سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كامارين بيتر
في عام 1967، كانت تكلفة التخزين على القرص الصلب تبلغ مليون دولار أميركي. أمَّا اليوم، فإنها وصلت إلى حوالي سنتين أميركيين. كذلك تطورت قوة معالجة الكمبيوتر بدرجة كبيرة؛ إذ إنها تتضاعف كل عامين تقريبًا. ويُعدُّ هذا مجرد غيض من فيض عندما يتعلق الأمر بالتقدم التكنولوجي في القرن الحادي والعشرين.
لقد كان هناك – أيضًا – تقدم كبير في تكنولوجيا الاتصالات، مثل: الروبوتات، وتكنولوجيا النانو، والهندسة الوراثية، والذكاء الاصطناعي، بجانب أمور أخرى؛ وجاء ذلك في سياق الاندماج في العالم الرقمي والفيزيائي والبيولوجي، الذي أصبح يُعرف – حاليًا – باسم “الثورة الصناعية الرابعة”.
وحتى الآن، لم يتم توجيه سوى قدر ضئيل من الاهتمام إلى الإمكانيات الضخمة للثورة الصناعية الرابعة بغرض تحفيز التحولات التي تشتد الحاجة إليها في إطار مجتمع أكثر استدامة، ولا سيَّما في العالم النامي.
وهو ما بدأ بالتحولات التي عبَّر عنها المنتدى الاقتصادي العالمي، أخيرًا، من خلال مجموعة من الأطروحات التي جاءت كجزء من “مبادرة تشكيل مستقبل البيئة ونظام أمن الموارد الطبيعية”. إذ ركزت هذه الوثائق على معالجة بعض المحاور الرئيسية حول الدور المحتمل للثورة الصناعية الرابعة في دعم أجندة التنمية المستدامة.
فهناك العديد من الأسباب المقنعة للجمع بين عروض الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيات الخضراء الجديدة والبنى التحتية والأنظمة للتعامل مع تحديات العالم النامي؛ إذ يمكن تحقيق فوائد متعددة من خلال تقديم هذه العروض بطرق جديدة ومبتكرة يتم تخصيصها للسياقات المحلية. كذلك يمكن لهذه التقنيات الخضراء توليد الكثير من فرص العمل، وتخفيف الضغط على البنية التحتية في المدن التي تنمو بسرعة، وانخفاض تكاليف الطاقة، وبخاصة للأسر الفقيرة.
فرصة للتغيير
تشكل الأحياء والمستوطنات العشوائية مشكلات نظامية في معظم مدن العالم النامي. وهذا هو حال كل المدن الإفريقية الكبيرة والراسخة والصغيرة الناشئة على وجه الخصوص، وكذلك البلديات التي تعاني من ضغوط هائلة، وهو ما يسهم في تعظيم تلك الفرصة للتغيير، إذ توجد لديها بنية تحتيةبكميات كبيرة، مثل: المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، ومرافق إدارة النفايات، لتلبية احتياجات السكان المتنامية.
فقيمة التكنولوجيات والأنظمة الخضراء تكمن في كونها لا مركزية إلى حدٍّ بعيدٍ، أو في بعض الأحيان تكون شبه لا مركزية. وتشمل الأمثلة على ذلك الألواح الشمسية، وأجهزة توفير الطاقة، وتقنيات طاقة الرياح، والطاقة المائية الصغيرة؛ وهو ما لا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية بما يمكّنهم بطبيعتهم اللامركزية من مواكبة المدن عندما تتغير.
كذلك يمكن أن يؤدي إدخال حلول وأنظمة التكنولوجيا الخضراء إلى خفض التكاليف المنزلية، إذ إن ما بين 50 و70 في المئة من ميزانيات الأسر الإفريقية الفقيرة تُنفق على الغذاء والماء والطاقة والنقل؛ وهو ما يجعلهم عرضة للصدمات الخارجية، مثل: الارتفاع الحاد في تكاليف الكهرباء، والنفط، والغذاء، والماء. وهذه العوامل مترابطة بعضها ببعض أيضًا، فعلى سبيل المثال: إذا ارتفعت أسعار النفط، فإن تكاليف النقل والغذاء تفرض ضغوطًا إضافية على الأسر التي تعاني بالفعل. ويمكن للتكنولوجيات الخضراء أن تحمي الأسر الفقيرة من هذه الصدمات، وذلك عن طريق فصلها عن اعتمادها على الشبكات المحلية ونظم الإمداد الإقليمية أو الوطنية أو العالمية.
هذا على مستوى الأسرة، وهناك صورة أكبر، إذ يمكن أن يساعد استيعاب التكنولوجيات الخضراء والمستدامة في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم على نطاق واسع وزيادة جاذبية الاستثمار لديها. وهذا، بدوره، يمكن أن يؤدي إلى دفع النمو الاقتصادي والحصول على توزيع النقد عند المستويات التي تشتد الحاجة إليها.
ثم إن تقديم تقنيات جديدة إلى المدن الإفريقية من شأنه أن يولد الكثير من فرص العمل. كما أن هناك حاجة إلى تثبيت الألواح الشمسية، وسخانات المياه بالطاقة الشمسية، وهضم الغاز الحيوي، وأجهزة توفير الطاقة، أو إقامة عمليات الزراعة الحضرية والزراعة الدائمة، وهناك بالفعل أمثلة على ذلك في العديد من المدن الإفريقية.
توليد المزيد من الفرص
ربَّما تكون الثورة الصناعية الرابعة أكبر نعمة على الإطلاق، فهي تتيح فرصة هائلة للقفز إلى الاقتصادات الإنتاجية للبلدان الإفريقية في مجال جديد كليًا. كما يمكن للتنويع الاقتصادي والتنمية في القارة أن يستفيد بشكل كبير من الفرص الناشئة في التكنولوجيا الخضراء والفضاءات الصناعية الرابعة؛ وهو ما يحولها إلى نمو اقتصادي ومسار تنموي جديد. ومن شأن ذلك أن يقطع شوطًا طويلاً نحو ضمان أنه مع تطور الاقتصادات الناشئة، فإنها ستفعل ذلك بطريقة لا تؤدي إلى تفاقم تغير المناخ وتدهور البيئة.
إن عددًا من البلدان الإفريقية تضع لنفسها إمكانية بالغة بالفعل لاستغلال هذه الفرصة. فعلى سبيل المثال: وضعت رواندا وإثيوبيا، على حدٍّ سواء، التنمية الاقتصادية الخضراء والاستدامة في صميم استراتيجياتهما وخططهما الإنمائية الاقتصادية الوطنية. وفي الآونة الأخيرة ، تعهدت كينيا بتحقيق انتقال بنسبة 100٪ إلى الطاقة الخضراء بحلول عام 2020.
وأخيرًا، من المفيد للبلدان الإفريقية الأخرى أن تتبع أمثلة هذه الدول. فالثورة الصناعية الرابعة هنا. وإن الجمع بينها وبين التكنولوجيا الخضراء، هو وسيلة تستفيد منها القارة على جميع المستويات.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: ذي كونفرزيشن
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر