سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بنجامين باركين
علمت شومبا كارماكار عن التمويل الصغير من أحد الجيران منذ عقد مضى. انضمت إلى مجموعة من النساء المحليات للحصول على قروض صغيرة – تبلغ بضع آلاف من الروبيات في كل مرة – وبنت مشروعها في الطهي.
كارماكار، البالغة من العمر 34 عاما، فتحت في النهاية مطعما صغيرا للوجبات السريعة في إحدى ضواحي كولكاتا المزدحمة حيث تقدم أطباقا مثل دوساس، والبرياني، وتشاو مين، بصحبة زوجها أميت وسبعة موظفين. حصلت على قرضها الأكبر، بقيمة 200 ألف روبية (2،720 دولارا)، من أكبر بنك للقروض الصغيرة باندهان في آذار (مارس) 2020.
جرت الأمور على نحو خاطئ بصورة كارثية من هذه النقطة. أغلق مطعمها عندما دخلت البلاد في حالة إغلاق وطني بعد أسابيع، وأصيب زوجها البالغ من العمر 40 عاما بنوبة قلبية – تقول إن السبب هو التوتر. تم إيقاف محاولة إعادة إحياء العمل سريعا عندما تعرضت الهند لموجة ثانية مدمرة من فيروس كوفيد في وقت سابق من هذا العام. أصيب أميت، الذي تعافى من وضعه الصحي السابق، والمتبقين من طاقم العمل بفيروس كورونا.
المطعم مغلق الآن، ولافتته الملونة أصبحت مغبرة ومخدشة، ولم تعد كارماكار قادرة على سداد قرضها. “إن الأمر ليس بيدي، علاوة على كل شيء، تعرض زوجي لنوبة قلبية. كيف يمكن للأمور أن تصبح أسوأ من هذا؟” تقول، وهي تتحدث خارج منزلها في زقاق خلف المطعم.
تعد كارماكار واحدة من ملايين المقترضين من التمويل الصغير وأصحاب الأعمال الصغيرة في الهند الذين يعانون لسداد ديونهم، الأمر الذي يهدد ما كان واحدة من أكبر قصص النجاح الاقتصادي في البلد وإحدى ركائز نظامها المالي.
سمح التوسع في الائتمان في العقود الأخيرة للهنود ذوي الدخل المنخفض بالحصول على قروض للدفع لكل شيء من الأبقار الحلوب إلى المنازل الجديدة إلى الشركات الصغيرة التي توجد فرص عمل. تم مدح نموذج التمويل الصغير هذا، الذي تم استخدامه عبر العالم النامي، للمساعدة على توفير الأمن المالي والشمول الذي ساعد على نهوض الملايين من خط الفقر.
عملت معدلات السداد المرتفعة على مكافأة المقرضين الهنود الذين قدموا القروض لهم، ما جعلها من بين المحافظ الأكثر صحة في القطاع المالي الذي كان يعاني أعلى معدلات القروض المتعثرة في العالم. لقد تناقض ذلك بشكل فعلي مع إقراض الشركات على نطاق واسع “للمليارديرات” الأباطرة، الذين قام بعضهم برهانات فاشلة على قطاعات مثل الطاقة أو شركات الطيران أو اتهموا بسرقة الأموال.
لقد عكست الجائحة هذا النمط. كانت الشركات الكبرى في وضع أفضل لتحمل الصدمات الاقتصادية، والاستفادة من السيولة السهلة، واكتساب حصة في السوق وخفض التكاليف، بما في ذلك خلال فترة تسريح العمال.
وفي الوقت ذاته، كان عدم وجود شبكة أمان للهنود ذوي الدخل المنخفض والشركات الصغيرة أمر قد تكشف بطريقة فظيعة، حيث عانوا للعمل على الإنترنت، ودفعت حالات الطوارئ الصحية الناجمة عن فيروس كوفيد كثيرين إلى الديون وخفضت البنوك الإقراض غير المضمون وعالي المخاطر.
وحذر بنك الاحتياطي الهندي في تقريره حول الاستقرار المالي لشهر تموز (يوليو) الماضي من علامات التوتر بين الشركات الصغيرة وبائعي التجزئة المقترضين. ويخشى المحللون من أن هذا قد يترك ندوبا على الاقتصاد والنظام المالي في الهند، ما قد يؤثر في النمو ويؤدي إلى تفاقم عدم المساواة لأعوام مقبلة.
يقول سيدهارث جويل، وهو محلل في وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، “بالنسبة إلى اللاعبين الأكبر، فهم يستطيعون الانتعاش بسرعة أكبر… لكن المقرضين الإقليميين الصغير واللاعبين في مجال التمويل الصغير الذين يتم إضعاف حصتها، قد يعني هذا المتاعب. قد يكون هناك تغير في الحصة السوقية – يصبح القوي أقوى، والضعيف أضعف”.
وقد شهد بنك باندهان ارتفاع حصته من القروض غير الفاعلة – التي تأخر سدادها أكثر من 90 يوما – إلى نسبة 8.2 في المائة في الربع المنتهي في 30 من حزيران (يونيو) الماضي من نسبة أقل من 2 في المائة قبل فيروس كوفيد. ووفقا للوسيط موتيلال أوسوال، فإن خمسا آخر من قروض البنك متأخرة في السداد بأقل من 90 يوما.
وشهد مقرضو التمويل الصغير والشركات الصغيرة الآخرون انخفاضات مماثلة في عمليات التحصيل.
يعتقد شاندرا شيخار غوش، وهو مؤسس بنك باندهان، أن العملاء مثل كارماكار سيبدأون بالسداد مرة أخرى
– لكنهم بحاجة لوقت للتعافي. ويقول إن البنك عادة ما يشطب أقل من 1 في المائة من حساباته، لكنه يقر بأن هذه النسبة يمكن أن ترتفع إلى 5 في المائة في حالة “متطرفة”.
ويقول غوش، “سيعود أولئك الأشخاص، إنهم فقط يطلبون بعضا من الوقت. إنهم يعملون. لن يتمكنوا من البقاء دون أعمالهم”.
ويضيف، “هذا النوع من العملاء لا يدركون تأثير 90 يوما. يقولون فقط، أعطني بعض الوقت، سيدي. وسأعود”.
استثمارات تغير الحياة
كانت موسومي كارماكار، ولا تربطها أي صلة بشومبا، إحدى العملاء النموذجيين للتمويل الصغير، صاعدة من شخص لم يملك أي قرض أو حتى حساب بنك صاحبة عمل. من قرض أصلي بقيمة عشرة آلاف روبية أخذته من فرع بنك باندهان المحلي قبل عشرة أعوام، كان آخر قرض لها بقيمة 270 ألف روبية.
معا برفقة زوجها أروب، بطل الريشة الطائرة في المدرسة عريض المنكبين، تدير موسومي البالغة من العمر 29 عاما متجرا صغيرا للبضائع الرياضية وتصليحها في زقاق، حيث تبيع مضارب الكريكيت أو تصلح الأحذية الرياضية الممزقة. وإذا تمكنت من سداد قرضها الحالي والحصول على واحد جديد، تريد أن توظف شخصا ليدير متجرا ثانيا. وتقول، “إذا حصلت على الدعم المالي، سأستمر بالتقدم”.
أصبح الارتفاع في أعداد المقرضين مثل بنك باندهان قصة نجاح التمويل الهندي. درس غوش، وهو ابن صاحب محل حلويات، في بنغلادش حيث رأى نموذج التمويل الصغير الذي ابتكره محمد يونس، وهو مؤسس بنك جرامين الحائز جائزة نوبل.
عادة ما يقدم المقرضون قروضا غير مضمونة منخفضة تصل لبعض الدولارات للمقترضين الفقراء، أغلبيتهم من النساء، الذين اعتمدوا بخلاف ذلك على مقرضي المال غير الرسميين بمعدلات فوائد من ثلاثة أرقام توقعهم في دورات الديون.
يمكن استخدام هذه الأموال في استثمارات قد تغير الحياة في شيء بسيط مثل ماكينة الخياطة لبدء تجارة ملابس متواضعة. في الأغلب ما يتم منح المقترضين قروضا في مجموعات تلتقي بانتظام، وأحيانا يكونون مسؤولين بشكل مشترك عن ديون بعضهم بعضا، ما يوجد مستوى من حس المسؤولية تجاه بعضهم بعضا ويساعد ذلك على إبقاء معدلات السداد مرتفعة.
يعد بنك باندهان، الذي تم إنشاؤه في كولكاتا في عام 2001 ولديه 12 مليون عميل، واحدا من قلة من المقرضين منذ عام 2014 ليحصل على ترخيص من بنك الاحتياطي الهندي للتحول إلى بنك كامل الأهلية.
خلافا لعديد من مقرضي التمويل الصغير أو الشركات المالية غير المصرفية، الذين عادة ما يعانون للحصول على التمويل، يمكنه الوصول إلى أموال رخيصة من خلال المودعين وتفرعت أنشطته إلى قطاعات مثل الرهون العقارية. نما دفتر قروضه إلى أكثر من 800 مليار روبية، على الرغم من أن نحو ثلثي أعماله لا تزال في التمويل الصغير.
ومع ذلك، فقد تعرض التمويل الصغير لعديد من الفضائح عقب استخدام المقرضين عديمي الضمير للمضايقات والعنف أحيانا لفرض السداد. وأوقفت ولاية أندرا براديش في عام 2010 جميع عمليات التحصيل على القروض الصغيرة بعد أن تم إلقاء اللوم على 30 حالة انتحار في الولاية على ضغوط السداد، الأمر الذي أثار أزمة في هذه الصناعة لأعوام عديدة.
زاد الضغط على القطاع قبل جائحة كوفيد. حيث أدى التباطؤ الاقتصادي الذي بدأ في عام 2018 إلى زيادة الضغط على المقترضين. وأدت الإخفاقات البارزة لشركات مالية غير مصرفية معروفة متهمة بارتكاب مخالفات إلى حدوث أزمة ائتمانية، حيث أصبحت البنوك التي كانت تقدم التمويل الصغير أو مقرضي الشركات الصغيرة حذرة من هذا القطاع.
أثبت فيروس كوفيد أنه صدمة أعمق بكثير، حيث دفع الهند إلى انكماش تاريخي.
عقب دخول البلاد في عمليات الإغلاق في آذار (مارس) 2020، كشف بنك الاحتياطي الهندي عن تأجيل لمدة ستة أشهر لسداد القروض وبرنامج إعادة الهيكلة المصمم لمنع موجة فورية من التخلف عن السداد.
وجدت دراسة أجرتها جمعية سا-دهان الصناعية أن نحو 90 في المائة من مقرضي التمويل الصغير مددوا مهلة السداد للعملاء.
ساعد هذا القطاع المصرفي على تجنب أسوأ ما قد يحصل في الارتفاع المتوقع في القروض المتعثرة، لكن إجراءات الإغاثة هذه كانت في الغالب قد استكملت مسارها بحلول الوقت الذي اندلعت فيه موجة كوفيد الثانية في الهند في آذار (مارس) الماضي. في ذروتها، كانت الهند تسجل أكثر من 400 ألف إصابة وأربعة آلاف حالة وفاة يوميا، كانت المستشفيات مكتظة وأعادت السلطات المحلية فرض قيود الإغلاق.
المقترضون الصغار، الذين كانوا ضعفاء من الموجة الأولى، لم يكونوا على استعداد.
تقول هارديكا شاه، وهي مؤسسة شركة كينارا كابيتال ومقرها بنغالور، وهي شركة إقراض تقدم قروضا للشركات الصغيرة، “لقد شهدت أعمالنا الصغيرة بالفعل تقلص تدفقات إيراداتها مرة أخرى، وبشكل ملحوظ. لا يريد العملاء التخلف عن السداد حقا. كانوا في وضع سيئ فقط. وتفاقم الوضع السيئ بسبب المرض ومستوى الألم”.
وأضافت، “قد تملك بعض الاحتياطيات وبعض الرصاص في الغرفة، لكنك نوعا ما استخدمتها جميعها للبقاء على قيد الحياة. كان التآكل العاطفي ملحوظا وكبيرا، أكثر بكثير مما كان عليه في المرة الأولى”.
ألم طويل
تدير شيخة داس كشكا للشاي مع زوجها ومتجر ملابس صغير، لبيع ملابس الأطفال أو قمصان لبائعي السوق المحليين بالدين.
تم نقل والدها ووالدتها إلى المستشفى بسبب إصابتهما بفيروس كورونا خلال الموجة الثانية لكنهما تعافيا. أجبرت قيود الإغلاق الكشك على العمل لساعات أقل، ما يعني أن الأرباح كانت ما يقارب 25 في المائة فقط من مستويات ما قبل كوفيد.
كان زبائن متجر الملابس الخاص بها أنفسهم غير قادرين على الدفع، ويدينون لها مجتمعين بما يقارب 45 ألف روبية. لكن أرباحها تزداد، على الرغم من ذلك، وهي تحاول العودة للسداد الأسبوعي لقرضها البالغ 150 ألف روبية من بنك باندهان.
تقول، “الأسواق تفتح ببطء. يجب أن أبدأ بالسداد لبنك باندهان حتى أتمكن من الحصول على مزيد من القروض منهم لعملي… سنحقق ذلك بطريقة ما”.
تقترب الهند من موسم الأعياد السنوي، عندما تعزز سلسلة من الاحتفالات الهندوسية مثل ديوالي ودورجا بوجا – ذات الأهمية الخاصة في كولكاتا وشرق الهند – النشاط التجاري وشراء الهدايا. إنه أهم وقت في العام لعديد من الشركات.
ومع ذلك، تخشى داس أن تلغى الاحتفالات بسبب موجة أخرى من فيروس كورونا، التي يحذر بعض خبراء الصحة العامة من إمكانية وصولها في الأشهر المقبلة.
ويأمل غوش، مؤسس شركة بندهان للخدمات المصرفية، في أن يساعد الاستعداد الأفضل وتغطية التطعيم على تجنب التعطيل الذي تسببت به الموجات السابقة. وتلقى أكثر من ثلث سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة جرعة واحدة على الأقل من لقاح كوفيد، بينما تعهدت السلطات المحلية والمستشفيات بتعزيز إنتاج الأكسجين الطبي والبنى التحتية الصحية الأخرى.
ويقول، “كل عام، يشكل طقس بوجا الهندوسي نقطة الانطلاق للأعمال. قبل شهر من بدء العمل. سيعود المشترون “.
لقد انتعش نشاط التصنيع والخدمات بالفعل، وتتوقع وكالة ستاندرد آند بورز أن ينتعش الاقتصاد الهندي 9.5 في المائة في العام المنتهي في آذار (مارس) – وإن كان انطلاقا من قاعدة منخفضة عقب الانكماش في العام الماضي. لكن وكالة التصنيف تتوقع أن يعاني القطاع المالي ألما طويل الأمد، مع بقاء حصة القروض المصرفية الضعيفة مرتفعة إلى 12 في المائة لمدة عام آخر على الأقل.
وأدخلت الحكومة تدابير إغاثة، بما في ذلك برنامج ضمان ائتماني بقيمة 75 مليار روبية لمقترضي التمويل الصغير، على الرغم من أن المحللين يقولون إن البنوك لا تزال مترددة في تمويل سكان المناطق الضعيفة.
يقول رافي فينكاتيسان، الرئيس السابق لبنك بارودا المملوك للدولة الذي يعمل على تعزيز الشركات الصغيرة، “إن شريان الحياة الرئيس للائتمان لهذه الشركات الصغيرة هو الشركات المالية غير المصرفية ومؤسسات التمويل الصغير. وهؤلاء الناس لم يعودوا قادرين على الاقتراض من البنوك لأن تلك البنوك أصبحت عازفة عن المخاطرة، وبالتالي فإن تلك القناة بأكملها جافة للغاية.”
إن أعواما من المكاسب في الإدماج المالي والتخفيف من حدة الفقر معرضة للخطر. فقد وجدت دراسة خلال موجة كوفيد الأولى العام الماضي في ولاية تاميل نادو الجنوبية، أن ثلث الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم مستعدة للعودة إلى مقرضي الأموال غير الرسميين بسبب صعوبة تأمين القروض من المؤسسات الرسمية والحاجة الملحة إلى السيولة.
ووجد مركز بيو للأبحاث أن صفوف فقراء الهند، الذين يعرفون بأنهم من يقل دخلهم عن دولارين في اليوم، قد تضخمت بمقدار 75 مليونا في عام 2020، قبل الموجة قد بدأوا يتمتعون بها. وكان من المتوقع أن يكون استهلاكهم محرك النمو في الهند لأعوام عديدة مقبلة.
ويقول سانجاي شارما، الذي يدير مؤسسة إقراض الشركات الصغيرة آي فاينانس ومقرها دلهي، “لقد كان لها تأثير طويل المدى. فقد انزلق كثير من الناس إلى ما دون خط الفقر”. “لقد فقدوا وظائفهم. هناك ضغط من استنفاد مدخراتهم. وبمجرد حدوث ذلك، تتأثر رفاهيتهم. كان لديهم حالة طبية طارئة واضطروا إلى إنفاق مبالغ كبيرة”.
ويمكن أن يثبط ذلك الآفاق المستقبلية للمقرضين الذين يخدمونهم. إذ خفض المحللون في جفريز تقديرات أرباحهم الصافية لبنك باندهان حتى عام 2024.
ويعتقد غوش أن الأمر سيستغرق حتى عام 2024 على الأقل حتى تعود الشركات إلى مستويات ما قبل كوفيد، لكنه متفائل بشأن خطط بنك باندهان للتنويع وتقديم مجموعة متزايدة من المنتجات المالية لعملائه من الرهون العقارية إلى قروض السيارات.
ويقول إن اجتماعات مجموعات التمويل الصغير، التي استؤنفت أخيرا بعد عدة أشهر، تحقق نتائج إيجابية.
“هناك تحد. ولكن عندما تنعقد اجتماعات المجموعات ويأتي العملاء، يكون الأمر أفضل قليلا أيضا”، كما يقول. “يأتي الطموح إلى مجموعة المقترضين من الآخرين. ويقولون، “كيف ستدفع؟ ماذا تفعل؟ إن عملي يخسر. إنهم يتعلمون من أعضاء المجموعة الآخرين”.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر