ما زال العالم يقاوم انتشار جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، ويعاني من تأثيراتها السلبية العنيفة على الاقتصاد والصحة وعلى مجالات شتي، ربما يصعب التعافي منها سريعًا. وبينما العالم مشغول بمكافحة الوباء، واصل علماء البيئة والمناخ رصد التطورات الحادثة في هذه المجالات، التي كانت أهم مصدر للأخبار الإيجابية في زمن الوباء، بما في ذلك قرب التعافي الكامل لطبقة الأوزون، وتقليل التأثير الضار لهذا الثقب على الأرض. ومع هذا فإنه سيكون خطأ كبيرًا لو أعطينا لكورونا الفضل في أيٍّ من هذا، فتأثيرات الإغلاق المرتبط بالوباء على البيئة هي في أفضل الأحوال ثانوية، وقصيرة الأمد، ولا تعفي الحكومات والشعوب من العمل بجدٍّ من أجل إنقاذ الكوكب.
تأثير (كوفيد-19) على بعض الظواهر البيئية
على الرغم من التأثيرات العنيفة لانتشار الوباء في كل دول العالم تقريبًا، وزيادة عدد الضحايا والوفيات جراء الإصابة بالفيروس؛ إلا أن الاستجابة للوباء أنتجت عن غير قصد بعض الآثار الأخرى واسعة النطاق، وإن كان أثرها على البيئة أقل وضوحًا.
1- باطن الأرض أكثر هدوءًا
في البداية، لاحظت عالمة الزلازل البريطانية Paula Koelemeijer أن تقليل الأنشطة البشرية وحركة القطارات والضوضاء قد أثرت على حركة باطن الأرض في لندن، فأصبح عدد الحركات المسببة للضوضاء الزلزالية أقل، كما انخفضت شدتها. ولاحظ علماء الزلازل في جميع أنحاء العالم نفس التأثير الذي اكتشفته Koelemeijer في لندن، ففي المرصد الملكي في بلجيكا، قام العالم Thomas Lecocq بمقارنة البيانات الزلزالية في مدينة بروكسل قبل يوم واحد من بدء عملية إغلاق البلاد، ببيانات اليوم التالي، فوجد انخفاضًا يتراوح بين 30-50% في كمية الضوضاء الزلزالية الحادثة حول الأرض، وهو ما توافق تمامًا مع الملاحظات التي رصدها علماء الزلازل في الولايات المتحدة وفرنسا ونيوزيلندا وأماكن أخرى.
هذه البيانات لا تعني أن عدد الزلازل الحادثة في باطن الأرض وشدتها سوف تتأثر بالإغلاق، ولكنها تعني أنه أصبح بإمكان العلماء دراسة ما يجري في باطن الأرض بوضوح ودقة أكبر. على سبيل المثال، أصبح بإمكان العلماء رصد زلزال بقوة 5.5 ريختر وقع في الجانب الآخر من العالم، الأمر الذي كان يُعد بالغ الصعوبة بدون إغلاق كورونا.