سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ميرفت محمد
حين أُعلن عن تكفل القيادي المفصول من حركة فتح بعشرات العمليات لإجراء زراعة أطفال أنابيب لفقراء عقم، وبينما أخذت الدعاية لهذا المشروع الخيري تصدح في وسائل الإعلام الفلسطينية المؤيدة للرجل، حظيت جارتي بأن تكون واحدة من تلك النسوة اللواتي شُملن بالواسطة لمشروع علاج العقم والإنجاب الذي نفذه المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني “فتا” عام 2015.
ذكرت لي أنها يوم ذهبت لأول مرة للطبيب “أطفال الأنابيب والعقم” المختص، وبينما كانت تهم بالخروج من العيادة عاجلها شاب يحمل كاميرا وطلب منهما التقاط صورة فوتوغرافية بعدما أعطاها وزوجها وردة وصور لهذا السياسي، و بينما رفضت هي التقاط هذه الصورة حياء كان يدور في رأسها الكثير من الأفكار، تمحى جلها عندما كان يتربع على عرش هذه الأفكار الأمل في أن تصبح أمًا بعد 15 عامًا من العقم، فقد مرت سنوات قاسية حين منعها الفقر من مجرد محاولة إجراء عملية أطفال أنابيب.
بإختصار، سرعان ما حطمت فرحتها عندما بدأ الطبيب رحلة المماطلة لإجراء هذه العملية، ثم أجري لها العملية حتى وجدت نفسها في نهاية المطاف متكفلة بدفع ثلثي التكاليف مستدينة من شقيقتها الأرملة مال طفلها اليتيم.
تشكل حكاية هذه السيدة القاطنة في غزة معاناة صغيرة بين حكايا فقراء القطاع الذين جُعلت بين ليلة وضحاها أمهم “زوجة هذا السياسي”، ولربما هان الأمر قليل على من تمكن من الإنجاب ضمن هذه الحملة، فأحتفل بصور طفله على موقع مركز فتا الذي عج بصور فوتوغرافية عالية الجودة لبعض هؤلاء الأطفال.
وفي محاولتي لإرجاع فشل تحقيق حلم هذه السيدة للقضاء والقدر، لم أنجح في تحميل مسئولية توريطها في دفع هذا المبلغ من المال إلا لخذلان رجال الساسة الفلسطينيين، أولئك الذين أخذوا يتلاعبون بمعاناة الفقراء ليل نهار، لقد دُمرت حياة هذه السيدة ولم يعد حلمها إنجاب الأطفال بل سداد ما استدانت لعملية تعهد بأن تكون مكفولة المصاريف.
بحكم عملي الصحافي تتبعت الكثير من الأخبار الإعلامية، إحدى الأخبار تتحدث عن جائزة أولى مقدارها 150$ في مسابقة للطائرات الورقية سيحظى بها طفل فقير من القطاع، وأخرى تتحدث عن أعراس جماعية، وليس بآخرها مشروع تركيب أطقم أسنان لكبار السن كلفت الدعاية لهذه المشاريع أكثر ما قدم للناس، وسارت الدكتورة زوجة القيادي تشق صفوف الفقراء في المدن والقرى تحت مظلة “فتا” لتبحث عن أيتام، ومن لا يستطيع الزواج لتقيم لهم الأعراس الجماعية ولتدفع الرسوم الجامعية للطلبة الفقراء والمسنين، وهو الأمر الذي “قد تعجز على فعله دول ذات سيادة وإستقرار” كما يقول المؤيدون للرجل وزوجته. وتساءلت كيف لرجل لا تحصى ملايينه من الدولارات أن لا يكلف نفسه أكثر كون هدفه يستحق.
تذكرنا الأرقام بأنه يعيش حوالي نصف سكان غزة البالغ عددهم 1,9 مليونا تحت خط الفقر، يعشون في حصار اخترقته خلال ست سنوات ثلاث حروب، وتظهر الأرقام أيضًا أن حوالي 80 في المئة من سكان قطاع يعتمدون على المساعدات، بينما تصل نسبة البطالة إلى 45 في المئة، وهي من الأعلى في العالم، وبدلًا أن يعمل قائد للشعب الفلسطيني كمحمود عباس وحركة مسئولة عن القطاع كحركة المقاومة الإسلامية “حماس” لمصلحة الفقراء، رأيتهم شاركوا في إلحاق الأذى بفقراء القطاع لأنهم على الأقل سمحوا باستغلال حاجة الناس لتحقيق مصالح رجال السياسة، وجعلوا رغبة الناس السياسية مرهونة بمن يقدم لهم بضعة دولارات تعينهم على حالة البؤس التي يعيشونها.
أنا كغيري من المواطنين العاديين لا يعنيني إظهار هذا السياسي القادر على حل المشاكل السياسية العالقة كي يصبح القائد المعهود، وكل ما يعني هو إيقاف استغلال معاناة الفقراء والمحتاجين لخدمة الأغراض السياسية المتغيرة، إيقاف استعراض القدرات بإستغلال حاجة الناس أمام الكاميرات الدعائية.
صحفية وباحثة فلسطينية*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر