سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبد الهادي حبتور
في إحدى القرى الصغيرة الواقعة جنوبي شرق اليمن ابتهج سكان القرية البالغ عددهم نحو 150 نسمة بخبر تكفل إحدى الجمعيات الخيرية ببناء مسجداً لهم بعد سنوات من محاولاتهم إيجاد فاعل خير يقوم بهذا الحلم المؤجل لهم.
جاء مندوب الجمعية وعاين موقع بناء المسجد وأخذ كل المعلومات اللازمة لبدء البناء وبالفعل تم بناء مسجد صغير يكفي حاجة أهل القرية، إلا أن فرحة الأهالي لم تكتمل بعد اشتراط المندوب قيام الجمعية بتعيين إمام المسجد من قبلهم لتعليم أطفال القرية القرآن والأحاديث النبوية. إلا أن طلبه قوبل برفض قاطع من السكان وأنهم لا يحتاجون لمسجد بشروط تملأ عليهم.
أمام ذلك رضخ المندوب لإصرارهم وترك الأمر لهم لاختيار من يؤم مسجدهم، وبعد بحث وتقص اكتشف أهل القرية البسطاء أن المسجد تكفلت به جمعية خيرية قطرية وأن هذه سياسة تسير عليها في معظم مشاريعها الخيرية في اليمن.
اعتادت قطر على غزو البسطاء من الناس عبر العمل الخيري خصوصاً في دولة من اليمن يعيش سكانها حياة صعبة في جميع مناحي الحياة، وهو تكتيك يركز على استراتيجية طويلة الأجل للسيطرة على الأجيال الناشئة وسهولة توجيههم وفق الجماعات التي تمولها قطر.
سياسة تمويل الإرهاب عبر القوة الناعمة من خلال الجمعيات الخيرية والمشاريع الإنسانية منتشرة بشكل كبير في اليمن، وما هذه القرية الصغيرة الواقعة أقصى الجنوب الشرقي لليمن إلا مثالاً بسيطاً لكرة الثلج من النشاطات المشبوهة التي تقوم بها قطر للسيطرة على المجتمعات والقبائل اليمنية و إشعال الفتن بينهم.
اعتمدت قطر في تنفيذ هذه السياسة على أذرع يمنية صرفة وهو ما ساعد على انتشار مؤيدوها وأتباعها بشكل كبير، منها جماعات الإسلام السياسي الذي استخدموا شبكة عناصرهم المنتشرة في معظم أرجاء اليمن لخدمة المشروع القطري وانتشاره، لأنه يخدم نفس مشروعهم المتمثل في الوصول للسلطة مهما كانت الوسيلة.
تقارير إعلامية يمنية حديثة كشفت عن نشاط مشبوه تقوم به مؤسسة راف القطرية في مدينة عدن بعد افتتاح مكتب لها قبل ستة أشهر تقريباً، مبينة أن المؤسسة قدمت مبالغ مالية كبيرة تتجاوز 500 مليون دولار بعيداً عن إشراف السلطات الرسمية.
كما لا يخفى الدور القطري في تمويل ودعم أنصار الشريعة (تنظيم القاعدة) في جزيرة العرب، وهو ما عبر عنه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إبان وجوده في صنعاء عندما أشار بأن دولة خليجية تريد جلب إرهابيين لليمن، وكان يقصد قطر بحسب مقربين منه، ومن الأساليب الملتوية التي استخدمتها قطر لإيصال التمويل لعناصر القاعدة هو دفع الفدية للمتطرفين في سبيل تحرير بعض المخطوفين.
ولا يمكن إغفال الدعم الذي تلقاه المتمردون الحوثيون من قطر منذ الحروب الستة التي خاضها الجيش اليمني في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وذلك من خلال الدخول كوسيط بين الدولة والحوثيين، وهو ما مكنها من إيصال ملايين الدولارات للمليشيات في صعدة كل ذلك من أجل زعزعة الاستقرار على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
كاتب صحفي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر