سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ممدوح المهيني
تعرضت السعودية في الشهور الماضية لحملة إعلامية غربية قاسية غير مسبوقة، إلا أنها لم تدفع الرياض أو تشتتها عن المضي قدماً في خططها الإصلاحية الاجتماعية والاقتصادية. خطوات كبيرة أنجزت بذات الوقت الذي كانت عاصفة الهجوم والانتقادات تهب من كل اتجاه. فخطاب التطرف الذي عانت منه السعودية لعقود تراجع بفترة قياسية ودعاة التحريض اختفوا من المشهد. والنساء السعوديات قدن سياراتهن ونلن مزيداً من الحقوق أكثر مما توقع الجميع، وشهدنا تحولاً جذرياً على مستوى الترفيه والثقافة والآثار. هذا بالإضافة إلى تحولات في السياسة الاقتصادية ومشاريع كبرى، تجعلنا نتعرف بالفعل على الطبيعة الأساسية للسعودية الجديدة التي تتشكل أمام أعيننا.
ومع هذا فلكل قصة مهما كانت غير سعيدة جانبها الإيجابي، وإصرار السعودية وتحديداً ولي العهد السعودي على إنجاز مشروعها التحديثي مهما كانت الظروف غيّر المشهد ليس بالدعاية والهجوم المضاد وحملات العلاقات العامة، ولكن بالإنجازات على الأرض. وقد رأينا الأسبوع الماضي بعضاً منها، حيث قامت وسائل الإعلام الغاضبة نفسها بتغيير لهجتها المحتدة وقدمت تغطيات إيجابية وبروح احتفالية عن القرارات التاريخية الأخيرة المتعلقة بولاية المرأة وحقوقها في السفر والحصول على الجواز والعمل وقائمة أخرى من الحقوق. في تقرير مطول أشارت صحيفة النيويورك تايمز إلى أن أهمية القرارات تأتي في سياق عزم ولي العهد السعودي على الانفتاح وتحديث بلاده. وصحيفة الغارديان غيرت من خطابها مشيرة إلى أن التحديثات في السعودية ليست جديدة، ولكن هناك مسار تصاعدي منذ وصول ولي العهد من كبح جماح المتطرفين إلى تكسير الحواجز القديمة التي تقف بوجه المرأة السعودية.
وهكذا نرى التحول لافتاً، وبعد مشاهد سلبية وتغطيات غير متوازنة، رأينا صورة الفتاة السعودية التي تحيي الأمير محمد بن سلمان هي الأكثر انتشاراً وتداولاً في وسائل إعلام دولية اعترفت بتاريخية هذه القرارات وعالميتها. ومن المؤكد أنها خطوة كبيرة في طريق التقدم الحضاري وستؤثر على المنطقة بشكل أوسع لأهمية السعودية.
وهناك مسألة برأيي مهمة يجب التوقف عندها، وهي أن السعودية قد اختارت الطريق الصحيح رغم صعوبته وتجنبت الوقوع فريسة للإحساس بالاستهداف والاضطهاد الإعلامي والسياسي، كما وقعت دول وحكومات أخرى أدخلت بلدانها وشعوبها في حالة من المزاج السوداوي وعمقت مشاعر العداء التي تزدهر فيه نظريات المؤامرة والاستهداف. وما يحدث بعد ذلك نراه يتكرر حيث تدخل هذه البلدان في عزلة وتصبح مهووسة بفكرة الإحساس وعقدة الاضطهاد وفي العادة تتخذ قرارات خاطئة بناء على الشعور المتخيل أو الحقيقي بالظلم. واستخدمت بعض الحكومات الفاشلة مثل هذا الإحساس بالاضطهاد كتعويض على الإخفاق الاقتصادي والسياسي لخلق خصوم تستمد من عدائهم شرعيتها.
على عكس من ذلك الاتجاه ذهبت السعودية وهو أمر مثير حقاً للإعجاب. لم نقرأ تصريحات أو تعليقات تلمس منها المرارة والغضب رغم قسوة الهجوم الذي شاركت فيه بشكل أساسي أطراف معادية تركية وقطرية وقوى إيديولوجية متطرفة تقف على الضد تماماً من التوجه التحديثي للسعودية الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان. كل ذلك يعود في رأيي لسبب واحد وهو الرؤية المتفائلة للمستقبل والثقافة العملية للقيادة السعودية التي تصحو كل يوم وترى كل هذا الهجوم وتزيحه من طريقها وتبدأ في العمل والتنفيذ. وكذلك إلى الرغبة القوية في الانفتاح والاندماج في العالم وليس الانغلاق والانعزال، ورؤية 2030 تصب في هذا الاتجاه. وفِي حوار العام الماضي مع الأمير محمد بن سلمان بمجلة “ذَا أتلانتيك” قال إن السعوديين يريدون أن يحافظوا على هويتهم الخاصة وأن يكونوا بذات الوقت جزءاً من الثقافة العالمية.
أخيراً الدرس المفيد من كل هذا هو أن السعودية اتخذت الطريق الصحيح. ركزت على الجانب المشرق ونصف الكأس الملآن ولم تقع فريسة للاضطهاد رغم المحاولات المتعمدة من خصومها لدفعها لهذا الاتجاه، ولكنها فعلت العكس واستمرت بإنجاز مشاريعها رغم العاصفة التي غيرت أخيراً مسارها.
المصدر: العربية.نت
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر