سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كتب: باتسي ويداكوسوارا
مع استعداد بريطانيا لاجتماعات الناتو خارج لندن في الفترة من 3 إلى 4 ديسمبر، أعلن الحلف أنه وافق على إعادة توزيع التكاليف وتخفيض المساهمة الأميركية في ميزانيته المركزية.
وتعدُّ الميزانية المركزية لحلف الناتو صغيرة نسبيًا، حيث تبلغ 2.5 مليار دولار سنويًا، وتغطي معظمها العمليات الخاصة بالمقر والموظفين، لكنها تختلف عن ميزانية الدفاع. وغالبًا ما يشتكي الرئيس الأميركي دونالد ترمب من المشاركة غير العادلة في الأعباء، إذ تساهم تسع دول فقط من الـ29 الأعضاء بنسبة 2٪ من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق الدفاعي للحلف.
وفيما يتعلق بالميزانية المركزية، قال الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرغ” أثناء اجتماع له في باريس: “فيما يتعلق بالميزانية المركزية، ستدفع الولايات المتحدة أقل، وستزيد مساهمة ألمانيا، حيث ستدفع الولايات المتحدة وألمانيا النسبة نفسها”.
الولايات المتحدة تدفع حاليًا نحو 22٪ من ميزانية الناتو المركزية. فبدءًا من عام 2021، ستسهم كلٌّ من الولايات المتحدة وألمانيا بنحو 16٪.
وينظر الناتو أيضًا في اقتراح فرنسي ألماني لإنشاء مجموعة عمل من “الشخصيات المتميزة” لمناقشة سبل إصلاح الحلف ومعالجة المخاوف بشأن مستقبله.
ويُنظر إلى إعلان تخفيض الحصة الأميركية على أنه بمنزلة خطوةٍ لاسترضاء ترمب، الذي يفكر في الانسحاب من التحالف. لكن منذ أعلن ذلك نال قدرًا كبيرًا من الاهتمام تجاه الإصلاحات التي نادى بها.
ووفقًا لما صرح به مسؤول كبير في إدارة الحلف، فإنه في عام 2016، أنفقت أربعة من الحلفاء 2٪ فقط من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع، كما أن هناك حاليًا تسع دول، بما فيها الولايات المتحدة، تحقق هدف 2٪، ومن المتوقع أن تقوم 18 دولة أخرى بذلك بحلول عام 2024، وهو ما يعدُّ تقدمًا هائلاً يمكن أن يرجع إلى العمل الدبلوماسي للرئيس.
صراع مع الذات
سيحاول قادة الدول الـ29 الأعضاء إظهار الوحدة خلال القمة، لكن الحلف يواجه حاليًا تساؤلات حول جدواه وقوة وحدته، خاصة بعد انسحاب القوات الأميركية من سوريا في أكتوبر الماضي، وهي الخطوة التي قام بها ترمب دون الرجوع للناتو.
وفي أعقاب هذا القرار ذهب الرئيس الفرنسي بالقول إلى أن الحلف قد “مات دماغيًا”، وأشار إلى انعدام القيادة الأميركية بمعنى القيادة في جماعة، وهو ما يشبه كون المرء قد خرج وحده، كما يقول “جاري شميت”، المتخصص في شؤون حلف شمال الأطلسي بمعهد أميركان إنتربرايز.
لقد دفع انسحاب القوات الأميركية من سوريا، تركيا إلى شن هجومٍ ضد ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا. وقد دفعت هذه الخطوة “ماكرون” للتعبير عن خيبة أمله إزاء ما يقوله دبلوماسيون فرنسيون بشأن افتقار الناتو للتنسيق على المستوى السياسي، وهو ما أثار الخوف بين الحلفاء من أن الهجوم سوف يقوِّض المعركة ضد مقاتلي تنظيم “داعش”.
في هذه الأثناء، أصبحت الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا تمثل خلفية بالنسبة لعملية عزل ترمب؛ لأن هناك زعمًا أن الرئيس الأميركي قام بحجب مئات ملايين الدولارات من المساعدات العسكرية للضغط على الحكومة الأوكرانية للإعلان عن التحقيق مع نائب الرئيس السابق “جو بايدن”، وهو ديمقراطي ومرشح رئاسي يخوض الانتخابات ضد ترمب.
“كييف” بحاجة للمساعدة ضد عدوان موسكو
إن الصراعين القائمين على الجهة الشرقية والجنوبية لأوروبا من شأنهما أن يزيدا من تعقيد علاقات واشنطن المتوترة بالفعل مع أعضاء الناتو الآخرين. وفي الوقت نفسه، رغم الجهود الأميركية الرامية لطمأنة القادة الأوروبيين بالتزام واشنطن المستمر، فإن القلق لا يزال قائمًا بشأن إهمال الولايات المتحدة لحلف الناتو في ظل رئاسة ترمب، كما يقول “هانز كونداني”، كبير الباحثين في برنامج أوروبا بمعهد تشاتام هاوس.
في هذا السياق يشير “كونداني” إلى عددٍ من المسؤولين الأميركيين الذين طمأنوا الأوروبيين بعدم النظر لتصرفات ترمب بجدية والتركيز على ما يحدث على الأرض، وخاصة التعزيز العسكري للجناح الشرقي للناتو. ومع ذلك، فقد بدأ الأوروبيون يدركون في العام الماضي أن الحلف لا يبدو جيدًا بما فيه الكفاية وأنهم يواجهون حاليًا أزمة في الواقع.
ويأمل البعض منهم، كما يقول “كونداني”، أن يترك ترمب منصبه في غضون عام، لكن الخوف الحقيقي أن يفوز ترمب بولاية ثانية. كما يأمل بعض الأوروبيين في أن تنسحب الولايات المتحدة تدريجيًا من أوروبا إذا لم تتم إعادة انتخاب ترمب.
ردود أوروبية متباينة
تقول “كارين دونفريد”، رئيسة صندوق مارشال الألماني، إن الاحتفال بالذكرى السبعين لحلف الناتو ستشهد انقسامات مهمة بداخل الحلف، ليس عبر المحيط الأطلسي فقط، بل داخل أوروبا أيضًا.
وقالت “دونفريد” إن رؤية باريس تتركز على “الحكم الذاتي الاستراتيجي”، حيث خلُص الكثيرون في فرنسا إلى أن ضمان واشنطن الأمني لم يعد من الممكن الاعتماد عليه. إذ تعمل وارسو على الترويج لعملية “احتضان استراتيجي” لتطوير علاقة ثنائية وثيقة مع ترمب لضمان أمنها، في حين تدعو برلين إلى “الصبر الاستراتيجي”.
بينما تبدو ألمانيا، كما يقول “كونداني”، منقسمة في الوسط بين “الأطلسيين” و”ما بعد الأطلسي”، حيث يجادل الأوروبيون كثيرًا حول هذه الاتجاهات.
وفي ظل هذه الخلفية، يقترب حلفاء الناتو من قمة لندن بشعور بالغ الأهمية، وهم يعلمون جيدًا أنهم يتحملون مسؤولية توضيح الغرض المشترك للتحالف وأهميته المستمرة.
فإذا لم يقوموا بذلك بالفعل، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيرفع كأسًا في موسكو احتفالاً بحالة الحلف المحفوفة بالمخاطر في ذكراه السبعين.
هناك هدف آخر للقمة بالنسبة لمعظم القادة الأوروبيين، يتمثل في تجنب تفجر إحدى الأوراق الرابحة، تمامًا كما حدث في الاجتماعات السابقة.
وقد اكتشف الكثيرون أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال الإطراء؛ إذ يمكنهم التحدث عن كل الأشياء التي قاموا بها ويشيرون بذكاءٍ شديدٍ إلى أن الرئيس ترمب قد ولَّد هذا النوع من الضغط لجعل هذه الأمور تحدث.
كما يمكنهم في الواقع الثناء على الرئيس ترمب، مع أن القيام بهذا صعب عليهم بسبب الاشتباكات الشخصية. وبالتالي، فإن الكثيرين سوف يراقبون لقاءات ترمب مع ماكرون، بما في ذلك اجتماعهما الثنائي، وكذلك مع رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” الذي طالب بأن يتجنب الرئيس الأميركي الحديث عن الانتخابات البريطانية القادمة خلال زيارته المقبلة إلى لندن. ويقول مسؤول في الإدارة العليا إن ترمب يدرك هذا جيدًا، كما يدرك تمامًا ضرورة عدم الخوض في انتخابات الدول الأخرى.
في الوقت نفسه تبرز اشتباكات أخرى محتملة، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة الماضية، إن التحذير من حالة الموت الدماغي، كما يقول “إيمانويل ماكرون”، يعكس “فهمًا مريضًا وضحلًا”، موجهًا حديثه للرئيس الفرنسي، قائلاً: “عليك التحقق مما إذا كنت أنت ميتًا دماغيًا”؛ وهو ما دفع وزارة الخارجية الفرنسية إلى استدعاء سفير تركيا لديها للاحتجاج على ما قاله أردوغان.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر