في دخول الوادي لأتون التشابك بين الدولة وجماعات العنف | مركز سمت للدراسات

في دخول الوادي لأتون التشابك بين الدولة وجماعات العنف

التاريخ والوقت : الإثنين, 10 أبريل 2017

محمود شعبان

 

جاء استهداف تنظيم الدولة الإسلامية لاحتفالات الأقباط في مصر ، وقتله 44 شخصاً في كنائس مختلفة ، فضلا عن إصابة العشرات ، مؤشرا جديدا في صراع التنظيم المتطرف مع النظام المصري.
ففي 19 فبراير الماضي، أصدر تنظيم أنصار بيت المقدس،الذي أعلن بيعته لتنظيم الدولة الإسلامية في نوفمبر 2014 , فيديو تبني استهداف الكنيسة البطرسية.. الفيديو ظهر فيه 3 متحدثين، دعا أحدهم إلى استهداف الأقباط قائلا : استهدفوا الأقباط وادفعوهم داخل دائرة الصراع.وكانت هذه الكلمات مصحوبة، بصور لمشاهد ذبح الأقباط في ليبيا.
كانت بداية الصدام الحقيقي بين التنظيم والسيسي باستخدام ورقة الأقباط ، خارج الحدود المصرية، من خلال ذبح 21 قبطي في ليبيا ، وهو ما كان إشارة البدء من التنظيم بأن الأقباط باتوا تحت سيف التنظيم وعلى الرغم من القصف الذي قام به طيران السيسي في مدينة درنة الليبية تحت عنوان استهداف عناصر التنظيم ، إلا أن الرد في النهاية لم يكن مناسبا على قدر الحدث وهو ما أعطى انطباعا للتنظيم بأن الدولة المصرية لن تلتفت كثيرا إلى قتلاها من الأقباط ، وهو ما دفع التنظيم الى نقل معركته ضد الأقباط إلى داخل الوادي ، بداية من القاهرة والغربية والإسكندرية.

تمدد تنظيم الدولة في مصر ضد الأقباط في العمليات المسلحة يتوقف على عدة اعتبارات ، منها أن التنظيم يحاول تجييش العواطف الدينية لدى المسلمين في مصر ، واللعب على موقف الأقباط السياسي من الأزمة في مصر خاصة مع انضمام الأقباط إلى السيسي في موقفه من الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من سدة الحكم .
وكما لعبت ولاية سيناء على مشاعر الكره لدى أهل العريش ورفح مع تزايد الانتهاكات بحقهم من جانب الجيش والتهجير الذي تم بحق منازلهم ،مستغلا ذلك في خلق حالة من الحاضنة الشعبية ، حاول أيضا خلق هذه الحالة لدى قطاعات كبيرة من الملتزمين والمتدينين في الوادي والذين يقفون على أقصى يسار السلطة الحالية.
وعلى الرغم من أن التنظيم استغل مظلمة رابعة العدوية والانتهاكات التي تمت بحق الإسلاميين في مصر من جانب الجيش، إلا انه في الوقت نفسه لم ينكر التنظيم موقفه الواضح من الإخوان المسلمين باعتبارهم مرتدين وخائنين ، حيث بث ولاية سيناء تسجيلاً مرئياً بعنوان “لهيب الصحراء”، في 2016 نشر فيه مقاطع لبعض من عملياته التي يشنها ضد قوات الجيش والشرطة بسيناء، ويتهم فيه الإخوان المسلمين بالخيانة.
واتهم الفيديو جماعة الإخوان المسلمين بالخيانة والكفر، في مقابل من وصفهم بـ”رجال الخلافة”، الذين سطروا الملاحم بصناديق الذخيرة، وليس بصناديق الانتخابات، بحسب الفيديو.

إذا إطار الصراع بين الدولة الإسلامية والجيش المصري ليس الإخوان بطبيعة الحال إلا انه لا يستطيع تجاهل الشريحة الكبيرة التي تدعم الإخوان في مصر محاولا جذبهم إلى ملعبه المسلح خاصة في ظل انتقال العشرات من شباب الإخوان إلى سوريا والعراق وسيناء بعد فض اعتصام رابعة العدوية للقتال تحت راية التنظيم.
اختيار التوقيت لا ريب له دلالات هامة في حالة التشابك الداخلية في مصر حاليا، على رأسها الزيارة التي أجراها السيسي إلى واشنطن ولقاؤه بدونالد ترمب ، وظهور السيسي كما لو حصل على الدعم المطلق من الإدارة الأمريكية في حربه على ما يسميه دائما الإرهاب. الأمر الآخر هو احتفالات المسيحيين في مصر وهو ما يعتبر صيدا ثمينا للمسلحين في استهداف اكبر عدد ممكن من الأقباط وقتلهم.

ورقة الملف الأمني والتي أقدم عليها السيسي في مواجهة التنظيم داخل الوادي لن تجدي نفعا ، حتى وان استمرت حالة الطوارئ عشرات الشهور وليس 3 شهور كما وافق البرلمان المصري ظهر اليوم ، لأسباب كثيرة على رأسها أن السلطات المصرية لم تتوقف منذ فض رابعة عن استهداف مناوئيها سواء بالاعتقال أو الرصاص ومع ذلك لم تتوقف عمليات الاستهداف المتكررة من جانب التنظيمات المسلحة للأجهزة الأمنية ، ثانيها أن حالة السعار الأمني سوف تخلق المزيد من التعاطف مع هذه التنظيمات ، واخطر ما في الأمر هو أن نزور قوات الجيش والداخلية إلى الشارع بكثافة من اجل تأمين المنشآت الحيوية سوف يجعلهم لقمة سائغة لرصاص وقنابل العناصر المسلحة ، وسوف يسهل عمليات الاستهداف بشكل اكبر مما تظن الدولة المصرية حيال تعاملها مع العمليات المسلحة.

باحث سياسي مصري*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر