سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إفانتيكو مانوبا
هل سبق لك أن شاهدت أحد مقاطع الفيديو على موقع فيسبوك Facebook يعرض “ذكريات الماضي” للمشاركات أو الإعجابات أو الصور، مثل تلك التي قد تراها في عيد ميلادك أو في ذكرى بداية صداقتك مع شخصٍ ما؟ إذا كان الأمر كذلك، فإنك تكون قد رأيت أمثلة على كيفية استخدام فيسبوك للبيانات الضخمة. لقد جاء في تقرير صادر عن شركة ماكينزي McKinsey & Co أنه بحلول عام 2009، كان لدى الشركات التي تضم أكثر من ألف موظف أكثر من مئتي تيرابايت من البيانات المخزنة الخاصة بعملائها.
ويمكنك أن تضع في اعتبارك إضافة الكمية الضخمة من البيانات المخزنة إلى النمو السريع للبيانات المقدمة لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي منذ ذلك الحين. فهناك تريليونات من التغريدات ومليارات الإعجابات على فيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي مثل: “سبناب تشات” Snapchat و”إنستجرام” Instagram و”بينتريست” Pinterest، تضيف فقط إلى هذا الطوفان من بيانات الوسائط الاجتماعية. وتعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تسريع وتيرة الابتكار، وزيادة توفير التكاليف، وتقوية العلامات التجارية من خلال التعاون الجماعي. ففي كل قطاع، تستخدم الشركات منصات التواصل الاجتماعي لتسويق خدماتها ومنتجاتها والترويج لها، بجانب مراقبة ما يقوله الجمهور عن علامتها التجارية. وقد يؤدي تقارب الوسائط الاجتماعية والبيانات الضخمة إلى ظهور مستوى جديد تمامًا من التكنولوجيا.
بيئة الفيسبوك
يمكن القول إن فيسبوك هو أشهر شبكة وسائط اجتماعية في العالم بأكثر من ملياري مستخدم نشط شهريًا في جميع أنحاء العالم، إذ يقوم بتخزين كميات هائلة من بيانات المستخدم، مما يجعله بمثابة أرض العجائب الكبرى للبيانات. فالتقديرات تشير إلى أن عدد مستخدمي الفيسبوك في الولايات المتحدة وحدها قد وصل في عام 2019 إلى 183 مليون مستخدم. ولا يزال فيسبوك ضمن أفضل مئة شركة عامة في العالم، وذلك بقيمة سوقية تبلغ حوالي 475 مليار دولار. إننا نقوم كل يوم بتغذية منجم البيانات (الفيسبوك) بأكوام من المعلومات. ففي كل 60 ثانية، يتم تحميل 136 ألف صورة، ويتم نشر 510 آلاف تعليق، و293 ألف تحديث للحالة، وهي بيانات كثيرة جدًا.
في البداية، قد لا يبدو أن هذه المعلومات تعني الكثير. لكن مع مثل هذه البيانات، فإن فيسبوك يعرف من هم أصدقاؤنا، وكيف نبدو، وأين نحن، وما نقوم به، وما نحب، وما نكره، وغير ذلك الكثير مما يعرفه. حتى إن بعض الباحثين يقولون إن فيسبوك لديه بيانات كافية للتعرف علينا بشكل أفضل! لكن بصرف النظر عن جوجل Google، فربما تكون فيسبوك هي الشركة الوحيدة التي تمتلك هذا المستوى الضخم من المعلومات التفصيلية للعملاء. فكلما زاد عدد مستخدمي الفيسبوك، زادت المعلومات التي يقوم بجمعها. إذ يستثمر فيسبوك بشكل كبير في قدرته على جمع البيانات وتخزينها وتحليلها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. فبصرف النظر عن تحليل بيانات المستخدم، فإن فيسبوك لديه طرق أخرى لتحديد سلوك المستخدم.
أولاً: تتبع ملفات تعريف الارتباط: يتتبع فيسبوك مستخدميه عبر الويب باستخدام ملفات تعريف الارتباط. فإذا قام المستخدم بتسجيل الدخول إلى فيسبوك وتصفح مواقع الويب الأخرى في نفس الوقت، فإنه بإمكان فيسبوك تتبع المواقع التي يزورها.
ثانيًا: التعرف على الوجه: لقد كان أحد الاستثمارات الحديثة لفيسبوك هو التعرف على الوجه وإمكانيات معالجة الصور. إذ يمكن لفيسبوك تتبع مستخدميه عبر الإنترنت وملفات التعريف الأخرى ببيانات الصور المقدمة من خلال مشاركة المستخدم.
ثالثًا: اقتراحات العلامات: يقترح فيسبوك من يتم وضع علامة عليه في صور المستخدم من خلال معالجة الصور والتعرف على الوجه.
رابعًا: تحليل الإعجابات: أظهرت دراسة حديثة أنه من الممكن التنبؤ بالبيانات بدقة حول مجموعة من السمات الشخصية الحساسة جدًا من خلال تحليل إعجابات المستخدم على فيسبوك. إذ يُظهر العمل الذي أجراه باحثون في جامعة كامبريدج و”باحث مايكروسوفت” Microsoft Research كيف يمكن لأنماط الإعجابات على فيسبوك أن تتنبأ بدقة شديدة بالتوجه الجنسي، والرضا عن الحياة، والذكاء والاستقرار العاطفي، والدين، وتعاطي الكحول، وتعاطي المخدرات، وحالة العلاقة والعمر والجنس والعرق، والآراء السياسية بجانب أمور أخرى كثيرة. يقول “كين رودين”، رئيس قسم التحليلات في شركة فيسبوك أن “البيانات الضخمة تعد أمرًا بالغ الأهمية لوجود الشركة، حيث تعتمد على تثبيت ضخم لإطار “هادوب” Hadoop، وهو إطار عمل مفتوح المصدر قابل للتطوير بدرجة كبيرة يستخدم مجموعات من الخوادم منخفضة التكلفة لحل المشكلات. حتى إن فيسبوك تصمم أجهزتها لهذا الغرض. فـ”هادوب” هي مجرد واحدة من العديد من تقنيات البيانات الضخمة المستخدمة في فيسبوك.
أمثلة على ذلك
فيما يلي بعض الأمثلة التي توضح كيفية استخدام شركة فيسبوك للبيانات الضخمة.
المثال الأول: الفلاش باك
خلال الاحتفاء بالذكرى العاشرة لتأسيسه، قدمت شركة فيسبوك لمستخدميها خيار مشاهدة ومشاركة مقطع فيديو يتتبع مسار نشاطهم على الشبكات الاجتماعية من تاريخ التسجيل حتى الوقت الحاضر. ويُطلق على هذا الفيديو اسم “الفلاش باك”، وهو عبارة عن مجموعة من الصور والمشاركات التي تلقت أكبر عدد من التعليقات والإعجابات وتم ضبطها على موسيقا خلفية تبعث على الحنين إلى الماضي. وقد تم إنشاء مقاطع فيديو أخرى منذ ذلك الحين، بما في ذلك تلك التي يمكنك مشاهدتها ومشاركتها في الاحتفال بالذكرى السنوية لتكوين “Friendversary” بين شخصين على فيسبوك. ثم إن هناك إمكانية لمشاهدة مقطع فيديو خاص في عيد ميلادك.
المثال الثاني: لقد قمت بالتصويت
لقد نجحت فيسبوك في ربط النشاط السياسي بمشاركة المستخدم عندما يخرج بتجربة اجتماعية من خلال إنشاء ملصق يسمح لمستخدميه بالإعلان عن “لقد قمت بالتصويت” في ملفاتهم الشخصية. وقد أجريت هذه التجربة خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2010 وقد بدت مفيدة بالفعل. فقد كان من المرجح أن يقوم المستخدمون الذين لاحظوا الزر بالتصويت والتحدث بصوت عالٍ بشأن سلوك التصويت بمجرد أن يروا أصدقاءهم يشاركون فيه. فمن إجمالي 61 مليون مستخدم، قام 20% من المستخدمين الذين شاهدوا أصدقاءهم بالتصويت، نقروا أيضًا على الملصق. وقد زعمت وحدة علوم البيانات في فيسبوك أنه مع مزيج الملصقات التي حفَّزَت ما يقرب من 60 مليون ناخب بشكل مباشر، والعدوى الاجتماعية، التي دفعت 280 ألف مستخدم متصل إلى التصويت لما مجموعه 340 ألف ناخب إضافي في انتخابات التجديد النصفي. وبالنسبة لانتخابات عام 2016، وسعت فيسبوك مشاركتها في عملية التصويت من خلال التذكيرات والتوجيهات لأماكن اقتراع المستخدمين.
المثالث الثالث: الاحتفال بالفخر
بعد صدور حكم المحكمة العليا بشأن زواج المثليين كحق دستوري، تحول موقع فيسبوك إلى مشهد غارق بألوان قوس قزح يسمى “احتفال الزفاف”Celebrate Pride”، وهي طريقة لإظهار الدعم للمساواة في الزواج. فقد قدمت فيسبوك طريقة سهلة وبسيطة لتحويل صور الملف الشخصي إلى صور بألوان قوس قزح. ولم تكن تمت مشاهدة مثل هذه الاحتفالات منذ عام 2013 عندما قام 3 ملايين شخص بتحديث صور ملفاتهم الشخصية إلى علامة اللون الأحمر (شعار حملة حقوق الإنسان).
وفي غضون الساعات القليلة الأولى من ذلك، قام أكثر من مليون مستخدم بتغيير صور ملفاتهم الشخصية، وذلك وفقًا للمتحدث باسم فيسبوك، “وليام نيفيوس”. وقد أثار كل ما حدث أسئلة حول نوع البحث الذي أجرته فيسبوك بعد تتبع الحالة المزاجية للمستخدمين والاستشهاد بأبحاث السلوك.
وعندما نشرت الشركة ورقة بعنوان “انتشار دعم الحركات الاجتماعية عبر الإنترنت” The Diffusion of Support in a Online Social Movement، قام اثنان من علماء البيانات في فيسبوك بتحليل العوامل التي تنبأت بدعم المساواة في الزواج على فيسبوك. فقد تم النظر في العوامل التي ساهمت في تغيير المستخدم لصور الملف الشخصي إلى العلامة الحمراء.
المثال الرابع: بيانات الموضوع Topic Data
وهي إحدى تقنيات فيسبوك التي تعرض للمسوقين ردود الجمهور حول العلامات التجارية والأحداث والأنشطة والموضوعات بطريقة تحافظ على خصوصية معلوماتهم الشخصية. إذ يستخدم المسوقون المعلومات من هذه التقنية لتغيير طريقة التسويق بشكل انتقائي على النظام الأساسي وكذلك القنوات الأخرى.
لقد كانت هذه البيانات متاحة سابقًا من خلال جهات خارجية، ولكنها لم تكن مفيدة لأن حجم العينة كان صغيرًا، وكان تحديد التركيبة السكانية شبه مستحيل. فباستخدام هذه التقنية، قامت فيسبوك بتجميع البيانات وتجريد المعلومات الشخصية لنشاط المستخدم لمساعدة المسوقين من خلال تقديم رؤى حول جميع الأنشطة الممكنة المتعلقة بموضوع معين؛ وهو ما يمنح المسوقين رؤية شاملة وقابلة للتنفيذ عن جمهورهم لأول مرة.
لكن تتمثل أهم السلبيات في مشاكل الخصوصية؛ فبسبب المنجم الهائل للبيانات، ينتظر المعلنون مثل النسور الجائعة. فقد ذكر تقرير صناعة التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2019 أن فيسبوك هي المنصة الاجتماعية الأولى بالنسبة للمسوقين.
وتؤكد الشركة لمستخدميها أن المعلومات لا تتم مشاركتها إلا بإذن منهم وإخفاء هويتهم عند بيعها للمسوقين. ومع ذلك، يبدو أن القضايا لا تزال تظهر، فقد كانت هناك دائمًا مستويات عالية من مخاوف الخصوصية بين مستخدمي فيسبوك، الذين يسألون: “هل الخصوصية منعدمة؟”. فعلى سبيل المثال، يشتكي العديد من المستخدمين من عدم شرح إعدادات الخصوصية في فيسبوك بشكل واضح، أو أنها معقدة جدًا. فمن السهل على المستخدمين مشاركة الأشياء بدون قصد.
ثم إن ثمة مشكلتين مع “فيسبوك”، فقد صرح “كين رودين” أن الشركات التي تعتمد على البيانات الضخمة كثيرًا ما تدين بإحباطها لخطأين، الأول: أنها تعتمدون كثيرًا على تقنية واحدة، مثل “هادوب” Hadoop، إذ تعتمد فيسبوك على تثبيت هائل لبرنامج “هادوب”. فعملية التحليل في فيسبوك تبدأ بمستودع تحليل بيانات سعته 300 بيتابايت. وللإجابة عن استعلام معين، غالبًا ما يتم سحب البيانات من المستودع ووضعها في جدول حتى يمكن دراستها. وقام الفريق ببناء محرك بحثي يقوم بفهرسة البيانات في المستودع. فهذه ليست سوى بعض التقنيات العديدة التي تستخدمها فيسبوك لإدارة المعلومات وتحليلها. والثاني: تستخدم الشركات البيانات الضخمة للإجابة عن أسئلة لا معنى لها. إذ يتم تعريف السؤال المهم على أنه سؤال يؤدي إلى إجابة توفر أساسًا لتغيير السلوك. فإذا كنت لا تستطيع أن تتخيل كيف ستقودك إجابة السؤال إلى تغيير ممارسات عملك، فإن السؤال لا يستحق طرحه.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Simple Learn
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر