سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تاتانيا كانونيكوفا
قام مجموعة من أعضاء حركة الشباب الإرهابية بتفجير قنبلتين خلال هجومهم على مبنى حكومي في العاصمة الصومالية مقديشو، وقد أسفر الهجوم عن مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 21 آخرين. وقد مثلت هذه الحادثة تحديًا لقدرة الحكومة الصومالية وحلفائها على حل مشكلة ذلك التنظيم الإرهابي.
ويحارب عدد من الدول الإفريقية، حركة “الشباب” المتطرفة لأكثر من عقد من الزمان، لكن الدول الغربية انضمت إلى هذه الحملة في الفترة الأخيرة؛ حيث تزايدت الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحركة خلال العام الماضي، والتي أدت إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين. ويرجع ذلك إلى توجه جديد يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي خفف القواعد التي تهدف إلى منع وقوع إصابات بين المدنيين، وعلى الجانب الآخر نجد أن الخسائر المدنية في الواقع تعطي شرعية للجماعة الإرهابية كحركة مقاومة.
هنا نشير إلى أن المساعدة الدولية مهمة، لكن حينما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب، فإن الاعتماد على القوة العسكرية يبدو أمرًا مشكوكًا فيه؛ وهذا ينطبق بشكل خاص على الجماعات الإرهابية المتحصنة في المنطقة، وتعتمد على دعم جزء معين من السكان المحليين، وهو ما يوضح فعالية نهج “القوة الناعمة”.
فجماعة “الشباب”، تعد واحدة من أعنف الجماعات الإرهابية في إفريقيا، وهو ما يوضح مدى تعقُّد المشكلة. فهذه الجماعة الجهادية الأصولية، لديها تركيز داخلي إلى حد بعيد، حيث تستغل استياء الناس من السلطة الصومالية. ورغم أن قدرات حركة “الشباب” محدودة حاليًا، وعانت من خسائر عسكرية كبيرة، فإنها لا تزال تحكم السيطرة على أجزاء كبيرة بالمنطقة.
وفي هذا السياق، فإن دعم وتطوير المبادرات المدنية يمثل مساهمة ثمينة جدًا لتسوية النزاعات. ولهذا الغرض، فقد تمَّ تأسيس معهد “هيرال”، وهو منظمة بحثية ركزت على المشاكل الأمنية التي تواجه شرق إفريقيا، وخاصة الصومال.
ويشير “برتشارد باريت”، وهو دبلوماسي بريطاني سابق وضابط استخبارات، وأحد كبار خبراء مكافحة الإرهاب في العالم، وعضو في المجالس الاستشارية للعديد من المؤسسات، ومنها معهد “هيرال”، إلى أن هذه المشكلة معقدة، وكثيرًا ما يكون الناس الذين يشرحونها ليسوا صوماليين.
ويقول باريت، إن “هيرال”، الذي يعمل فيه الصوماليون بالكامل، ومقره مقديشو، إن الصوماليين قادرين على إضافة البُعد الثقافي الذي غالبًا ما ينقصه التحليل المدعم بوجهات نظر مختلفة.
ويعتمد المعهد على الشبكات المحلية في جميع أنحاء البلاد كقاعدة بحثية للوصول إلى دراسات معتمدة على الواقع، كما يهدف إلى مساعدة الحكومة الفيدرالية في الصومال وشركائها الدوليين على اتخاذ القرارات السياسية المناسبة استنادًا إلى الأدلة الواقعية والتحليل الواضح.
وتسيطر حركة “الشباب” – حاليًا – على 11 من أصل 18 منطقة صومالية، إضافة إلى أجزاء من بعض المقاطعات شمال شرقي كينيا. وكانت الصومال قد شهدت أكثر من 200 حادث أمني منذ بداية العام، نفذت الحركة الجزء الأكبر منها.
وتسعى حركة “الشباب” لتحل محل الحكومة في العديد من المجالات؛ حيث تسعى لتوفير الأمن للسكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإدارة المحاكم، وتسوية النزاعات عندما يتعلق الأمر بالنزاعات المحلية، وهو ما يقابل بتقدير وترحاب من جانب بعض السكان.
بالإضافة إلى ذلك، توفر الحركة الحماية للعشائر المهمشة، وهو ما يساعدها في الحصول على دعم السكان المحليين، الذي يمكنها من الاندماج في المجتمعات المحلية. ناهيك عن نفوذها الأيديولوجي الذي يمتد إلى خارج الأراضي الصومالية.
وتتسم الجماعة بدرجة كبيرة من التكيف، فبعد الانسحاب من مقديشو عام 2011، تمت إعادة تنظيم حركة “الشباب”، مع التركيز على الأمن التنظيمي والحد من المخاطر التي يتعرض لها المقاتلون. وفي المقام الأول، يتعلق الأمر بوحدة استخبارات المجموعة، التي توصف بأنها “تقدم خدمة سرية منظمة على هيئة منظمة سرية داخل الجماعة”.
ويكتب “مايكل هورتون”، المحلل البارز في مؤسسة “جيمس تاون”، أن “المناطق التي انسحبت منها حركة الشباب لا تزال تشهد حضورًا للخدمات الأمنية التي بدأتها الحركة”. وهكذا، فقد تمَّ إنشاء شبكة من العملاء الأمنيين في جميع أنحاء الصومال، بما في ذلك الحكومة والوزارات.
لكن الجماعة تلقت ضربات مؤلمة مع وفاة زعيمها أحمد غودان عام 2014، الذي كان يوصف بأنه شخصية كاريزمية فعالة. وفي العام نفسه تمَّ تعيين أحمد ديري، المعروف باسم “أبو عبيدة”، أميرًا جديدًا لحركة “الشباب”، لكنه لا يقارن بسابقه على كافة المستويات. وفي يونيو من نفس العام، أعلنت وسائل الإعلام أن “أبو عبيدة” قد توفي بسبب مرض في الكلى، وقد كان له مكانة متميزة بين أعضاء التنظيم.
لقد كان “غودان” ذا شخصية ساحرة بين أتباعه، لكن الزعيم الحالي تحيط به مجموعة صغيرة من المؤيدين الذين يغلب عليهم طابع التشكيك والخوف من السقوط بعيدًا عن قيادة الجماعة بطريقة إبداعية.
ومما سبق يمكن القول بأن حركة الشباب تتسم بدرجة من التطور والمرونة والتكيف والإبداع. ففي شهر يونيو اتخذت الحركة نهجًا مبتكرًا، حيث حظرت استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، ووصفتها بأنها تحمل تهديدًا خطيرًا للبشر والثروة الحيوانية والبيئة. كما أشار حسين شيخ علي، رئيس معهد “هيرال” في تغريدة له، إلى أن هذا التحرك سيجعل حركة الشباب “أول جماعة إرهابية في الصومال تحظر المواد الضارة بالبيئة”.
على أية حال، فلكي يمكن هزيمة حركة “الشباب”، من الضروري، قبل كل شيء، أن يكون المرء مبدعًا، حيث يتطلب ذلك السرعة في تلبية احتياجات الناس.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات*
المصدر: موقع آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر