سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبدالرحمن كمال
صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي على القانون رقم 92 لسنة 2016، والخاص بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، والذي نشر في الجريدة الرسمية الاثنين الماضي، بعد أن أقره مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه واعتراض 4 نواب فقط في جلسته العامة التي انعقدت يوم 14 ديسمبر الجاري.
القانون الجديد يمكن اعتباره شهادة وفاة بشكل قانوني للعمل الإعلامي في مصر، كما يكشف عن الصورة الفعلية للحريات التي تتناقص يوما بعد الآخر، لينفرد النظام الحالي -تاريخياً- باستهداف مباشر للصحافة والإعلام.
بدأ هذا الاستهداف منذ اللحظة الأولى لمولد النظام، بإغلاق القنوات والصحف القريبة من نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، قبل أن تتسع الدائرة لتضم صحفيين كانوا ضمن معسكر المتظاهرين ضد مرسي في 30 يونيو 2013، حتى أن مبنى نقابة الصحفيين الذي يحظى بقدسية كبيرة في نفوس الصحفيين، لم يسلم من هذا الاستهداف، ليكون القانون الصادر مؤخراً بمثابة النهاية المقننة لصاحبة الجلالة بشقيها الصحفي والإعلامي.
القانون عن قرب
القانون المكون من 89 مادة، ما هو إلا خطوة جديدة على طريق كتم الأفواه وتكميم الحريات في مصر، بحسب أغلبية الصحف ووسائل الإعلام المصرية، على اختلاف أطيافها.
ووفق وكالة “رويترز”: “يختار السيسي رئيس وأعضاء مجلس جديد للإعلام بموجب القانون الذي يمنح المجلس سلطة تغريم أو تعليق إصدار المطبوعات أو جهات البث الإذاعي والتلفزيوني، ومنح أو إلغاء تراخيص وسائل الإعلام الأجنبية”.
ويقضي القانون الجديد بتأسيس “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”، الذي يتكون من رئيس وثمانية أعضاء، على أن يقوم رئيس الجمهورية بإختيار رئيسه، إضافة إلى اثنين من الأعضاء “من الشخصيات العامة”.
كما يضم المجلس ممثلين للجهاز القومي لتنظيم الإتصالات (حكومي)، وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار (حكومي)، واثنين من الشخصيات العامة يختارهما البرلمان (الموالي للسلطة التنفيذية)، وأربعة من الصحفيين والإعلاميين ترشحهم نقابتا الصحفيين والإعلاميين، وممثل للمجلس الأعلى للجامعات وممثلا لمجلس الدولة.
نقابة الصحفيين تعترض
القانون الجديد أثار تحفظات نقابة الصحفيين، التي أكدت أنه يكرس تبعية الهيئات المسؤولة عن الصحافة والإعلام للنظام، بالتزامن مع الحملة الشرسة التي يتعرض لها الصحفيون والعاملون في الإعلام.
نقيب الصحفيين يحيى قلاش، أكد في تصريح لوكالة فرانس برس، أن القانون الجديد “ليست فيه ترجمة لفكرة استقلال المؤسسات المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي عن السلطة التنفيذية التي استهدفها دستور 2014”.
وشدد على أن تشكيل المجلس الأعلى للإعلام وفقاً للقانون الجديد يتضمن “ممثلين للسلطة التنفيذية أكثر من الهيئات المنتخبة” منوها أن نقابة الصحفيين قدمت للحكومة منذ عدة شهور “مشروع قانون موحد” للإعلام، يغطي جميع الضمانات والبنود الواردة في دستور 2014 بشأن الحريات الصحفية والإعلامية وتنظيم العمل في هذا المجال، إلا أنه لم يتم الأخذ به.
وكان قلاش، قال قبل أيام من إصدار القانون بشكله النهائي، إن الضمير والتاريخ، سيحاسبان البرلمان لإصداره القانون الموحد للصحافة والإعلام، على شكله الذي تقدمت به الحكومة، مشيرا إلى أن “القانون ينتج عنه تغول للسلطة التنفيذية في العمل الإعلامي، وإجهاض حرية الإعلام والتعبير عن الرأي”.
فيما أكد خالد البلشي وكيل نقابة الصحفيين، أن “القانون الجديد يكرس الوضع القائم بما فيه من سيطرة على الإعلام من خلال إنشاء مجلس تختار السلطة التنفيذية أعضاءه”.
واتفق معهما سكرتير عام النقابة جمال عبدالرحيم، الذي قال إن الهدف من القانون السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة سواء المملوكة للدولة أو الخاصة، والعمل على إخفاء الأصوات المعارضة إعلامياً، لافتا إلى أن جميع العاملين بالإعلام سيصبحون “مَلطشة” للحكومة، ما يعني زيادة الضغط على كافة وسائل الإعلام بدلاً من أن تعمل بحرية، وبالتالي أصبح القانون بديلاً عن وزارة الإعلام في زي جديد.
شباب الصحفيين يحذرون
منذ ثورة 25 يناير، كان الشباب هم الوقود الفعلي للثورة وفاعلياتها على مدار 6 سنوات، وفي أزمة اقتحام مقر نقابة الصحفيين، كان شباب الصحفيين هم وقود حركة التصدي لهذه الكارثة، ما يجعل الشباب الترمومتر الحقيقي لقياس الغضب الكامن في النفوس، والمؤشر الوحيد الصادق لإتجاه الرأي العام.
ومنذ الإعلان عن إقرار القانون، وبمطالعة بسيطة لما يكتبه شباب الصحفيين في مصر على حساباتهم المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضح لنا كم الغضب والإحتقان المنتشر في الوسط الإعلامي.
محمد الأشول، واحد من هؤلاء الشباب، كتب منشورا مطولا عما أسماه “خوازيق” في قانون تنظيم الهيئات الإعلامية والصحفية، مفصلا بعض الكوارث التي اشتمل عليها القانون.
وكتب الأشول: “المادة 3 من القانون: يهدف المجلس الأعلى إلى ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام في إطار من المنافسة الحرة وعلى الأخص ما يأتي:
خازوق 1: حماية حق المواطن في التمتع بإعلام وصحافة حرة نزيهة وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية، وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية… “ماذا تعني الهوية الثقافية المصرية فهي كلمة مطاطة وستظل سيف مسلط على رقاب من يخالف سياسات الدولة أو يعارضها”.
خازوق 2: ضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بمعايير وأصول المهن وأخلاقياتها… “حتى الآن لا يوجد ميثاق شرف صحفي، أو ما ينص على ما يسمى بأصول المهن وأخلاقياتها بل لم ترد أصلا في القانون ما هو المقصود بها”.
خازوق 3: ضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بمقتضيات الأمن القومي… “ماذا يعني بمقتضيات الأمن القومي؟.. هل هي وسيلة لإيقاف ترخيص أي صحيفة أو مؤسسة إعلامية تنشر شيء يعارض الحكومة باعتبار أنه لايلتزم بمقتضيات الأمن القومي”.
خازوق 4: ضمان سلامة مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية والصحفية… ماذا يعني بمصادر التمويل؟!
الفصل الثاني: مادة 4 يباشر المجلس الأعلى اختصاصاته على الوجه المبين في هذا القانون، وله على الأخص ما يأتي:
خازوق 1: تلقي الإخطارات بإنشاء الصحف ومنح التراخيص اللازمة لإنشاء وسائل الإعلام المسموع والمرئي والرقمي وتشغيلها.
خازوق 2: وضع وتطبيق الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقياتها… “كيف يحق لمجلس من 13 عضوا أن يضعوا هذه الضوابط وهم غير منزهين لكونهم تابعين للدولة؟”
خازوق 3 : وضع وتطبيق القواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحفي والإعلامي والإعلاني بالتنسيق مع النقابة المعنية.
خازوق 4: اعتماد قواعد الإستعانة بالخبرات الأجنبية في مجالي الصحافة والإعلام.
خازوق 5: وضع وتطبيق نظام مراقبة مصادر التمويل في الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بما يضمن شفافية وسلامة هذا التمويل ومراقبة تنفيذه… “جهاز أمني أم مجلس لتنظيم الإعلام!”
خازوق 6: منح التصاريح لممثلي الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية بالعمل في جمهورية مصر العربية وتحديد نطاق عملهم، وذلك وفقاً للقواعد التي يضعها، وتحديد المقابل المالي لها بما لا يجاوز 100 ألف جنيه سنويا أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية التي يحددها المجلس.
خازوق 7: تحديد حد أقصى لنسبة المادة الإعلانية إلى المادة الإعلامية والصحفية في جميع وسائل الإعلام والصحف… “لماذا تتدخل في عمل المؤسسات الصحفية والإعلامية وتحدد أسعار الإعلانات؟! بهذه الطريقة الفجة”.
خازوق 8: توزيع الجزاءات والتدابير المنصوص عليها في هذا القانون على من يخالف الإلتزامات الواردة بالترخيص أو التصريح، وذلك وفقا للإجراءات التي تبينها لائحة الجزاءات التي يضعها المجلس الأعلى.
الفصل الثالث: تشكيل المجلس الأعلى:
خازوق 1: رئيس المجلس يختاره رئيس الجمهورية… “تدخل من السلطة التنفيذية يؤثر على حرية واستقلال الإعلام خاصة إنه المجلس المنوط به إلغاء ومنح التراخيص”
خازوق 2: اثنان من الصحفيين يختارهما مجلس نقابة الصحفيين من غير أعضائه… “لماذا لا يتم اختيار اثنين منتخبين من أعضاء المجلس بدلا من اللجوء إلى أشخاص قد يتم اختيارهم بناء على أهواء المجلس والنقيب؟!”
خازوق 3 :اثنان من الإعلاميين يختارهما مجلس نقابة الإعلاميين من غير أعضائه.
خازوق 4: اثنان من الشخصيات العامة وذوى الخبرة يختارهما رئيس الجمهورية… “استحواذ من رئيس الجمهورية على المجلس”
خازوق5 : اثنان من الشخصيات العامة وذوى الخبرة يختارهما مجلس النواب من غير أعضائه…”تدخل من السلطة التشريعية”
خازوق 6: ممثل عن المجلس الأعلى للجامعات من أساتذة الصحافة والإعلام العاملين بالجامعات المصرية… “تدخل من السلطة التنفيذية”
خازوق 7: وتلتزم الجهات المشار إليها باختيار أعضاء المجلس الأعلى وإخطار رئيس الجمهورية بأسمائهم خلال الثلاثة أشهر السابقة على انتهاء مدة المجلس أو بأى تعديل يطرأ على صفاتهم.. ويحدد القرار الصادر بتشكيل المجلس المعاملة المالية لرئيسه وأعضائه بناء على ما يقرره مجلس النواب.
خازوق 8: يجتمع المجلس الأعلى بدعوة من رئيسه مرة على الأقل كل شهر وكلما دعت الحاجة ويجب دعوته إلى الاجتماع إذا طلب ذلك كتابة ثلث أعضائه.. ولا يصح الاجتماع إلا بحضور نصف أعضائه على الأقل.. وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوى يرجح الجانب الذي منه الرئيس.
خازوق 9: يحظر على رئيس وأعضاء المجلس خلال فترة عضويتهم بالمجلس القيام بأى عمل يتعارض مع استقلال المجلس.
خازوق 10: وتلتزم جميع أجهزة الدولة بمعاونة المجلس الأعلى في أداء مهامه، وتيسير مباشرته لاختصاصاته، وموافاته بما يطلبه من بيانات أو معلومات تتصل بهذه الاختصاصات، وذلك دون الإخلال بمقتضيات الأمن القومي.
الفصل التاسع: الجزاءات الموقع على المؤسسات الإعلامية والصحفية.
خازوق 1: 3- منع نشر أو بث المادة الصحفية أو الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة.
الباب الثالث:
الهيئة الوطنية للصحافة:
خازوق 1: تتولى الهيئة الوطنية للصحافة إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتعمل على تطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها، واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد، وتهدف على الأخص إلى ما يأتي:
الفصل الثاني: تشكيل الهيئة 13 عضو “خازوق التشكيل”
1- رئيس الهيئة ويختاره رئيس الجمهورية.
2- ثلاثة من ذوي الخبرة والشخصيات العامة يختارهم رئيس الجمهورية.
3- ممثل عن وزارة المالية يختاره وزير المالية.
4- -أستاذ صحافة من بين اثنين مرشحين يختاره المجلس الأعلى للجامعات.
5- اثنان من ذوي الخبرة والشخصيات العامة يختارهما مكتب مجلس النواب من غير أعضاء المجلس.
6- وتلتزم الجهات المشار إليها باختيار أعضاء الهيئة وإخطار رئيس الجمهورية بأسمائهم خلال الثلاثة الشهور الأخيرة من مدة الهيئة.”. انتهى الاقتباس.
اتفقت الجماعة الصحفية على رفض القانون، وبدأت الدعاوى القانونية تنهال على المحكمة الدستورية للطعن في دستورية القانون، فهل سينحاز القضاء إلى حرية الإعلام؟ أم سيقنن هذه الوفاة؟
صحفي وكاتب مصري *
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر