تتصدر فنزويلا عناوين الأخبار مؤخراً في ظل الأزمة الحالية التي تمر بها.. فنزويلا تترأس الدورة الحالية لعام 2019 لمنظمة أوبك وهي دولة مُؤسسة للمنظمة.. أسواق النفط تبدو هي المتأثر الأكبر لأزمة فنزويلا وهو ما يضع الكثير من الاهتمام الاقتصادي لما يدور في الدولة الجنوب أميركية، أضلاع الأزمة ليس اقتصادياً فحسب بل هناك الكثير من العوامل المهمة في قراءة ما يدور في فنزويلا.

النظام العسكري البوليفاري الثوري يكاد يكون حجر الزاوية في الأزمة نظراً لما آلت إليه مؤشرات الاقتصاد والحالة الاجتماعية الصعبة، الارتباط بين النظام الحالي مع النظام الثوري الآخر في الجارة كوبا لم يجعل من السهل التغلب على التحديات الاقتصادية، ونسب التضخم تواصل ارتفاعها إلى مستويات قياسية في وضع اجتماعي صعب للغاية وضع ما يقارب 92 % من الشعب الفنزويلي تحت خط الفقر وهو ما دفع الكثيرين للهجرة للبلدان المجاورة وصل إلى أكثر من 2.3 مليون مهاجر، في أزمة إنسانية إقليمية.

الوضع بات أكثر تعقيداً بتواجد قوى متعددة على الأراضي الفنزويلية فمن جهة تتواجد الولايات المتحدة الأميركية في مشروعات نفطية حساسة كالمصافي وحقوق الإنتاج المشترك في الحقول الفنزويلية مع الشركات الأميركية النفطية الكبرى، روسيا بدورها تتواجد ميدانياً بشركاتها النفطية الكبرى واتفاقيات إنتاج مشترك أيضاً من الحقول الفنزويلي، الصين والهند وهما أكبر الزبائن للنفط الفنزويلي لهما مصالح كبرى في فنزويلا بتقديم التسهيلات البنكية والتدفقات المالية للحفاظ على الامدادات الفنزويلية.

هذا التواجد ليس نفطياً فحسب فالكثير منها يعدّ تواجداً استراتيجياً ولوجيستياً، روسيا على سبيل المثال مهتمة بالتواجد القريب من الأراضي الأميركية خصوصاً مع الفتور الكبير بين روسيا وكوبا مؤخراً، وروسيا مهتمة بالتواجد في فنزويلا تماماً بذات القدر الذي تهتم فيه الناتو بالتواجد في أوكرانيا، الصين حريصة على الانتشار في القارة الجنوب أميركية من خلال التواجد في البرازيل والأرجنتين والبيرو إلا أن النظام الشيوعي الفنزويلي هو الأقرب للمصالح الصينية.

الإنتاج الفنزويلي ما قبل الأزمة كان يقترب عند 3.2 ملايين برميل يومياً، مؤخراً انحدر الإنتاج إلى 1.3 مليون برميل يشكل معظم الإنتاج نصيب الشركات الأميركية المُشغلة للحقول، ليست الأهمية في كميات الإنتاج بل في الخصائص الفيزيائية للخامات الفنزولية الثقيلة التي تشكل جزءاً مهماً من الخليط المطلوب لتشكيل خليط متوازن للمصافي التي تبحث عن الخامات الثقيلة في ظل الوافر الكبير من الخامات الخفيفة في الأسواق خصوصاً في وقت تحمل الكثير من الدول المنتجة للخامات الثقيلة نسبة عالية من الخفض المتفق عليه في اتفاقية أوبك.

العقوبات المفروضة على فنزويلا تصعب الوضع الحالي في البلاد فهي تشمل التجارة والبنوك والسلع. محاولات فنزويلا الخروج من القيود المالية باستخدام العملات الرقمية لم تسعف الاقتصاد المحلي، كما أن الأوضاع الأمنية لا تجعل من الأوضاع الاجتماعية تتجه إلى أي حل قريب.