فهم الرحلة الخطرة من “بوكو حرام” إلى إعادة التأهيل | مركز سمت للدراسات

فهم الرحلة الخطرة من “بوكو حرام” إلى إعادة التأهيل

التاريخ والوقت : الأحد, 10 مايو 2020

فونتيه أكوم ومالك صموئيل

 

توصلت الأبحاث التي أجراها معهد الدراسات الأمنية إلى أن العمليات العسكرية في حوض بحيرة تشاد، ساهمت في استسلام متشددي “بوكو حرام” من القادة في المستويات الوسيطة والقاعدية. وربَّما تعني الزيادة الأخيرة في الضربات العسكرية بعد عملية تشاد في منطقة “بوما راث”، منتصف أبريل، ونقل قائد الجيش النيجيري الجنرال “توكور يوسف بوراتاي” إلى الشمال الشرقي، المزيد من الاستسلام بين قادة الجماعة المتشددة.

فقد حدَّ العمل العسكري من وصول “بوكو حرام” إلى الإمدادات المهمة، وأسفر عن وقوع هزائم معنوية وإحباط بين أعضاء الجماعة، وتفاقم ظروف المعيشة للإرهابيين والمدنيين في المناطق المتضررة، ما يدفع أفراد الجماعة للانسحاب.

ويشير المقاتلون السابقون إلى المقاتلين والقادة من المستويات المتوسطة​​، في حين مساعدوهم السابقون هم أولئك المحاصرون أو الذين يقيمون طواعية في المناطق التي تحتلها “بوكو حرام” لتقديم الدعم اللوجستي للجماعة. فقد ادعى معظم القادة السابقين الذين قابلتهم وكالات الأنباء العالمية في جميع دول حوض بحيرة تشاد، أنهم أعضاء في جماعة “بوكو حرام” التي يتولى قيادتها “أبو بكر شيكاو”، والمعروفة أيضًا باسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”.

وبغض النظر عن انتمائهم، فإن الرحلات الفردية من فك الارتباط إلى إعادة التأهيل غالبًا ما تكون محفوفة بعدم اليقين. ويمكن أن تساعد عمليات نزع السلاح والتسريح والتأهيل وإعادة الإدماج في استقرار منطقة حوض بحيرة تشاد بشكل عام، لكنه من المتعين أن نفهم بشكل أعمق كيفية مشاركة الأفراد في مراحل محددة من العملية.فالكثيرون يخشون أن يتم قتلهم على أيدي عملاء الأمن في حالة استسلامهم أو الكشف عن أدوارهم في جماعة “بوكو حرام”.

فأسباب الخروج من هذه الجماعة معقدة ويغلب عليها الطابع الشخصي، ذلك أنها تبدو مدفوعة بقصص وروايات مختلفة عن الظروف المحفوفة بالخطر واليأس. فإلى جانب الضغوط العسكرية، يقول المعاونون السابقون إنهم في حالة إحباط من جانب “بوكو حرام” بسبب وحشيتها والمنافسة الداخلية بين صفوفها، لكنهم رغم ترك الجماعة، فإنهم لم يتنصلوا من أيديولوجيتها بالضرورة.

فالعديد من الأفراد، وبخاصة النساء، تركن الجماعة بسبب ظروف معيشتهن المؤسفة، أو بسبب وفاة أزواجهن. وعلى الرغم من أن الكثيرين يدعون أنهم أجبروا على الانضمام، فإن هناك أيضًا مجندات طوعيات، حيث يتم تشجيع العديد منهن على أن يتحولن إلى انتحاريات، أو الزواج مرة أخرى بعد الطلاق أو وفاة الزوج. وقد يؤدي رفض هذه الخيارات إلى الاحتجاز والعقاب. وبالتالي، فإن العروض التي تقدمها بعض دول حوض بحيرة تشاد بالاستسلام لإعادة التأهيل يوفر لهن فرصة للهروب.فالرحلة الخطرة من “بوكو حرام” إلى إعادة التأهيل تتطلب الصبر والتخطيط السليم والتنفيذ. إذ يعاقب على حالات الفرار الفاشلة في الغالب بالإعدام، لذلك يبحث المعاونون السابقون عن خيارات تضمن سلامة الإجراءات والأمان وإعادة الإدماج.

وفي شمال شرق نيجيريا، مركز ثقل ووجود “بوكو حرام”، تحدد البحوث الجارية ثلاثة مسارات رئيسة لفك الارتباط أو الاستسلام، والعودة الخفية للمجتمعات التي لم تكتشفها قوات الأمن، وكذلك الاندماج مع المدنيين الهاربين. فهاتان الفئتان الأخيرتان يظلان في الخفاء خوفًا من أن يُقتلوا على أيدي عملاء الأمن إذا استسلموا أو انكشف أمرهم.فقد عبر العديد من الحالات التي أُجريت معهم مقابلات أن الظروف في منطقة “جيوا باراكس” جعلتهم يفقدون الأمل ويأسفون على الاستسلام.

وفي الكاميرون وتشاد والنيجر، استخدم عملاء “بوكو حرام” السابقون عائلاتهم كقنوات لتسهيل عمليات الحجز الإداري. فالبعض منهم عملوا كقنوات مراقبة محلية في النيجر، ولجان مراقبة في الكاميرون، وسلطات تقليدية وإدارية في تشاد. كما قام البعض منهم بتسليم العملاء للسلطات للفحص والمعالجة.

وفي الرحلة من الفرار إلى إعادة التأهيل، يجد الأفراد الفرصة سانحة لأن يدخلوا في إطار علاقة تعاقدية غير محددة. إذ لا تُبلغ قوات الأمن دائمًا العملاء السابقين بحقوقهم ومسؤولياتهم، أو ما ينتظرهم، لدرجة أن الكثيرين يعتقدون أنه سيتم إعدامهم.

وفي نيجيريا، يمر أولئك الذين المقبلون على عملية إعادة التأهيل من خلال عملية ممر آمن عبر ثكناتمدينة “جيواGiwa “المخصصة للفحص والاحتجاز في ولاية “بورنو” التي تديرها لجنة التحقيق المشتركة. وتتألف اللجنة من محققين ومدعين عامين، وتحدد أهلية الأشخاص للتخلص من الأفكار المتطرفة وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.

هنا يتم إرسال الأعضاء المعرضين للخطر، بما فيهم كبار القادة، إلى مركز احتجاز للمحاكمة. أمَّا المعتدلون، ومنهم جنود المشاة والقادة من المستويات المتوسط​​، فيذهبون إلى عملية مواقع خاصة لإعادة التأهيل. في حين يُفرج عن معظم المدنيين الذين يُقبض عليهم خلال العمليات العسكرية في حالة تبين براءتهم أمام السلطات فيتم نقلهم لمواقع إعادة التأهيل.

وخلال المقابلات التي أُجريت مع بعضهم قال عدد منهم إن الظروف في “جيوا باراكس” جعلتهم يفقدون الأمل ويندمون على الاستسلام. لكن الجيش النيجيري يشكك في هذا الادعاء، إذ يؤكد على أن العديد من الأشخاص يواصلون الاستسلام يوميًا.لكن 10 فقط ممن خضعوا لعملية الممر الآمن والبالغ عددهم 800، كانوا من النساء. ذلك أن واقع العملاء السابقين يختلف بحسب خبراتهم، وهو أمر طبيعي ومنطقي نظرًا لتعقيد وتنوع البرامج العاملة والتبعية في التعامل معهم. فعملية الممر الآمن هي في الأساس برنامج متعدد القطاعات يضم 17 وكالة حكومية تدير مشاريع محددة. وكلها تُدار من قِبَل الحكومة الفيدرالية وتقدم بشكل أساسي عملية المرور الآمن وإعادة التأهيل لأعضاء “بوكو حرام” من الذكور الذين يستسلمون.

ويقدم مركز “بولونكتو” لإعادة التأهيل الذي تديره ولاية “بورنو” خدماته للنساء والأطفال، ولكن ليس على نفس المستوى من التنظيم والبنية التحتية والاهتمام الذي يقدم لعملية الممر الآمن. فمعسكر “شوكوري” بمدينة ميدوجوري من خريجي عملية الممر الآمن. وفي النيجر، قام مخيم “غودوماريا” بتخريج الدفعة الأولى من أفراد “بوكو حرام” السابقين الذين استسلموا، سواء من الذكور أو الإناث في شهر ديسمبر 2019. ولا تزال برامج إعادة التأهيل معلقة في الكاميرون وتشاد.

ويقول عملاء “بوكو حرام” السابقون إن عدم اليقين في لجان الفحص والمعالجة يثير السخط والخوف، وهو ما لا يضمن تشجيعًا للأفراد الآخرين على مغادرة الجماعة. كما أن ما “يزيد الطين بلة” أن شهاداتهم عن انتهاكات حقوق الإنسان تغذي عمليات التجنيد في الجماعة المتطرفة.كما أن إعادة التأهيل تحتاج أيضًا إلى توفير الأدوار المحددة التي تمارسها النساء في “بوكو حرام”. ويتعرض الأطفال في منطقة حوض بحيرة تشاد للعنف، وأحيانًا يتم تجنيدهم قسرًا لارتكاب هجمات. كما أن عدم وجود استجابات كافية لإعادة تأهيل الأحداث أمر مثير للقلق أيضًا.

أخيرًا، فإذا كان تشجيع المقاتلين والمشاركين على مغادرة “بوكو حرام” هو استراتيجية للمساعدة في استقرار المنطقة، فيجب أن تؤخذ الخطوات المختلفة في الرحلة من فك الارتباط إلى إعادة التأهيل على محمل الجد. وهو ما يتطلب إيلاء المزيد من الاهتمام لمراحل الفحص والمعالجة، فضلاً عن توفير برامج مصممة خصوصًا للنساء والأحداث.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مركز الدراسات الأمنية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر