كيف يعمل الاتصال بشكل عكسي؟ | مركز سمت للدراسات

كيف يعمل الاتصال بشكل عكسي؟ 

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 1 نوفمبر 2022

زيد الشكري

بداية، يجب أن نتصالح مع حقيقة أن الاتصال في جوهره يقوم على “إعادة الرسائل في صيغ مختلفة”، بهدف تحقيق التكريس، وليس الإخبار أو الإبلاغ كما تفعل الصحافة. فالاتصال هو تكريس للأفكار، بينما الصحافة هي رواية للأخبار. 

إذًا، وللإجابة عن سؤال المقال: كيف يعمل الاتصال بشكل عكسي؟ الإجابة، هي أننا عندما نعلم بأن الاتصال قائم على “التكرار بصيغ مختلفة”، فإنه بذلك يعيد استهلاك وإنتاج أخبار الماضي، ليوظفها في سياقات جديدة. ويتعاظم هذا الأمر في ظل هذا الضخ الهائل من المعلومات، حيث باتت ذاكرة الجمهور مُرْهَقة، وبالكاد – مع هذا الضخ – تتذكر ما تلقّته أو قرأته قبل ساعات. 

وهنا تبرز الطبيعة البراغماتية للاتصال، إذ الإيمان بأن إعادة إنتاج الرسالة نفسها في ظل ذاكرة قصيرة للجمهور، يعفي من أي حرج؛ لأن لا أحد سيلاحظ هذا التكرار، لا سيما إذا ما تم ربطه بزاوية جديدة حتى وإن كانت طفيفة في حداثتها.

لكن الأكثر عبقريةً في تكريس الصورة عبر تكرار الرسالة، هو ذلك التكرار الذي يقوم على الربط بين رسالتين تفصلهما فترات طويلة؛ لأن القدرة على إعادة إنتاج الرسالة بالربط بين حدثين تفصلهما فترات طويلة، أدعى بصناعة الصورة وتكريسها، لأنه عمل استراتيجي يدوم ويبقى؛ في حين التكرار قصير المدى عمل تكتيكي وحضوره طارئ ولحظي. 

لماذا الربط بعيد المدى في عودته للماضي أكثر تأثيرًا في بناء الصورة؟ لأنه غالبًا يرتبط بمنجزات حقيقية ومشاريع استراتيجية ذات قيمة حقيقية تتطور على الأرض. أمَّا الثاني قصير المدى، فهو مجرد إلحاح وتسوّل على صناعة تأثير قد لا يكون ذا قيمة على الأرض. 

وهنا، نتذكر المقولة الاتصالية الذهبية التي وُلدت بعد تضاؤل نجم البروباغاندا التي احتكرت الإذاعة والصحيفة والتلفزيون عقودًا من الزمن، قبل ظهور وحش المنصات المستقلة كصحافة الأفراد وحسابات المنظمات:

أنت فقط تستطيع الترويج للقيم الحقيقية، وليس المزيفة. 

‏You only promote existing values, not the fake ones.

متخصص في الاتصال والصحافة*

@alshakri  

المصدر: نشرة elleven – العدد الخامس والثلاثون

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر