سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نهى أبو عمرو
ما إن بدأت ثورات ما يسمى بالربيع العربي، حتى شحذت قطر كل إمكانياتها وسخَّرتها من أجل دعم تلك الثورات وبث السموم والدسائس، وإحداث الفتنة والكراهية عبر قناتها الرسمية “الجزيرة ” بين الشعوب العربية، التي بدلاً من أن تتحد على أعدائها، أصبحت يقتل بعضها بعضًا؛ لتكون من هنا بداية مشاريع قطر المشبوهة التي تدعم الإرهاب، بل وتعمل جاهدة للارتباط وتوفير كل إمكانيات الدعم للتنظيمات المشبوهة. وعلى الرغم من أنها كانت دومًا تحاول أن تنفي تهمة دعم الإرهاب عنها، فإن تصريحات مسؤوليها جاءت لتثبت تورطها في دعم الإرهاب، حيث ظهر أميرها تميم بن حمد في حوار سابق مع قناة الـ( (CNNقال فيها إن بلاده تدعم جماعات في مصر وسوريا وليبيا، وهذا ما عاد وأكد عليه وزير الخارجية القطري السابق خالد العطية، مصرحًا أنهم يتعاملون مع كل التنظيمات السورية المسلحة، ومنها جبهة النصرة.
أما إذا أردنا أن نتحدث في هذا المقام عن علاقة قطر بحزب الله، فهي علاقة أشبه بالعشق الممنوع، تعود إلى بداية الأزمة على الساحة السورية التي يجب أن نسلط الضوء عليها؛ حتى نفهم مدى قوة وترابط العلاقة بينهما، إذ عملت دائمًا على دعم ميليشيات حزب الله ووصفها بأنها حركة مقاومة، وأنه ليس من الحكمة عداء جماعات مرتبطة بإيران، بل عززت الترابط بينهم. ففي إبريل الماضي، دفعت الدوحة ثمن صفقة إطلاق سراح صياديها إلى حزب الله؛ إذ أبرمت صفقة مع حزب الله اللبناني للإفراج عن 26 صيادًا ينتمون للأسرة الحاكمة بقطر، كانوا قد اختطفوا أثناء رحلة صيد على الحدود السورية العراقية في يناير 2016، لتحصل بموجبها ميليشيات حزب الله على فدية تبلغ 2,340 مليار دولار، مقابل إطلاق سراح الصيادين القطريين. وشملت الصفقة، الإفراج عن عناصر تابعة لحزب الله، كانوا محتجزين لدى فصائل مسلحة في سوريا، وإجلاء سكان 4 بلدات شيعية محاصرة في سوريا من قبل فصيل أحرار الشام.
قطر التي سعت دائمًا لإفشال مفاوضات الأستانة بين النظام السوري والفصائل المعارضة بقيادة محمد علوش، الذي التزم الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع النظام برعاية تركية روسية، شهدت اجتماعات جمعت قادة ميليشيات سورية بهيئات دبلوماسية قطرية، طلب خلالها الجانب القطري من الفصائل، وضع عدة أطروحات لابتزاز النظام والحصول على مكاسب، من بينها حصار مناطق سورية، إضافة إلى الإفراج عن صيادين محتجزين من الأسرة الحاكمة.
استمرت المساعي القطرية لزيادة التأزم والتوتر على الساحة السورية، إذ كشفت مصادر عن وجود دعم قطري للمعارك الدائرة بين فيلق الرحمن وميليشيات أخرى، من أجل الاندماج تحت “هيئة تحرير الشام”، وقتال الفصائل التي ارتضت الجلوس إلى مائدة الحوار مع النظام، وهذا يؤكد وجود علاقات وطيدة مع حزب الله وميليشيات إيرانية شيعية، لتأخذ قطر دور الوسيط بين المختلفين عقائديًا والمتنازعين .
وإذا أردنا أن نثبت أكثر، العلاقة بين قطر وحزب الله وإيران، فسنجد أن الدوحة بعد اختطاف أفراد من الأسرة الحاكمة في العراق، فتحت خط اتصالات مباشرًا مع إيران من أجل التفاوض مع طهران للإفراج عنهم، وضعت خلالها الدوحة مكاسب مالية ضخمة استفادت منها ميليشيات حزب الله في العراق، وميليشيات حزب الله اللبناني، الذي دخل على خط التفاوض في الملفات التي تخص معتقليه لدى جبهة النصرة في سوريا.
تدرجت العلاقة بين الدوحة وحزب الله وإيران فيما بعد، وشهدت تعزيزًا للعلاقات جاءت على شكل زيارات ولقاءات مكثفة بين الدوحة وطهران بوجود قيادات بارزة في حزب الله، ناهيك عن برقيات المواساة التي حرصت القيادة القطرية على إرسالها في أثناء الحوادث التي كانت تقع في طهران.
وعلى الرغم من تلك التفاصيل والوقائع والأحداث والمعلومات التي تثبت مدى تورط الدوحة وميليشيا حزب الله اللبناني، والتي عملت قطر جاهدة على نفي الصلة بها، فإن الأزمة القطرية الأخيرة جاءت لتؤكد صحة ذلك بعد أن سمحت الدوحة بدخول لبنانيين إلى أراضيها بدون تأشيرة مسبقة لتسهيل دخول عناصر تنظيم حزب الله اللبناني، المصنف دوليًا كجماعة إرهابية، للأراضي القطرية، لمساعدة قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التركية في حماية أميرها تميم بن حمد، إضافة إلى استعدادهم لنقل أعداد كبيرة من مقاتلي الحزب الشيعي اللبناني، ودمجهم بالجيش القطري بعد منحهم الجنسية القطرية؛ والسبب أن القصر الأميري، لا يثق بالجنود والضباط القطريين الأصليين من أبناء القبائل العربية، ويضع ثقته الكاملة في القوات المجنسة من الإيرانيين واللبنانيين وغيرهم؛ مما شجع عدة شخصيات شيعية بارزة في “حزب الله” للتقدم بطلب تأشيرة دخول قطر وافقت عليها السفارة القطرية في بيروت والسماح لهم بالمرور للأراضي القطرية دون تأشيرة.
ومما لا شك فيه، أن استمرار قطر في عنادها الدبلوماسي في أزمتها، بدلاً من إيجاد الحلول لها، يضعها في مأزق سياسي آخر بعد أن تمادت بخطط وبرامج مدروسة، هدفها زعزعة أمن الدول العربية وضرب استقرارها، إضافة إلى أنها حكمت على القطريين بعزلة سياسية ستلقي بظلالها على كافة مناحي حياة المواطن القطري؛ حيث أدت الأزمة إلى تأثيرات كارثية على حركة الطيران القطرية، وزادت مدة السفر من وإلى قطر، وأُغلق المعبر البري الوحيد مع السعودية الذي تعبر منه 40% من احتياجات قطر الغذائية، إضافة إلى إغلاق الموانئ أمام السفن القطرية، وسحب السفراء والمواطنين، وطرد وترحيل سفراء ومواطني قطر.
أمَّا السؤال الأهم هنا، فهو: هل تمعن قطر في تعميق الخلافات بأفعال تزيد من حدة الأزمة، أم تعود للحضن العربي من جديد؟!
كاتبة وباحثة فلسطينية*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر