سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
معتصم الجهني
بعد دخولنا للسنة الثالثة منذ ظهور فيروس كورونا لأول مرة في ديسمبر عام 2019 “كما يُقال على الأقل”، ما زلنا نسمع ما يدور عمَّا إذا كان فيروس كورونا فيروسًا مطورًا مخبريا فعلاً من أي جهة كانت لأي سبب كان، أم أن ظهوره وانتشاره كان بفعل عوامل طبيعية بحتة لا دخل للإنسان فيها؟ لا أعتقد أن السؤال المهم هنا هل فيروس كورونا مطور مخبريًا وتم نشره عن قصد فعلاً أم لا، فإذا كان فعلاً هو كما يقال بأنه تم تطويره في مختبر، فهذا يعني أن غاية نشره تختبئ خلف تحقيق أهداف بطبيعة الحال، فلا يوجد فعل بلا هدف! إذًا نحن بصدد سؤال أهم مما إذا كان مطورًا مختبريًا أم لا.. هل سُيِّس فيروس كورونا وتم استخدامه كذريعة لتحقيق مكاسب ما بعد انتشاره؟
كونه جائحة عالمية فبالتأكيد أن الدول لن تتغاضى عنه وستستخدمه كرداء لتحقيق مصالح لها، فما الدول إلا هي كيانات تسعى لتحقيق مصالحها بطبيعة الحال، قال “وينستن تشيرتشل”، رئيس الوزراء الأسبق لمملكة بريطانيا في منتصف الأربعينيات: “Never let a good crisis go to waste..” “الأزمات الجيدة لا يجب أن تذهب هباء منثورًا أبدًا”، كما أن هناك مقولة شهيرة شبيهة لما قاله “تشيرتشل” تقول:
“any crisis should not go to waste, always politicize crises to gain benefits” “أي أزمة يجب ألا تذهب هباء منثورًا، يجب تسييس الأزمات دائمًا لتحقيق المكاسب”. وهذا ما رأيناه فعلاً في خضم الجائحة من تصرفات وأفعال من دول، جماعات أو حتى أفرادًا، سيَّسوا الجائحة العالمية لتحقيق أهداف ومصالح شخصية ووطنية لهم! الفيروس انتشر وحصل، هذا ما يهم. والأهم الآن كيف تعامل الأفراد والجماعات والدول مع ما حصل وكيف سعوا لتحقيق مصالحهم؟
لا يخفى على كل شخص مهتم بالأحداث العالمية ما حصل في فترة رئاسة “دونالد ترمب”، عندما أعلن أنه سيكرس جهود إدارته لاستخراج لقاح بأسرع وقت ممكن، مما قُوبل بالرفض من عدة شخصيات من ضمنهم النائبة “إلهان عمر” التي عارضت فكرة اللقاحات، لأنها ترفض فكرة إنتاج وإعطاء لقاح بهذه السرعة بدون دراسات كافية. ولكن عندما تغير الرئيس وأصبح “بايدن” في سدة الرئاسة تغيرت مواقفها بقدرة قادر وأصبحت تنادي الجميع بضرورة أخذ اللقاح. إضافة إلى مواقف “أنثوني فاوتشي” المتناقضة العديدة والعديدة جدًا أبرزها عندما صرح بأنه لا مانع من عدم لبس الكمامة، وأن الموضوع كما وصفه “not a problem” “ليس بالمشكلة”، مثله مثل سالفة الذكر إلهان عمر، لاحظنا تغيرًا في تصاريح “فاوتشي” الذي أصبح يوصي بلبس كمامتين بدل الواحدة! هنا نطرح تساؤلاً: هل نفسر تغير آراء “فاوتشي” بعد ظهور دراسات جديدة، أم أن آراءه تغيرت بسبب تغير من تولى الإدارة في الولايات المتحدة؟ نفس الشيء ينطبق على إلهان عمر وعدد من أعضاء مجلس النواب الذين سيَّسوا الجائحة لتحقيق مصالح شخصية أو حتى مصالح للحزب الذي ينتمون إليه.
ولا ننسى أيضًا مبادرات الصين في إعطاء الدول الإفريقية لقاحات “سينوفارم” صيني الصنع على شكل مساعدات لتقاوم تلك الدول هذه الجائحة. هل فعلاً هذه المبادرة نابعة من حسن نية، أم أنها وسيلة من الوسائل الناعمة لكسب أكبر عدد من الدول لتنضم إلى جانب التنين الصيني واستمالة الدول لكفتها في عدد من القضايا والمجالات؟ كما حصل سابقًا مع مصر إبان فترة جمال عبدالناصر الذي كان متحيزًا لا يميل للمعسكر الغربي ولا الشرقي، ولكن بعدما دعمه الاتحاد السوفييتي أصبح يميل للكفة الحمراء وبشكل واضح وصريح؛ لدرجة أنه قام وزار الاتحاد السوفييتي بنفسه كتأكيد على استمالته للطرف السوفييتي. جدير بالذكر أيضًا موقف وتصريح الرئيس الصربي “ألكسندر فوتشيتش” الذي انتقد “التضامن الأوروبي” ووصفه بالغير الموجود وأنه مجرد “قصة خيالية على الورق” على حد قوله. كما عبر عن امتنانه للدولة الوحيدة التي مدت يد العون لصربيا، وهي الصين وفق تصريحه. يأتي بعد هذا التصريح موقف مبادر آخر للصين على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الذي أكد استعداد دولته لتقديم المزيد من المساعدات الطبية اللازمة وإرسال خبراء طبيين لصربيا لمساعدتها في مكافحة تلك الأزمة.
إذًا بالفعل نرى من كل تلك المواقف أن الأزمات فرص ذهبية لتحقيق واكتساب أكبر قدر من المصالح للدول والجماعات والأفراد، بعيدًا عن نظريات المؤامرة والأقاويل التي لا تستند على دلائل علمية أو حتى منطق مقبول على أقل تقدير! ولا يهم ما إذا كان هذا الفيروس مطورًا مخبريًا، أم لا.. الأهم أن بعضًا من الدول الكبرى والأفراد والجماعات حصلت على جزء من الكعكة وحققت ما تريد وما ترمي إليه في الأخير.
مهتم ومختص بالشأن السياسي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر