان سبيرلاستر” الكندية Ocean Supercluster، ومبادرة المحيطات العالمية من مؤسسة “إيكونوميك إمباكت” The Economist Impact.

في هذا الإطار تتعدد المجموعات التي تركز على أهمية البيانات الخاصة بالمحيطات. إذ تركز أحدث دعوة لاتخاذ إجراءات من عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات والاستدامة على الأنشطة التي تعمل على تحسين البنية التحتية الرقمية للمحيطات، وبناء قدرة البيانات في جميع أنحاء العالم. لقد حان الوقت لتنمية نظامنا البيئي المعرفي للمحيطات، وزيادة قدرتنا على اتخاذ قرارات مستنيرة بالبيانات على جميع المستويات، وبناء مرونتنا الكوكبية.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر