سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مرَّ عام على مقاطعة دول الرباعي العربي (مصر – السعودية – البحرين – الإمارات) للدوحة (إمارة الشر) لدعمها للإرهاب وتمويل الإرهابيين بالأموال والسلاح لتهديد أمن الدول العربية وزعزعة استقرارها، ليبرز عزلة “تنظيم الحمدين” عربيًا ودوليًا.
ولا شك أن هذا العام قد ظهرت به نتائج جلية – على جميع الصُعد – بالدوحة بعد قرار المقاطعة، وهو ما ينبئ بصحة اتخاذ دول الرباعي العربي لذلك القرار، وأنه كان لا بدَّ منه في ذلك التوقيت؛ وهو ما اتضح من الرسالة التي وجهتها مندوبة قطر لدى الأمم المتحدة، الشيخة علياء آل ثاني، من داخل مجلس الأمن، إلى دول المقاطعة، مشددة فيها أن بلادها تواجه، منذ ما يقارب العام، حصارًا جائرًا وإجراءات أحادية، وما أكده وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن بلاده لم تكن “تتوقع” اندلاع أزمة كبيرة بينها وبين السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهو ما يوضح أن الدوحة لم تكن مدركة – بشكلٍ كافٍ – عواقب ما تفعله.(1)
وبات جليًا أن المقاطعة، قد ألقت بظلالها على جميع الصُعد في الدوحة، من الناحية الاقتصادية والسياسية، ومن جهة الرأي العام العالمي؛ بيد أن الدوحة قد بذلت بعض المحاولات لمجابهة ذلك.
تراجع اقتصادي
مع اقتراب الأزمة القطرية من إنهاء عامها الأول، باتت هذه الدولة صغيرة المساحة، الغنية بالنفط والغاز، تسبح في مياه اقتصادية مضطربة؛ وهو ما أكدته تقارير أظهرت مدى الخراب الذي حاق بالاقتصاد القطري جراء المقاطعة؛ وهو ما أوضح مكابرة “تنظيم الحمدين” ومحاولته إخفاء الانهيار الذي تعانيه بلاده جراء مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. فعلى الرغم من علم الدوحة بأن المقاطعة حق سياسي تمارسه كل الدول إذا اقتضت المصلحة ذلك، فإن انتهاج منطق التحريف وتزوير الوقائع يعكس – كما يقول كثيرون – لجوء الدوحة إلى دفن رأسها في الرمال للهروب من الحقيقة. وهذا ما يدفعنا للتوقع أن قطر على وشك انهيار اقتصادي ومالي، ومعاناة أكثر من العزلة الدولية في حال استمرت على نهجها الحالي في دعم الإرهاب، ومساندة إيران والحوثيين في اليمن، وتقديم الرشاوى والأموال والسلاح لضرب أمن واستقرار أشقائها العرب؛ وهذا ما نستنتجه من تقرير حديث صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، كشف بجلاء أن استثمارات قطر في سندات وأذون الخزانة، تراجعت بنحو 1.117 مليار دولار منذ المقاطعة، حتى نهاية مارس الماضي.
ليس هذا فحسب، فما يؤكد الجدوى الاقتصادية لقرار المقاطعة وتضرر الدوحة، هو اضطرارها إلى تسييل 81% من إجمالي استثمارات في أذون وسندات الخزانة الأميركية من مايو 2017 حتى مارس 2018، ولجوئها إلى تسييل أصول تملكها حول العالم، وضخ الأموال الناتجة في القطاع المصرفي المحلي، لإنقاذ العملة المحلية. وما يؤكد حديثنا – أيضًا – هو فقدان البنوك القطرية لنحو 40 مليار دولار من التمويلات الأجنبية منذ قرار المقاطعة العربية. وشهد الريال القطري تذبذبًا في قيمة سعر الصرف أمام النقد الأجنبي.(2)
ويبدو أن فقدان قطر للتبادل التجاري مع الدول الخليجية – الذي كان يمثل محورًا هامًا لاقتصادها – قد أثر بشكل سلبي واضح في الجانب الاقتصادي لها، وأدى ذلك إلى انخفاض قيمة عملتها أمام الدولار؛ بيد أننا نرى أن هروب رؤوس الأموال، وخاصة الخليجية، من الدوحة كان له أثر سلبي كبير على اقتصادها.
ولم تسلم الخطوط الجوية القطرية – أيضًا – من الخسائر الاقتصادية التي ألمت بالدوحة جراء أفعالها المشينة، إذ منيت شركة الخطوط الجوية القطرية بخسارة “كبيرة” في السنة المالية المنقضية بسبب المقاطعة؛ وهو ما تسبب في حظر عمل الشركة في الدول الأربع، حيث منعت الخطوط القطرية من الطيران إلى 18 مدينة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والبحرين ومصر، منذ يونيو الماضي، عندما قطعت تلك الدول علاقاتها مع قطر.(3)
جانب سياسي
إذا اتجهنا للتعريف السياسي، فإنه لا يمكن اعتبار ما يجري حصارًا، بالتعريف القانوني أو السياسي، فالحصار يعرّف على أنه إحاطة منطقة إحاطة كاملة أو مهاجمةمكان وعزله عن المساعدة، وهذا لا ينطبق على ما فعلته الدول العربية مع الدوحة، فالدول المقاطعة أغلقت أجواءها أمام الطائرات القطرية، ولم تغلق أجواء قطر نفسها، ولم تمنع البضائع عن قطر. فما حدث مع الدوحة، ليس حصارًا – كما تدعي – إنما يمكننا تعريفه بمفهوم “المقاطعة” التي جاءت نتيجة وانعكاسًا لأفعالها المشينة، فمن حق الدول الأربعة تأمين حدودها تحسبًا لدخول إرهابيين مدعومين من الدوحة، وهذه المقاطعة هي رد فعل طبيعي ولا يقارن في حجمه وأثره بما فعلت الدوحة من إثارة للقلاقل وزعزعة الاستقرار، فما قامت به الدول الأربع يقع تحت بند “حماية السيادة” وليس “الحصار”.(4)
ويبدو أن الدوحة لم ترتدع بالمقاطعة، وهي مستمرة في دعم الإرهاب وإمداد الحوثيين في اليمن بالأسلحة والأموال، ويتضح هذا من الدعم المقدم من الدوحة لـ”المعهد الديني الحوثي” عن طريق سفارتها بصنعاء بـ50 ألف دولار شهريًا، واستكملت ذلك المسلسل بتقديم سيارات مدرّعة لهم، وتسليم المخابرات القطرية عناصر الحوثي 100 جهاز “ثريا”. ومن الواضح، أن أمير قطر حمد آل ثاني، أبى أن يترك الحكم لابنه من دون اتفاقيات مشبوهة – كعادته – إذ كشفت وثيقة نشرتها صحيفة الوطن السعودية، حقيقة التواصل بينه وبين بدر الدين الحوثي، والد حسين وعبدالملك الحوثي (زعيم الجماعة)، تتضمن حقيقة الدور القطري في الهجوم على الحدود الجنوبية للسعودية.(5)
وبات جليًا أن العالم أجمع، أصبح يعرف قطر أنها دولة راعية للإرهاب، فيبدو أن سلاح المقاطعة كان فعالاً في توضيح ذلك أمام العالم، وكشفت الأيام إصرارها على التمادي في ذلك والاستمرار فيه، على الرغم من تكبدها خسائر عدة جراء المقاطعة.
بيد أن المكابرة القطرية وتماديها في دعم الإرهاب وتسمية المقاطعة بـ”الحصار”، قد أدت إلى إنهاكها واهتزاز صورتها أمام العالم، وانحسار قوتها الناعمة التي كانت تدعيها، وفقدانها للقبول على المستوى العالمي، وشعورها بالانعزال العربي والعالمي. ليس هذا فحسب، وإنما كشفت المقاطعة – أيضًا – عن انكشاف الإعلام القطري وفقدانه لمصداقيته، وفضح أسلوبه وسياساته القائمة على التضليل والكذب، وتسببت في تصنيف قطر كـ”دولة مشبوهة” في المحافل الدولية.
محاولات بائسة
يبدو أن المقاطعة قد جعلت الدوحة تتنازل ولو- درجة بسيطة – عما كانت تفعله في السابق، حيث وقعت مذكرة تفاهم مع أميركا عن تمويل الإرهاب التي كانت ترفض توقيعها منذ سنوات، والتي وصفت بأنها الأولى من نوعها في منطقة الخليج، وتضم مشاركة من كل المؤسسات المعنية في كلتا الحكومتين للتأكد من التعاون في مجالات رئيسية، مثل الأمن والاستخبارات والتمويل. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سمحت الدوحة لمسؤولين أميركيين بأن يكونوا في البنوك القطرية، وغيّرت قوانينها لتسمح باستلام أدلة من خارج قطر، وهو الأمر الذي كانت ترفضه في السابق.(6)
ولعل أبرز محاولات قطر لتعديل صورتها ونفي دعمها للإرهاب، هو اتجاهها لتقليص الدعم الذي تقدمه لمنظمات متطرفة في سوريا وليبيا، أملاً منها في أن يساعد ذلك في إيجاد حل سلمي للأزمة. كما قلّصت الدعم لحماس، وهو ما اضطر الحركة لتسليم غزة للسلطة الفلسطينية والجلوس على طاولة المفاوضات.(7)
توقعات وسيناريوهات مستقبلية
من المتوقع أن يواصل الاقتصاد القطري انهياره، وتواصل العملة القطرية تذبذبها أمام الدولار، نظرًا لفقدان الدوحة التجارة مع دول الخليج، وأن يستمر الاقتصاد القطري في المعاناة من تراجع معدلات النمو التي تراجعت بنسبة تقترب من 60%. كما أنه ليس بعيدًا عن التوقع، استمرار الدوحة وتماديها في دعم الإرهاب، على الرغم من أنها أظهرت – بشكل صوري – عكس ذلك. بيد أنه من المتوقع – أيضًا – أن تواصل الدوحة سياسة “المكابرة” التي تتبعها منذ بداية الأزمة وتتمادى في إظهار المظلومية أمام العالم، والاستناد للولايات المتحدة والارتماء في الأحضان التركية والإيرانية.
وبتحليل المؤشرات السابقة.. يمكننا القول إن هناك عدة سيناريوهات ممكنة لمستقبل أزمة قطر، يتمثل أولها في استمرار الوضع الراهن كما هو عليه، وهذا السيناريو هو الراجح في المدى القصير على الأقل. ويتمثل الثاني في توسيع المقاطعة الاقتصادية لدول الرباعي العربي تجاه الدوحة وفرض المزيد من العقوبات عليها. فيما يشير السيناريو الثالث إلى تعزيز تحالف قطر مع إيران وتركيا والقوى المناهضة والإرهابية مثل الحوثيين؛ الأمر الذي يكلف الدوحة أعباء أخرى، وهو ما يجعلنا نرى هذا السيناريو مستبعدًا في الوقت الحالي. بينما يمكن أن يكون السيناريو الرابع، هو التوصل إلى مقايضة أو حل يرضي جميع الأطراف بين الدول الأربع وقطر، يقوم على تقليص هذه الدول مطالبها مقابل قطع قطر علاقاتها مع “الإخوان المسلمين” وتخليها عن توجيه الدعم للإرهابيين. أما السيناريو الأخير، فهو قبول قطر بالمطالب عقب زيادة العقوبات، أو فرض مزيد من العزلة، وتكبدها المزيد والمزيد من الخسائر الاقتصادية.
وإجمالاً، فإن المقاطعة التي بدأتها دول الرباعي العربي، والتي تصفها الدوحة – زورًا – بالحصار، قد أثمرت عن نتائج عدة، على الجانب الاقتصادي والسياسي والرأي العام، وجعلت العالم يصنف قطر كدولة مشبوهة، إلا أنها لجأت إلى محاولات بائسة لتعديل تلك الصورة. وعلى الرغم من هذا، فإنها تتمادى في دعم الإرهاب وممثليه لزعزعة أمن جيرانها العرب؛ وهو ما يجعلنا أمام عدة سيناريوهات محتملة تتمثل في بقاء الوضع كما هو عليه، أو قبول قطر بمطالب الدول الأربع، أو تعزيز تحالفها مع إيران وتركيا.
وحدة الدراسات السياسية*
المراجع
1- تصريحات قطرية جديدة بشأن دول المقاطعة، سبوتنيك عربي.
2-قطر على حافة الانهيار.. وعقوبات دولية في انتظارها، البيان.
3 – “الوطن القطرية” تعترف بتكبد خسائر سنوية كبيرة نتيجة المقاطعة.
4 -قطر.. حقيقة المقاطعة وأكذوبة الحصار، سكاي نيوز عربية.
5 -وثيقة تكشف دعم قطر للحوثيين لمهاجمة السعودية، بوابة العين
6 -قطر: مذكرة التفاهم حول تمويل الإرهاب هي الأولى من نوعها بالخليج، سي إن إن عربية. https://cnn.it/2hYHtX6.
7 – الجبير: هذه النتائج الإيجابية تحققت بعد مقاطعة قطر،إرم نيوز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر