سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
هاني ياسين
تستوقفني كثيراً كلمة قيادي سابق، يصول ويجول بين القنوات والإذاعات وصفحات الجرائد والمجلات، يدلي بدلوه في كل شاردة وواردة، يعتمد على بقايا من معلومات عفى عليها الدهر، يظل يتكسب منها ليل نهار، قليل من صواب يمزجه بكثير من خيال ليخرج لنا صورة باهتة غير مقنعة لعدو او حبيب، اللهم تسويد لصفحات ومليء لخانات وتعبئة لدقائق بث حي أو مسجل.
أنا لا ألوم على من كان في جماعة أو تنظيم أو حركة أن يرجع كما كان عليه أو يتراجع، لا يعنيني أن يبقي في كيانه أو يخرج منه، لا يعنيني أن يذهب أقصي اليمين أو أقصي اليسار فهو مسؤل عن اختياراته ولديه من العقل ما يجعله يتحمل نتيجة قناعاته، لا يعنيني أن يتحدث ليل نهار لا يكل ولا يمل، يملئ الكون بضجيج عباراته ومراسم تتويجه على عرش القادة السابقون.
عذراً سيدي القيادي السابق،، لم أكن أدري أنك اوتيت الحكمة وفصل الخطاب، فور انسلاخك عما كنت عليه، عذراً فلم اكن أدري أن بقاؤك في كيانك هو من كان يحجب عنك أثير العقلانية وفيض التنبؤات المستقبلية و التحليلات الألمعية، عذراً واستمحيك عذراً أن تغفر لي جهلي بقدراتك الفذة التي خفت بريقها بين جدران التنظيمات وأسوار الجماعات.
لك أن تحكي تجربتك، لنتعلم منها ونفهم مواطن الخلل في التنظيمات والجماعات، والبعد عنها ما أمكن لذلك سبيلاً، لك أن تقرر في لحظة من اللحظات أن تتوقف وتعلن أنك نادم على ما صدر منك وما فعلته بنفسك وبلدك جراء كونك عضوا في هذا الكيان أو ذاك، لك أيضا أن تسرد لنا قصة البداية وخاتمة الحكاية دون رتوش ودون مزيج من رأيك: تذكرها مجردة، ما لك فيها وما عليك دون زيادة أو نقصان.
لكن أن تظهر لنا بأنك طالما ناديت وبّح صوتك في إلتماس الطريق الصواب بين قيادات وأفراد كيانك الذي انتميت إليه، وأنك كم دعوتهم ليلاً ونهاراً فلم يستجيبوا لك، وأنك تحملت العداوات في سبيل ما تؤمن به وتسعي إلى تعميمه، وتغيير مفاهيم التنظيم ومحاولة إصلاحه من الداخل، طوال سنوات وجودك كعضو فاعل ومؤثر وقيادي في التنظيم أو حتي فرد عاديًا، لك كل هذا وزيادة عليه، لكن لماذا لا تذكر لنا ولو جزءا يسيراً عن مغانمك من التنظيم؟! ولماذا لا تذكر لنا فرحتك وسعادتك وقت ان كان يشار إليك بالبنان؟ ولماذا لا تذكر لنا لماذا تأخرت وأبطئ بك السير؟!، ثم ها أنتهت تظهر في صورة الواعظ الحكيم.
لا أدعي أن الجميع في مثل هذه الصورة، لكن حديثي موجه إلى من خرجوا فجأة في موجة ظهرت في وقت من الأوقات، أصبح فيها كل من هّب ودّب قيادي سابق، فرأينا وسمعنا بأشخاصٍ لم نسمع لهم صوتاً ولم يظهروا لا قيادة ولا أفراد إذ فجأة أرتدوا ثوب القيادة وتوشحوا نياط الإمارة، وصاروا جهابذة مفكرين عالمين ببواطن الأمور وأسرار الكون، البعض سعى للإنتقام الشخصي فخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، والبعض دفعه البحث عن الشهرة وملاحقة الأضواء له ليظهر، والبعض سعى إلى مكسب و مغنم مادي، فظهر في دور وعباءة المحلل والخبير والباحث والمجدد والمتشرب لكل علم والناقد لكل فكر، دون أن يرد الأمر لأهله او يحاول جاهداً أن يتسلح بأدوات البحث والتحليل حتي لا يخرج رأيه مشوهاً منتناقضاً يفتقر لأبسط قواعد المنطق.
علاج أزمات التيار الإسلامي أو التنظيمات المسلحة بحاجة إلى عقل رشيد يصوب بصلتها ويقومها برؤية وعلم وفقه ودراية ، تحتاج للناصح الأمين المخلص المتجرد لا الذي أتيحت له الفرصة فعاد لينتقم، فمن ثم لن تفلح مواعظه في إرشاد المغيب ولا هداية المضلل.
باحث في ملف الإسلام السياسي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر