سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Bill Gates
عندما يسألني الناس عن الذكاء الاصطناعي، غالبًا ما تؤول أسئلتهم إلى هذا: ما الذي يجب أن أقلق بشأنه، وإلى أي مدى يجب أن يكون قلقي؟ على مدار العام الماضي، كنت أجيب عليهم بأن أطلب منهم قراءة كتاب “الموجة القادمة” لمصطفى سليمان. إنه الكتاب الذي أوصي به أكثر من أي كتاب آخر عن الذكاء الاصطناعي، لرؤساء الدول، وقادة الأعمال، وأي شخص آخر يسأل، لأنه يقدم شيئًا نادرًا.. نظرة واضحة لكل من الفرص الهائلة والمخاطر الحقيقية التي تنتظرنا.
يأتي المؤلف، مصطفى سليمان، بمنظور فريد لهذا الموضوع. فبعد أن ساعد في بناء DeepMind من شركة ناشئة صغيرة إلى واحدة من أهم شركات الذكاء الاصطناعي في العقد الماضي، أسس بعد ذلك شركةInflection AI ويقود الآن قسم الذكاء الاصطناعي في Microsoft. لكن ما يجعل هذا الكتاب مميزًا ليس فقط تجربة مصطفى المباشرة، بل فهمه العميق للتاريخ العلمي وكيف تتكشف الثورات التكنولوجية. إنه مفكر جاد يمكنه رسم أوجه تشابه ذات مغزى عبر قرون من التقدم العلمي.
ركزت معظم التغطية لكتاب “الموجة القادمة” على ما يقوله عن الذكاء الاصطناعي، وهو أمر منطقي، بالنظر إلى أنه أحد أهم الكتب التي كتبت على الإطلاق عن الذكاء الاصطناعي. وربما لا يوجد أحد مؤهل مثل مصطفى لكتابته. لقد كان هناك في عام 2016 عندما فاز برنامج “AlphaGo” التابع لشركة DeepMind على أفضل لاعبي لعبة “جو” في العالم، وهي لعبة أكثر تعقيدًا بكثير من الشطرنج ولها 2500 عام من التفكير الاستراتيجي خلفها، وذلك من خلال القيام بتحركات لم يفكر فيها أحد من قبل. وبذلك، أظهر برنامج الكمبيوتر القائم على الذكاء الاصطناعي أن الآلات يمكن أن تهزم البشر في لعبتنا الخاصة، حرفيًا، وأعطى مصطفى لمحة مبكرة عما هو قادم.
لكن ما يميز كتابه عن غيره هو رؤية مصطفى بأن الذكاء الاصطناعي ليس سوى جزء واحد من تقارب غير مسبوق للاختراقات العلمية. فتقنية تعديل الجينات، وتخليق الحمض النووي “DNA”، وغيرها من التطورات في التكنولوجيا الحيوية تتقدم بسرعة بالتوازي. وكما يوحي العنوان، فإن هذه التغييرات تتراكم مثل موجة بعيدة في عرض البحر، غير مرئية للكثيرين ولكنها تجمع القوة. كل واحدة من هذه التغييرات ستكون كفيلة بتغيير قواعد اللعبة بمفردها؛ ولكن معًا، هي على وشك إعادة تشكيل كل جانب من جوانب المجتمع.
لقد جادل المؤرخ يوفال نوح هراري بأن البشر يجب أن يكتشفوا كيفية العمل معًا وتأسيس الثقة قبل تطوير ذكاء اصطناعي متقدم. نظريًا، أنا أتفق مع هذا. لو كان لدي زر سحري يمكنه إبطاء هذا الأمر برمته لمدة 30 أو 40 عامًا بينما تكتشف البشرية الثقة والأهداف المشتركة، فقد أضغط عليه. لكن هذا الزر غير موجود. سيتم إنشاء هذه التقنيات بغض النظر عما يفعله أي فرد أو شركة.
كما هو الحال، يتسارع التقدم بالفعل مع انخفاض التكاليف وتزايد القوة الحاسوبية. ثم هناك حوافز الربح والقوة التي تدفع التنمية. تتنافس الدول مع الدول، وتتنافس الشركات مع الشركات، ويتنافس الأفراد على المجد والقيادة. هذه القوى تجعل التقدم التكنولوجي لا يمكن وقفه بشكل أساسي، وتجعل التحكم فيه أصعب أيضًا.
في محادثاتي حول الذكاء الاصطناعي، غالبًا ما أسلط الضوء على ثلاثة مخاطر رئيسية نحتاج إلى أخذها في الاعتبار. أولاً، الوتيرة السريعة للاضطراب الاقتصادي. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغير بشكل أساسي طبيعة العمل نفسها ويؤثر على الوظائف في معظم الصناعات، بما في ذلك الأدوار المكتبية التي كانت تقليديًا في مأمن من الأتمتة. ثانيًا، مشكلة التحكم، أو صعوبة ضمان بقاء أنظمة الذكاء الاصطناعي متوافقة مع القيم والمصالح البشرية مع تطورها. الخطر الثالث هو أنه عندما يتمكن فاعل سيئ من الوصول إلى الذكاء الاصطناعي، فإنه يصبح أكثر قوة، وأكثر قدرة على شن الهجمات السيبرانية، وإنشاء أسلحة بيولوجية، وحتى تهديد الأمن القومي.
هذا الخطر الأخير، المتمثل في تمكين الفاعلين السيئين، هو ما يقود إلى أكبر تحدٍ في عصرنا.. الاحتواء. كيف نحد من مخاطر هذه التقنيات مع تسخير فوائدها؟ هذا هو السؤال الذي يقع في صميم كتاب “الموجة القادمة”، لأن الاحتواء أساسي لكل شيء آخر. فبدونه، تصبح مخاطر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية أكثر حدة. من خلال حل هذه المشكلة أولاً، نخلق الاستقرار والثقة اللازمين لمعالجة كل شيء آخر.
بالطبع، هذا القول أسهل من الفعل.
في حين أن التقنيات التحويلية السابقة مثل الأسلحة النووية كان يمكن احتواؤها من خلال الأمن المادي وضوابط الوصول الصارمة، فإن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يمثلان تحديًا مختلفًا جوهريًا. إنهما متاحان وبأسعار معقولة بشكل متزايد، وتطويرهما يكاد يكون من المستحيل اكتشافه أو مراقبته، ويمكن استخدامهما خلف الأبواب المغلقة بحد أدنى من البنية التحتية. إن تجريم استخدامهما سيعني أن الأخيار ينزعون أسلحتهم من جانب واحد بينما يمضي الفاعلون السيئون قدمًا على أي حال. وسيضر ذلك بالجميع لأن هذه التقنيات مزدوجة الاستخدام بطبيعتها. نفس الأدوات التي يمكن استخدامها لإنشاء أسلحة بيولوجية يمكن أن تعالج الأمراض أيضًا؛ ونفس الذكاء الاصطناعي الذي يمكن استخدامه للهجمات السيبرانية يمكنه أيضًا تعزيز الدفاع السيبراني.
إذًا، كيف نحقق الاحتواء في هذا الواقع الجديد؟ ليس من العدل أن نشكو من أن مصطفى لم يقم بحل إحدى أكثر المشكلات تعقيدًا التي واجهتها البشرية بمفرده. ومع ذلك، فإنه يضع أجندة طموحة بشكل مناسب لحجم التحدي، تتراوح بين الحلول التقنية “مثل بناء مفتاح إيقاف طوارئ لأنظمة الذكاء الاصطناعي”، والتغييرات المؤسسية الشاملة، بما في ذلك المعاهدات العالمية الجديدة، والأطر التنظيمية الحديثة، والتعاون التاريخي بين الحكومات والشركات والعلماء. عندما تنتهي من قائمة توصياته، قد تتساءل عما إذا كان بإمكاننا حقًا إنجاز كل هذا في الوقت المناسب. ولكن هذا هو بالضبط سبب أهمية هذا الكتاب.. إنه يساعدنا على فهم الإلحاح بينما لا يزال هناك وقت للعمل.
لطالما كنت متفائلاً، وقراءة كتاب “الموجة القادمة” لم تغير ذلك. أنا أؤمن إيماناً راسخاً بأن التطورات في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يمكن أن تساعد في جعل العلاجات المبتكرة للأمراض الفتاكة، والحلول المبتكرة لتغير المناخ، والتعليم عالي الجودة للجميع حقيقة واقعة. لكن التفاؤل الحقيقي لا يتعلق بالإيمان الأعمى. إنه يتعلق برؤية كل من الجوانب الإيجابية والمخاطر، ثم العمل على تشكيل النتائج نحو الأفضل.
سواء كنت من المتحمسين للتكنولوجيا، أو صانع سياسات، أو شخصًا يحاول ببساطة فهم إلى أين يتجه العالم، يجب عليك قراءة هذا الكتاب. لن يقدم لك إجابات سهلة، ولكنه سيساعدك على طرح الأسئلة الصحيحة، ويجعلك مستعدًا بشكل أفضل لركوب الموجة القادمة، بدلاً من أن تجرفك.

المصدر: Gates Notes
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر