سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أمجد المنيف
هناك شبه إجماع -محليًا وعالميًا- على أن لقاءات الأمير محمد بن سلمان مختلفة عن السائد، ويمكن ملاحظة هذا التميز منذ أول لقاء، إلا أن المقابلة الأخيرة – بمناسبة مرور 5 سنوات على إطلاق “رؤية المملكة 2030” – جاءت لتعيد تعريف اللقاءات الرسمية للزعماء والمسؤولين.
أعظم ما قد يواجه أي محاور هو أن يكون الضيف أعلى سقفًا من المستضيف. وعلى الرغم من أن الزميل عبدالله المديفر كان بمستوى الحدث؛ فإن كلام الأمير أبعد مما طمع المديفر بالحصول عليه، بل تجاوز أسقف توقعات المتابعين، ليصل للسماء.. حد طموح الأمير، ورؤيته، ووطنه.
تستطيع قياس تأثير كلام محمد بن سلمان من خلال تعليقات بعض زعماء الدول، ووزارات الخارجية، والمسؤولين – من الدرجة الأولى – في العديد من البلدان، وهذا يدل على: أهمية المتحدث، ووضوح المواقف في العديد من الملفات، والقيادة والريادة للسعودية إقليميًا وعالميًا.
عندما يتحدث الأمير، بكل ما يحضر من كاريزما ودقة تفاصيل وذهن حاضر؛ فإنه يعبر بالضرورة عن المرحلة الحالية لطريقة إدارة الحكومة الحديثة، والمتمثلة بالشفافية الكبيرة مع الإعلام والشعب، والعمل على التقويم المستمر، والاعتراف بمكامن الخلل وتطويرها، بالإضافة إلى استغلال جميع أنواع الفرص بما ينعكس إيجابًا على المملكة، وتحقيق مصالح السعودية أولاً.. ودائمًا.
يظهر الزعماء والمسؤولون بشكل يومي تقريبًا، إلا أن تصريحاتهم وتعليقاتهم تمر بهدوء، وأحيانًا لا أحد يعلم عنها، والسبب يعود – كما أعتقد – لأحد أمرين: إمَّا لكونها مغرقة بالدبلوماسية ومغلفة بالجمل الفضفاضة والتقليدية، أو لأنها متخمة بالاستعراض والوعود والكذب. لذلك، لا أحد يهتم أو يتابع. سمو ولي العهد تحدث للمشاهدين بشفافية وصراحة استثنائية، مدعمة بالأرقام والحقائق، وانعكس هذا بوضوح من خلال الأرقام المليونية للمتابعات المتلفزة، واستمرت لتتصدر وسوم تويتر عالميًا، وبقيت أحاديث للإعلام والمعلقين.
الميزة الأهم لحضور الأمير محمد، في كل مرة، هو أنه يقوم بتشريح القضايا الجدلية، ويمنحها تعريفات من وجهة النظر الرسمية، ويؤطر آلية التعامل مع كل قضية، بعيدًا عن الاجتهادات والانفلات الرغبوي، مع ملاحظات تطور التعامل مع كل ملف وفقًا لسياقاته الآنية، وهذا ما يبرر إعادة النظر في العديد من الملفات، ومراجعة المواقف، محليًا ودوليًا.
أي حديث لمحمد بن سلمان في أي موضوع، اللقاءات وغيرها، يرتكز على ثلاثة عناصر: مراجعة وتحليل الماضي، تشخيص الواقع وتحدياته، تخطيط المستقبل ومستهدفاته. وهذا ما كان واضحًا في الحديث عن الملف الأهم باللقاء، “رؤية السعودية 2030” بعد 5 سنوات من إطلاقها، وشرح تحديات المشروع الضخم الجديد، بكل ما واجه من معوقات، أبرزها “كورونا”، وكيفية التكيف مع المتغيرات برشاقة واضحة.
السمة الأبرز التي تلفت انتباهي في حديث الأمير كل مرة، هي أنسنة معظم الأشياء، وهذا يدل – في نظري – على قدرته على الرؤية من مناطق غير الزوايا الرسمية، المتصلبة والجامدة. بالإضافة إلى اهتمامه بالإنسان، وتحديدًا المواطن السعودي، والتأكيد على أنه الشريك الحقيقي لإنجاح مشروع الوطن، والقادر على النهوض به، متطرقًا لأهم مواصفاته.. لا يخاف، ولديه همة عالية، وأنه أعظم ما تملكه المملكة.
وأخيرًا.. الحديث عن كيفية اختيار المسؤولين، والمواصفات الواجب توفرها بالتنفيذيين، وكذلك الاهتمام بإنشاء المراكز التي تنظم السياسات وتدعم القرارات، بالإضافة إلى وجود خط زمني محدد، بأزمنته ومستهدفاته؛ يدل على الرغبة الجادة بالإنجاز، والمرجع الواضح لفهم آلية العمل، والأرشيف الدائم لكل من يبحث عن إجابة للسؤال المهم: كيف تجددت السعودية؟! والسلام..
مدير عام مركز سمت للدراسات، وكاتب سعودي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر