سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سيوبهان أوجرادي
عانت فنزويلا سنوات من الفوضى السياسية، لكن يبدو أن عام 2019 سيشهد المزيد من الاضطرابات؛ فقد أعلن الأربعاء الماضي، البرلماني المعارض “خوان جوايدو”، نفسه رئيسًا مؤقتًا للبلاد؛ وهو ما قُوبل باعتراف سريع من عدد من الدول، وكان في مقدمتها كلٌّ من الولايات المتحدة وكندا وعدد من دول أميركا الجنوبية. لكن الرئيس “نيكولاس مادورو” لم يتراجع عن موقفه.
والسؤال هنا: كيف وصلت فنزويلا إلى هذا الحد؟
في مارس عام 2013، تُوفي الزعيم الفنزويلي “هوغو شافيز”، بعد صراع مع مرض السرطان. وقد تولى “مادورو”، السلطة بعد فوز انتخابي محدود في الشهر التالي لوفاة “شافيز”. وقد تبنى “مادورو” خطاب سلفه وتعهد باستكمال مسيرة التحول الاشتراكي بهذا البلد الغني بالنفط، إذ ظل الرجل في خدمة بلاده مدة 20 عامًا، كما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في ذلك الوقت.
رغم ذلك، فشلت سياسات “مادورو”، بل سرعان ما انزلقت البلاد نحو الركود، فقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية، والغذاء والدواء وغيرها من الضروريات، وأصبحت بعيدة عن متناول العديد من المواطنين الفنزويليين. وقد ذكرت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في ذلك الوقت، أن “ما يسمى بـ(الانتخابات) في فنزويلا إنما هي إهانة للديمقراطية”.
ومع تنامي نفوذه، اتجه نحو تعزيز سلطته، والميل إلى مزيد من الاستبداد؛ فعندما سيطرت المعارضة على الجمعية الوطنية في عام 2015، بدأ “مادورو” في محاولات لإبعاد النفوذ عن السلطة التشريعية. وفي مارس 2017، أعلنت المحكمة العليا في البلاد أن لديها الحق في نزع كافة السلطات من الجمعية الوطنية. وقد أدى ذلك، مقترنًا بالإحباط الناتج عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، إلى نزول عشرات الآلاف من الفنزويليين المحتجين إلى الشوارع. وقد استمرت الاحتجاجات الجماهيرية والاشتباكات مع الشرطة عدة أسابيع ، إلى أن بدا حكم “مادورو” مهتزًا.
وفي نهاية المطاف، تراجعت المحكمة العليا عن جهودها الرامية إلى تحييد دور الجمعية الوطنية، لكن “مادورو” أعلن فيما بعد عن توجهه لإعادة كتابة دستور فنزويلا.
وفي مايو 2017، وعلى الرغم من الإدانة الواسعة من العديد من الجهات الداخلية والخارجية، أعلن “مادورو” أنه بصدد إيجاد “جمعية تأسيسية” جديدة لإعادة صياغة دستور البلاد. وكما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في ذلك الوقت، فقد حذَّر العديد من المراقبين من أن يؤدي ذلك إلى سيطرة المعارضة على الجمعية الوطنية أثناء عملية كتابة الدستور في ظل سيطرة المعارضة، وتُترك الحكومة تحت سيطرة القوى الاشتراكية.
وقبل التصويت الذي أجري في شهر يوليو من العام نفسه، قامت قوى المعارضة بتنظيم استفتاء غير رسمي صوت فيه 98% من سبعة الملايين مواطن الذين شاركوا في التصويت ضد الهيئة التشريعية التي كان “مادورو” بصدد تأسيسها، إلا أن الأخيرة تأسست على أي حال، بل إنها أعلنت نفسها كهيئة تشريعية شرعية، ولا يزال ذلك الأمر حتى الوقت الراهن.
لقد تمَّ انتخاب “مادورو” لفترة ولاية جديدة مدتها ست سنوات في مايو الماضي، وهي الانتخابات التي قاطعتها قوى المعارضة، وقد كانت نسبة المشاركة هي الأقل مقارنة بأي انتخابات رئاسية منذ أربعينيات القرن الماضي، إذ كان يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها “خدعة”.
وأخيرًا، تحولت الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلد إلى كارثة إنسانية، فقد فرَّ ما يقرب من 3 ملايين فنزويلي من البلاد، وهو ما أسفر عن خلق أزمات للاجئين في العديد من البلدان المجاورة، وانهارت الخدمات الطبية في معظم أنحاء البلاد. بجانب ذلك، فقد بدا نقص الغذاء في البلاد جليًا؛ ففي تقرير أخير في شهر مايو، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “معظم الفنزويليين يذهبون إلى فراشهم جائعين”. وفي عام 2017، أفاد التقرير بأن وزير الصحة الفنزويلي أصدر بيانات توضح أن “وفيات الأمهات ارتفعت بنسبة 65%، ووصلت وفيات الأطفال إلى30%، أمَّا حالات الملاريا فقد وصلت إلى 76%”.
ولا يزال ما سيحدث بعدُ مبهمًا، فقد قاوم “مادورو” المعارضة السياسية والاحتجاجات والتردي الاجتماعي على مدار السنوات الأخيرة. ومن ثَمَّ، فإن إعلان “جوايدو” الأخير، ربَّما يكون مجرد أزمة قد يتمكن من الصمود أمامها. أمَّا إذا لم يتمكن من ذلك، فإنه يضع – بالفعل – خريطة طريق لفنزويلا، ذلك أنه في تعليق له بصحيفة “ذا بوست”، قال إن واجباته كرئيس مؤقت ستكون واضحة؛ فبعد تشكيل حكومة انتقالية، فإن الخطوة التالية تتمثل في إعادة سيادة القانون، ثم الدعوة لإجراء انتخابات حرة من شأنها أن يتمكن جميع الفنزويليين من تقرير مصيرهم.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: واشنطن بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر