كيف يغذي تغير المناخ الإرهاب في الشرق الأوسط؟ | مركز سمت للدراسات

كيف يغذي تغير المناخ الإرهاب في الشرق الأوسط؟

التاريخ والوقت : الأحد, 19 ديسمبر 2021

محمد الدخاخني

 

العام الماضي، اجتاحت مئات الملايين من الجراد الصحراوي شرق أفريقيا، دمر الإمدادات الغذائية في المنطقة، وأكل وزنه من المحاصيل كلّ يوم. وهذا العام، أرسل لبنان مروحيّات عسكرية لرشّ المبيدات بعد عبور سرب إلى البلاد، وفي تشرين الأول (أكتوبر)، حذّرت الأمم المتّحدة من أنّ الحشرات يمكن أن تزيد من خطر نقص الغذاء في منطقة تيغراي التي مزّقتها الحرب في إثيوبيا.

من الصعب تخيل وضع أكثر خطورة لبعض من المجتمعات الأكثر ضعفاً في العالم. ما يزال الكثير غير معروف عن هذه الظّاهرة، التي ابتُلي بها جنسنا البشريّ حرفيّاً منذ أن اكتشفنا الزّراعة قبل آلاف السّنين. لكنّ العلماء قلقون بشكل متزايد بشأن الأدلّة المتعاظمة على وجود تفاعل بين أسراب الجراد وتغيّر المناخ، وهذه علامة، من بين العديد من العلامات، على مدى عدم اليقين بشأن المستقبل البيئيّ للمنطقة في العقود القادمة.

مع توقّع أن تصبح أزمة المناخ واحدة من أكثر القضايا تحدّياً في عصرنا، تحاول الإمارات العربيّة المتّحدة وفرنسا والنّيجر حالياً رفع مستوى الوعي في مجلس الأمن التّابع للأمم المتّحدة بشأن تهديد آخر تطرحه الأزمة. يمكن أن تؤدّي القضايا البيئيّة إلى تفاقم تحدٍّ عالميّ رئيس آخر: الإرهاب. على حدّ قول محمّد أبو شهاب، نائب سفير الإمارات لدى الأمم المتّحدة: “هناك علاقة، حتّى لو كانت غير مباشرة، بين التّأثيرات المناخيّة من الهجرة إلى البطالة، ومشاعر العجز والاستياء وفقدان الثّقة في أنظمة الحكم الّتي تُسهِم في التّجنيد الإرهابيّ”.

الوقت جوهريّ، لأنّه عندما يتعلّق الأمر بالإرهاب، أثبتت الوقاية باستمرار أنّها أكثر فعالية من العلاجات المراوغة، التي غالباً ما تكون غير فعّالة

يحتاج الموضوع إلى مزيد من الدّعوة على المستوى العالميّ. وقد عارض عدد من الدّول مشروع قرار أخير للأمم المتّحدة يقرّ بهذه القضيّة. يمكن أن تساعد تجربة الشّرق الأوسط وشرق أفريقيا، وكلاهما، كما رأينا، في طليعة بعض أسوأ آثار تغيّر المناخ، في تعزيز القضيّة. خُذ العراق وسوريا واليمن على سبيل المثال؛ لقد عانوا جميعاً، وما يزالون، يواجهون مشكلة إرهابيّة خطيرة. كما أنّ هذه الدّول هي موطن للملايين، لا سيّما من المزارعين، الذين يكافحون لمواجهة عبء ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتّصحّر. وليس من المستغرب أن يستغلّ متطرّفو داعش والحوثيّين التّظلّمات من نقص المياه.

تغيّر المناخ عامل خطر

الأسباب التّقليديّة للإرهاب معروفة ومدروسة جيّداً، من السّخط الاجتماعيّ إلى الصّراع والفتنة. ومع ذلك، فإنّ التّعامل مع المشكلة بمجرّد ظهورها يكون أكثر صعوبة. وهذا هو السّبب في أنّ العالم لا يستطيع أن يقف مكتوف الأيدي بينما يتحول تغيّر المناخ إلى عامل خطر مهمّ، وهذا هو الأهم.

الحلول طويلة الأمد لحماية المجتمعات الأكثر عرضة لخطر التّطرّف، بسبب أزمة المناخ معقّدة وبعيدة المدى، لكن على المستوى المحلّيّ، هناك تدابير قصيرة المدى يمكن أن تخفّف بعض العبء. على سبيل المثال، ساعد البنك الدّوليّ المجتمعات المحلّية في منطقة السّاحل، وهي منطقة تعاني من مشكلة إرهاب كبيرة، على تركيب أنظمة ريّ بسيطة، لكنّها حديثة، ممّا يتيح شبكة أمان مهمّة للمزارعين.

دبلوماسي إماراتي: هناك علاقة بين التّأثيرات المناخيّة من الهجرة إلى البطالة، ومشاعر العجز والاستياء وفقدان الثّقة في أنظمة الحكم الّتي تُسهِم في التّجنيد الإرهابي

يتلخّص هذا في النّهاية في هدف واحد: بناء المناعة، هذه أولويّة حدّدتها دولة الإمارات العربيّة المتّحدة لفترة عامين مقبلة تقضيها في مجلس الأمن التّابع للأمم المتّحدة. من خلال شركائها المبكّرين في هذه القضيّة، يمكنها أن تبني الحجّة على أنّ اثنتين من أكثر المشكلات العالميّة المزعزعة للاستقرار في طريقهما لأن تصبحا متشابكتين بشكل خطير.

الوقت جوهريّ، لأنّه عندما يتعلّق الأمر بالإرهاب، أثبتت الوقاية باستمرار أنّها أكثر فعالية من العلاجات المراوغة، التي غالباً ما تكون غير فعّالة.

المصدر: حفريات عن “ذي ناشونال”

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر