Kate Whiting
حياتنا رقمية. من العمل وقراءة المدونات، إلى المعاملات البنكية والتفاعلات الاجتماعية، الكثير من أنشطتنا اليومية الآن تعتمد على التكنولوجيات الرقمية.
لذلك، القدرة على الثقة بهذه التكنولوجيات أمر ضروري. لكن الثقة في التكنولوجيات الرقمية ليست موحدة. كما يُظهر مؤشر إديلمان للثقة لعام 2024، فإن وسائل التواصل الاجتماعي هي الصناعة الأقل ثقة، بينما تُعتبر
التكنولوجيا كصناعة هي الأكثر ثقة.
بالنسبة إلى الآباء في جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ الأميركي، بتاريخ 31 يناير 2024، حول سلامة الأطفال على الإنترنت، الذين يعتقدون أن أطفالهم تعرضوا للأذى نتيجة استخدام
وسائل التواصل الاجتماعي، لا يوجد ثقة في الشركات التي تدير منصات وسائل التواصل الاجتماعي. جلسة الاستماع أمام اللجنة القضائية – التي شهدت إدلاء رؤساء تنفيذيين لخمس شركات وسائل التواصل الاجتماعي (Snap, TikTok, X, Meta, Discord) بشهاداتهم وخضعوا للتحقيق – نظرت فيما إذا كانت هذه الشركات قد فعلت ما يكفي لحماية الأطفال من المحتوى الضار ومفترسي الأطفال.
يدرس الكونغرس الأميركي حاليًا تشريعات مقترحة، بما في ذلك قانون سلامة الأطفال على الإنترنت، الذي يتطلب من المنصات “ممارسة العناية الواجبة والمعقولة” لحماية الأطفال. تشمل مشاريع القوانين المقترحة الأخرى، قانون الاستثمار في سلامة الطفل، الذي تم تقديمه لأول مرة في مجلس الشيوخ الأميركي في عام 2020، والذي من شأنه توجيه أكثر من 5 مليارات دولار في تمويل إلزامي للتحقيق في المحتالين عبر الإنترنت واستهدافهم.
ما هي “الثقة الرقمية”؟ وكيف يمكننا إنشاؤها؟
تُعرّف مبادرة الثقة الرقمية التابعة لمنتدى الاقتصاد العالمي الثقة الرقمية بأنها “توقع الأفراد أن التكنولوجيات والخدمات الرقمية – والمنظمات التي تقدمها – ستحمي مصالح جميع الأطراف المعنية وستحترم التوقعات والقيم الاجتماعية”. في أحدث تقرير، تحت عنوان “الثقة الرقمية: دعم الوكالة الفردية”، تحدد المبادرة كيف أن الدعم للوكالة الفردية وحقوق الإنسان واحترام خيارات وقيم المستخدمين الأفراد، هي “أمور حاسمة لإعادة بناء الثقة في التكنولوجيات الرقمية”. تنادي بـ”الوكالة الفردية عن طريق التصميم” كأسلوب للتطوير الموثوق به في صميم أي استراتيجية تكنولوجية أو نهج تنظيمي.
“من أجل تعزيز الثقة، يجب أن تصبح القيم المهمة مثل الوكالة، وحقوق الإنسان، والخصوصية والأمان، جزءًا لا يتجزأ من عملية تصميم التكنولوجيا في أبكر مرحلة ممكنة”، هذا ما قاله دانيال دوبريغوفسكي، رئيس الحوكمة والثقة في منتدى الاقتصاد العالمي. يقول التقرير إن التصميم المسؤول، الذي يعتمد على ثلاثة أبعاد للثقة الرقمية – الشفافية، والخصوصية وإمكانية التصحيح – يمكن أن يضمن تطوير التكنولوجيات بطريقة تركز على الإنسان لدعم توقعات الأفراد وقيمهم.
الشفافية عن طريق التصميم
ويضيف التقرير: تضمن الشفافية أن التكنولوجيات الرقمية “لا تفعل أكثر ولا أقل مما يتوقعه المستخدم”. يجب على المنظمات التأكد من أن المستخدمين يحتفظون بالسيطرة ويشعرون بالتمكين لاتخاذ خياراتهم الخاصة، والتصرف بما يخدم مصالحهم على الإنترنت.
تدمج الشفافية في التكنولوجيات الرقمية عندما يقوم المطورون بـ:
• دمج الشفافية في منتجاتهم وخدماتهم.
• تقديم برامج فعالة للتعليم الرقمي.
• جعل أدوات الشفافية أكثر سهولة ومتاحة وبديهية.
توضح الرؤية الواضحة لتدفقات البيانات، بما في ذلك البيانات المجمعة وكيفية استخدامها، مثالًا واحدًا على الشفافية والتعليم الرقمي قيد التنفيذ. يحدد التقرير أفضل الممارسات لشفافية جمع البيانات، بما في ذلك استخدام اللغة العادية لجعل جهود الشفافية مفهومة والتصميم مركزًا حول المستخدم، لإعطاء الأولوية لواجهات بديهية.
الخصوصية عن طريق التصميم
ويؤكد التقرير أن وسائل الحماية الافتراضية للخصوصية تضمن للمستخدمين أن تفاعلاتهم عبر الإنترنت ستكون آمنة وأن بياناتهم الشخصية محمية.
تُدمج الخصوصية في التكنولوجيات الرقمية عندما:
• تلتزم التكنولوجيات بروح ونص اللوائح الشاملة للخصوصية.
• يدمج المطورون آليات موافقة فعالة، وأدوات وموارد داعمة.
لائحة حماية البيانات العامة (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، هي واحدة من أشهر الأمثلة على الخصوصية عن طريق التصميم، بينما تُعد شركات مثل: Google وMicrosoft وIBM من بين الشركات التي تعطي الأولوية بشكل استباقي لمبادئ الخصوصية في تطوير المنتجات والخدمات.
التصحيح عن طريق التصميم
يقول التقرير إن الاستعداد والوقاية لا يكفيان دائمًا للقضاء على فرصة الضرر الناتج عن التكنولوجيات الرقمية. يجب وضع آليات تصحيح فعالة لضمان أنه “يمكن تعويض الأفراد الذين يتعرضون للضرر”.
تندرج آليات التصحيح في الفئات التالية:
• أدوات الوقاية من الأذى المستخدمة لتطبيق حقوق الأفراد أو المستهلكين.
• إجراءات التصحيح التي تسمح بالتفاعل بين الأفراد الذين تعرضوا للضرر ومطوري التكنولوجيا ومالكيها.
• آليات الرقابة من طرف ثالث لضمان تصحيح الأضرار الفردية بشكل عادل.
في النهاية، يجب أن يكون بناء وصيانة الثقة الرقمية مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص. يلخص التقرير إلى أنه: “مع تقدم العالم نحو المستقبل الرقمي، يمكن أن تكون المعايير العالمية المعترف بها والمشتركة والموثقة أدوات قوية لتعزيز الثقة الرقمية”.