سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
استحوذت خطة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، على اهتمام إعلامي غربي واسع، ما بين إبراز النقطة الأكثر حضورًا، التي تتعلق بتبديد مخاوف المجتمع الدولي بشأن التطرف، ودعوته لمشاركة المملكة في الحلم الاستثماري والتنموي الذي تخطط المملكة للتحول إزاءه إلى دولة أكثر انفتاحًا على العالم استثماريًا وثقافيًا وسياسيًا، بالإضافة إلى التحول الفكري الذي ينبذ التطرف.
في مجملها، فرضت التصريحات نفسها على الرأي العام العالمي، فبرزت من بين التغطيات الإعلامية، جوانب إيجابية رسمت صورة حديثة للمملكة، التي عرفت على مدار السنوات الماضية بالتشدد في قضايا تتعلق بالمرأة، أو الاختلاط، أو الأمور الترفيهية، بينما جاءت التصريحات لتعلن مرحلة جديدة للمملكة، أثارت انتباه الرأي العام العالمي، وفق ما نقلت صحف كل من: واشنطن بوست، والإندبندنت، وفرانس برس، ورويترز، وغيرها، من وسائل الإعلام والوكالات الدولية.
“نيوم” في المجهر
ظهر ذلك عندما ركزت صحيفة «Gizmodo»، على الفرص الاستثمارية في مدينة “نيوم” التي تمتد ما بين السعودية ومصر والأردن، والتي تشمل خططًا تتعلق بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي جزء من استراتيجية طموح لنقل المملكة العربية السعودية من الاعتماد التاريخي على صناعة النفط، رغم أنها لا تعاني من أزمة أسعار النفط، لكنّها تسعى إلى تنويع مصادر استثماراتها في المستقبل.(1)
رؤية الأمير محمد بن سلمان، فرضت إعجابًا خاصًا لدى كتاب التقارير والتحقيقات والمقالات في الصحف العالمية، الذين أشادوا بمخطط المدينة الجديدة التي ستكون صديقة للطائرات، ومركزًا لتطوير الروبوتات، واعتبارها مكانًا للأحلام والحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد غير تقليدي في العالم، وهي إشادة تعكس في – آن معًا – انبهارًا بالمخطط، ومؤشرًا على تفاعل دولي متوقع مع المملكة لتحقيق حلم المشروع.
النقطة الأبرز التي ركزت عليها صحيفة الجارديان وفي صفحتها الأولى، تمثلت في تصريحات ولي العهد، التي اعتبرتها الصحيفة البريطانية، أكثر وضوحًا من تعليقاته في مؤتمر الإصلاح قبل 6 أشهر، والتي طرح فيها إصلاحات ثقافية وحوافز اقتصادية، وهي التصريحات التي جاءت كدلالة على أن ولي العهد، يسعى إلى توطيد سلطاته لتنفيذ مخططات تنموية طموح.(2)
كما لا يمكن إغفال نقطة أخرى، لا تقل أهمية عن سابقتها، وهي ما ركزت عليه الصحافة العالمية، تتمثل في الحضور رفيع المستوى في المؤتمر الذي كان واضحًا ولافتًا، خاصة مع حضور الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وكريستين لاغارد، ولاري فينك، فضلاً عن محافظي البنوك المركزية، ووزراء المالية الذين وجدوا جنبًا إلى جنب مع المستثمرين الراغبين في إيجاد أسواق واستثمارات جديدة، وهو ما يشير إلى مدى جدية المشروع والرغبة في دعمه خطة المملكة لمرحلة ما بعد النفط.(3)
شخصية ولي العهد
أضف إلى ما سبق، فإن التقارير الصحيفة الدولية أبرزت قوة الشخصية التي يتمتع بها ولي العهد، خاصة عندما يطرح خططًا بهذا الحجم من العمق والأهمية، وفي الوقت نفسه يجري تغييرات على المملكة التي حافظت عليها لسنوات، فضلاً عن انتقاده رجال الدين المتشددين، ورؤية جديدة لانفتاح المملكة على العالم، وهو ما فرض احترامًا دوليًا قبل الانبهار بالفكر الشاب الناضج لولي العهد، الذي يحلم بإقامة مدن للمخترعين وإيجاد فرص للحالمين، وهو ما من شأنه أن يحدث فارقة نوعية في العالم. (4)
مواجهة التطرف
وعرّجت عدة صحف على نقطة بارزة في تصريحات ولي العهد، عندما تحدثت عن نيّة بن سلمان، إعادة بلاده إلى الإسلام المعتدل، ومطالباته للعالم بدعمه من أجل تحويل المملكة العربية إلى مجتمع مفتوح يمكن المواطنين، ويستخدم إمكانيات المستثمرين في الاتجاه الصحيح، وفق ما نقلت صحيفتا الواشنطن بوست الأميركية، والجارديان البريطانية.
كما أن المقارنة التي جاءت في حديث ولي العهد، بين الثلاثين عامًا الماضية والمستقبل المتوقع للمملكة، كانت بارزة في تقرير الصحيفة البريطانية، لا سيما لومه للمذاهب الصارمة التي حكمت المجتمع بسبب الثورة الإيرانية – آنذاك – وعزمه محاربة التطرف والإرهاب في العالم، وهي النقطة التي دائمًا ما أثارت تخوفات المجتمع الغربي من عاصمة الإسلام في العالم، وكيفية التماشي مع التطورات التكنولوجية، أو الحداثة والانفتاح على الغرب.(5)
وانطلاقًا من الزاوية السابقة، برزت أيضًا الجهود التي قامت بها السعودية خلال الفترة الماضية لتحقيق الوسطية الدينية التي تدعم التنمية الاقتصادية، وهما عاملان يُكملان بعضهما البعض من خلال رؤية اقتصادية طموح، وإجراءات تشريعية وأخرى دينية، تحمي رؤوس الأموال التي دائمًا ما توصف بأنها “جبانة”.
وطالت هذه التغييرات، الكثير من المحظورات، مثل: السماح للمرأة بقيادة السيارة، ومحاولة تقليص قوانين الولاية الشرعية التي تتحكم في مشاركة المرأة في المجتمع، وتأسيس مركز إسلامي لتوثيق الأحاديث الصحيحة للرسول عليه الصلاة والسلام.
ولم تغب جزئية المواجهة الفكرية والتطرف عن كافة الصحف الغربية، إذ جاءت مختلفة في شبكة الـ”سي إن إن”، التي أفردت تقريرًا مطولاً عن تلك الجزئية، وأشارت في خضمه إلى أن بن سلمان، كان يقصد عام 1979، وهي السنة المضطربة للمملكة العربية السعودية، حيث قام مقاتلون شيعة شاركوا في الإطاحة بشاه إيران، ومسلحون متطرفون سنة، باحتلال الحرم المكي، فضلاً عن تدشين ثورة قاتلة شيعية في محافظة الأحساء، وهنا يلقي ولي العهد، بعدة إشارات طمأنة، تارة للمستثمرين، وتارة أخرى لرجال السياسة والمجتمع الدولي.(6)
المصالح المشتركة
كما أن التغطيات الصحفية لتصريحات الأمير، كشفت أن المصالح المشتركة، هي رأسمال أي مشروع، ومعيار أساسي لمدى نجاحه أو عدمه، وهي النقطة التي أبرزتها “الجارديان” عندما قالت إن تغيير المملكة العربية السعودية للأفضل، يعني مساعدة المنطقة ومساعدة العالم وتغييره، وهو ما يحاول الأمير بن سلمان القيام به؛ آملاً أن يحصل على الدعم من الجميع، وإزالة التخوفات، خاصة بعدما هاجم الأفكار المتطرفة في المملكة.(7)
كما بدا واضحًا، وفقًا لتصريحات مسؤولين حكوميين وخبراء على هامش الفاعلية، نقلتها صحف غربية، أن ثمة اهتمامًا كبيرًا لدى المجتمع الاقتصادي الدولي بمشاركة المملكة في خطط التنمية، وهو ما يعني أن ولي العهد، يقف على أرضية ثابتة تدلل على مدى الثقة التي تحدث بها خلال المؤتمر، والتي أبرزتها الصحف الغربية باعتبارها وجهًا جديدًا للمملكة.
نتائج
– إزاء ما سبق، فإن الأمير محمد بن سلمان، استطاع أن يحظى باحترام العالم على المستوى الاقتصادي والتنموي، من خلال رؤية اعتبرها الجميع نقلة نوعية للمملكة التي تفكر جديًا في مرحلة ما بعد النفط.
– النقطة الأكثر بروزًا – أيضًا – في التغطيات الغربية، هي الجرأة التي تحدث بها الأمير الشاب عن مستقبل التعامل مع الملف الديني، من خلال القضاء على سنوات اعتبرها لم تكن جدية للتعامل مع المتشددين، خاصة عندما قارن بين الثلاثين عامًا الماضية والمستقبل المتوقع للمملكة؛ لا سيما لومه للمذاهب الصارمة التي حكمت المجتمع بسبب الثورة الإيرانية، وعزمه محاربة التطرف والإرهاب في العالم، وهي النقطة التي دائمًا ما أثارت تخوفات المجتمع الغربي من عاصمة الإسلام في العالم، وكيفية التماشي مع التطورات التكنولوجية، أو الحداثة والانفتاح على الغرب.
– نقطة الالتقاء بين تبديد مخاوف المجتمع الغربي من التطرف الفكري، وبين رؤية التنمية الاقتصادية، هي أن رأس المال دائمًا جبان، ويربط وجوده في البيئة التي تساعده على النمو، وهي تلك التي تكون أكثر انفتاحًا فكريًا وتتميز بالحرية الشخصية والعقائدية.
– كما أن الوضوح الذي بدا في تصريحات الأمير محمد بن سلمان، مقارنة بمؤتمر الإصلاح الاقتصادي قبل 6 أشهر، كان زاوية أخرى لفتت انتباه الصحف الغربية، كما دللت على أن ولي العهد، عازم على مواجهة شرسة لتنفيذ حلمه.
– أضف إلى ما سبق، فإنّ التغطيات الإعلامية الغربية كانت محكومة، في كثير من الأحيان، بالمصالح المشتركة، وهي رأسمال أي مشروع، ومعيار أساسي لمدى نجاحه أو عدمه، وهي النقطة التي برزت في تقارير بعض الصحف، التي قالت إن تغيير المملكة العربية السعودية للأفضل، يعني مساعدة المنطقة ومساعدة العالم، لا سيما مع المنطقة الجغرافية التي اختيرت للمشروع.
– وفيما اهتمت الصحف بالتحولات السياسية والدينية والانفتاح الاقتصادي، فإن مستوى الحضور رفيع المستوى واللافت للانتباه، يشير بوضوح إلى مستقبل تلك الخطة والرؤية، وإمكانية أن تحظى بدعم واحترام من المجتمع الدولي.
المصادر
2- https://www.theguardian.com
4- https://www.theguardian.com
5- https://www.theguardian.com
7- https://www.theguardian.com
وحدة الرصد والمتابعة*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر